حركة التبادل التجاري بين نيجيريا و النيجر تشهد اوقاتا صعبة بسبب ” العقوبات ” و اغلاق الحدود
على الرغم من مشاعر التعاطف العرقي بين قبائل الهوسا التي تعيش في شمال نيجيريا و جنوب النيجر و حالة التشابك الاجتماعي و الثقافي و ما خلقته تلك المشاعر من تعاطف ” غير مرحب ” بالتدخل العسكري لدحر الانقلابيين فى النيجر ، تظهر اعتبارات أخرى ذات طابع اقتصادي و تجاري من الصعب تجاهلها عند احتساب معادلة الرفض او التأييد الشعبي في مناطق الشمال النيجيري لأي عمل عسكري يقرره قادة دول تجمع ايكواس ضد النيجر .
و يقول الخبراء انه نظرا لضخامة مقومات الاقتصاد النيجيري ، وكذلك لتشابك الروابط الحدودية و العرقية و القبلية بين شمال نيجيريا و جمهورية النيجر مقارنة بسائر الدول الاعضاء فى ايكواس ، ستصبح تبعة تنفيذ الجانب الاعظم من العقوبات الاقتصادية المفروضة اقليميا على النيجر ملقاه على عاتق نيجيريا ، وفى المقام ذاته ستكون تبعات تلك العقوبات و اثارها العكسية اكثر ضررا فى وقعها على نيجيريا بصورة تفوق وقع ضررها على النيجر .
يقدر حجم التبادل التجارى عبر الحدود بين شمال نيجيريا و جنوب النيجر بنحو 226 مليونا و 340 ألف دولار أمريكى وهو حجم كبير يجعل من الصعب المغامرة بالتضحية ” الى الابد ” به اذا كانت ألة الحرب هي الخيار الأخير الذي لا مفر منه لإزاحة الانقلابيين فى النيجر .
إلا ان الخبراء و المراقبين يرون ان العقوبات الاقتصادية التى بدأت مع الساعات الأولى من شهر أغسطس الجاري بموجب قرارات قمة قادة دول ايكواس الأولى فى الثلاثين من يوليو الماضى ، قد هددت بالفعل المصالح التجارية المشتركة لمناطق الحدود بين شمال نيجيريا و جنوب النيجر و خلقت اوقاتا صعبة بالنسبة لها ، حتى و قبل ان تبدأ ألة الحرب عملها كما هو مرتقب .
و كانت نيجيريا قد نفذت مبادرة بمعاقبة الانقلابيين فى النيجر بقطع امدادات الكهرباء لها و اغلاق الحدود معها اغلاقا كاملا تنفيذا لمقررات قمة الايكواس ، كما شرع بنك نيجيريا المركزى فى تجميد الارصدة المالية ذات الصلة بمنفذى انقلاب النيجر و اقاربهم و كافة المؤسسات الداعمة لهم ، الا ان اصواتا من نيامي خرجت لتؤكد ان العقوبات النيجيرية لم يذق مرارتها سوى شعب النيجر وليس من قاموا بالاطاحة برئيس البلاد محمد بازوم .
و اعترف بشير أديينى المراقب العام للهيئة الجمارك الاتحادية فى نيجيريا ان العقوبات التجارية و اغلاق الحدود بين نيجيريا و النيجر يضيع على الخزانة العامة النيجيرية ايرادات ضخمة نتيجة توقف تحصيل رسوم المرور و الجمارك للتجارة و الافراد العابرين للحدود بين نيجيريا و النيجر .
و ارسل المراقب العام لهيئة الجمارك النيجيرية كتابا الى مجلس النواب الوطنى يبلغهم فيه ” مقدما ” بالتداعيات المترتبة على اغلاق الحدود بين شمال نيجيريا و جمهورية النيجر و اصفا الامر بأنه ” وكأن نيجيريا تعاقب نفسها بسبب هذا الاغلاق بقدانها لما تتمتع به من مزايا فى التجارة مع النيجر ” .
وقال المسئول النيجيرى فى كتابه انه من اصل 226 مليونا و 340 الف دولار امريكى تمثل قيمة التجارة العابرة بين نيجيريا و النيجر سنويا تصدر نيجيريا بما فيمته 91ر192 مليون دولار الى النيجر و تستورد منها بما قيمته 43ر33 مليون دولار امريكى وهو ما يؤكد ان ميزان التجارة يتميل دائما لصالح نيجيريا .
و كانت نيجيريا قد سبق لها ان اغلقت حدودها مع النيجر بصورة جزئية فى العام 2019 فكان نتاج ذلك ان تراجعت قيمة التجارة العابرة بين البلدين بنسبة 76ر78 % بحلول العام 2020 من 98ر85 مليون دولار امريكى الى 27ر18 مليون دولار امريكى .
و تصدر نيجيريا الى اسواق النيجر كل شىء تقريبا بدءا من الحليب الطازج و المجفف و الادوية و الطيور و البيض و العسل الطبيعى و المنتجات الحيوانية المصنعة و الخضروات و الزيوت الغذائية ، فضلا عن المواد الخام و الملابس و الاقمشة النيجيرية الصنع .
و تعتبر الشركات النيجيرية ان اسواق النيجر هى مجال حيوى لمنتجاتها وبعضها من يعتبر ان اسواق النيجر هى امتداد لاسواق نيجيريا المحلية نظرا لتشابه عادات الاستهلاك و اذواق المستهلكين فى كلا البلدين لا سيما سكان مناطق شمال نيجيريا و جنوب النيجر اللذان يشكلان معا تكتلا بشريا متجانسا فى الثقافة و الديانة و المناسبات الاجتماعية و من ثم يشكل هذا النسيج المتجانس عرقيا سوقا جيدا للمنتجين و المصدريين النيجيريين .
و تمتلك نيجيريا البالغ عدد سكانها 220 مليونا اقوى اقتصاد فى افريقيا جنوب الصحراء ، و اليها تتجه نسبة لا تقل عن 70% من الاستثمارات الامريكية فى غرب افريقيا ، و يصل راسمال اكبر عشر شركات نيجيرية كبرى متعاملة مع اسواق جمهورية النيجر الى 6ر37 مليار دولار امريكى يشكل ما نسبته 14 % من حجم الناتج المحلى الكلى لنيجيريا .
ولا يستبعد المراقبون ان يكون للعقوبات الاقتصادية المفروضة على النيجر اثرها السلبى على اداء البورصة النيجيرية خلال النصف الثانى من العام القادم – وفقا لمسار التعامل مع الازمة فى النيجر – و تجدر الاشارة فى هذا الصدد الى ان البورصة النيجيرية ” بورصة لاجوس للاسهم ” كانت قد حققت فى النصف الاول من العام الجارى نموا فى تعاملاتها تجاوة 5ر5% وهو المعدل الذى كان متوقعا له ان يواصل الصعود بنسبة 25 % بنهاية العام الجارى مقارنة بالعام 2022 لولا التطورات التى شهدتها النيجر بعد التمرد الانقلابي الذى وقع فى السادس و العشرين من يوليو الماضى .
إقرأ المزيد :