روسيا في مالي .. حدود الدور في مساندة حكومة باماكو
تطورات متلاحقة تشهدها دولة مالي في الأيام الأخيرة عقب اندلاع المواجهات المسلحة بين قوات الجيش المالي ومتمردي الطوارق فى منطقة تينزواتين الواقعة على الحدود مع الجزائر , وبرز في هذه التطورات الدور الذي تقوم به روسيا في دعم مؤسسات الدولة المالية في حربها ضد الإرهاب .
محللون وخبراء في الشؤون الأفريقية تحدثوا إلي مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر , مؤكدين أن موسكو ظلت حاضرة بقوة في تعاونها مع الحكومة المالية في باماكو , مشيرين إلي التهديدات التي تواجهها دولة مالي سواء من الجماعات الإرهابية المتطرفة ومتمردي الطوارق .
حاضرة بقوة
ويقول الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية ” بلا شك موسكو ظلت حاضرة بقوة في تعاونها مع الحكومة في باماكو لا سيما بعد الاطاحة بنظام بوبكر كيتا في العام 2020 , مضيفا ” أن هذا التعاون مستمر ووصل إلي ذروتة مؤخرا عندما أعلنت باماكو أن الحكومة المالية تعاون مع الجيش الروسي مثل فاجنر والفيلق الأفريقي .. وأعتقد أن هذه المؤسسات ظلت تعمل بتنسيق تام مع الحكومة المالية ولا سيما مع الجيش المالي .
وأشار الخبير في الشؤون الأفريقية إلي أن مالي تعاني من تهديدات مشتركة , لافتا الي أن التحدي الأول هو محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش وغيرها من الجماعات المتطرفة , والتحدي الثاني هو مواجهة التنظيمات السياسية ذات الطابع العسكري مثل حركة تحرير ” ماسينا ” أو الأزواد .
وأكد الدكتور محمد تورشين أن الدعم الروسي للحكومة المالية سيتسمر لأنه مدخل لاستمرار دعم كثير من دول المنطقة في هذا المسار , وقال ” بمعني أنه اذا نجحت موسكو في تحقيق مصالحها في منطقة الساحل الأفريقي وتحديدا في مالي سيفتح الباب لكثير للتعاون والتعاطي بشكل جاد مع موسكو لذا أعتقد أن هذه المسألة ستكون علامة فارقة لاستمرار الدعم الروسي بشكل غير منقطع النظير وربما ستتدخل أطراف أخري مثل تركيا التي تعتبر من أهم الدول التي تمتلك سلاح المسيرات , كما أن إيران يمكن أن تكون حاضرة .
وردا علي سؤال بشأن محاولات الاعلام الغربي تضخيم الهزيمة الاخيرة للجيش المالي في إحدي المعارك في شمال مالي .. هل هي محاولة غربية لإيصال رسالة بأن روسيا لن تستطيع تقديم المساعدة المطلوبة لدول الساحل في حربها ضد الارهاب ؟ , قال الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية ” بالفعل بعد المعارك الأخيرة في شمال مالي , هناك محاولات من كافة وسائل الإعلام خاصة الغربية وتصوير الهزيمة التي تلقاها الجيش المالي وقوات فاجنر أنها هزيمة نكراء ولم تكن متوقعة , لكن أنا في تقديري هذا الحديث غير صحيح , فمن المعروف أن الحروب عبارة عن معارك , ومعروف أن طبيعة المنطقة و الجغرافيا دائما تقف مع أصحاب الأرض .
زمام الأمور
واعتبر الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد شريف جاكو أنه بالرغم من الانتصار الذي حققه متمردي الطوارق علي الجيش المالي مؤخرا الا أنها لم تستطع أن تمتلك بيدها زمام الأمور , وقال ” لا نستطيع أن نقول أن حركة أزواد أخذت زمام الأمور بيدها وحققت انتصارا كبيرا علي الجيش المالي .
وأكد جاكو أن دولة مالي تمتلك قوة عسكرية كبري , وهي الأقوي عسكريا في غرب أفريقيا بعد نيجيريا , مشيرا الي وجود دعم كبير من دول منطقة الساحل ” بوركينا فاسو والنيجر ” لمالي في حربها ضد الجماعات المتمردة والإرهابية .
وذكر الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أنه لا تزال هناك فرص كبيرة لدي الجيش المالي لإعادة ترتيب الأوراق من جديدة ووضع استراتيجية جديدة لحربة ضد الجماعات المتمردة والارهابية , مضيفا ” حتي روسيا يمكنها ترتيب بعض الأوراق من جديد حتي لا تتكرر مثل هذه الأحداث مرة أخري .
تمرد الطوارق تاريخيا
أشار الخبير والمحلل السياسي التشادي الدكتور حسن كلي ورتي إلي ان دولة مالي تعاني من الحركات الانفصالية خاصة حركة الازواد منذ العام 1958 قبل استقلال مالي , لافتا الي أن هذه الازمة لم تستطع الدولة والسلطة المركزية في دولة مالي أن تجد لها حلا سلميا .
وقال الدكتور حسن كلي ورتي ” صحيح أن هناك اتفاقيات تم توقيعها بين الطرفين لكنها لم تحقق الهدف المطلوب وبالتالي سرعان ما يعود التوتر من جديد وتندلع المواجهات العسكرية من جديد .
وأوضح الخبير والمحلل السياسي التشادي أنه عقب ثورات الربيع العربي خاصة عقب انهيار الدولة الليبية ودخول أسلحة ثقيلة وخفيفة بشكل مكثف بشكل كبير جدا في شمال مالي , الأمر الذي ساهم في دفع جماعة الطوارق للمطالبة بالانفصال من جديد عام 2012 , وسرعان ما اندلعت المواجهات العسكرية من جديد بين الجيش المالي ومتمرد الطوارق .
وأشار الدكتور حسن كلي ورتي إلي دخول أطراف دولية علي خط هذه الأزمة , لافتا في هذا الصدد الي التدخل الفرنسي واطلاق عملية ” سرفال ” , كما نوه الي دخول الجماعات الارهابية والمتطرفة إلي المنطقة بالتنسيق مع جماعة ” الطوارق ” .
وأكد ورتي أن تلك الحرب امتدت الي عقد من الزمن ولم تنته بعد , لافتا الي الاتفاقية الاطارية التي تم توقيعها في الجزائر بين الحكومة المالية وجماعة الطوارق لكنها لم يتم تنفيذها علي الأرض ولم تؤت ثمارها , ومؤخرها قبل أقل من اسبوعين اندلعت الحرب مرة أخري بين الجيش المالي بالتعاون مع قوات فاجنر أو الفيلق الأفريقي ” ضد جماعات الطوارق , مشيرا الي الاتهامات المتبادلة بين الجانبين بالمسؤولية عن اندلاع الحرب , حيث يتم كل طرف الآخر بأنه المسؤول عن اندلاع المواجهات العسكرية .
لقراءة التقرير إضغط هنا
اقرأ المزيد
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.