رامي زهدي يكتب : الهوية الإفريقية
مصر الإفريقية منفتحة علي افريقيا ومكانتها يقين راسخ في وجدان الأفارقة
يتجاوز انتماء مصر لمحيطها الأفريقي، الأبعاد الجغرافية والتاريخية التقليدية، حيث يعد هذا الانتماء مكوناً رئيسياً من مكونات “الهوية” المصرية على مر العصور، وعنصراً محورياً في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية، تلك الهوية التي تشكلت من خليط عربي اللغة، وإسلامي وقبطي الديانة، وبحر متوسطي الثقافة، ونيلي أفريقي.
إن إعلاء هوية مصر “الأفريقية”، وتعزيز الإنتماء لدول القارة، أكدته بجلاء نصوص ومواد الدستور المصري الجديد في العام 14،و الذي أقره الشعب بإدراك ومضمون واعي ثم ما تلاه من تعديلات لتحسين وتطوير (98.1% من المصوتين، 19 مليون و985 ألف و389 ناخباً) حيث ذكرت جملته الأولى من الديباجة: “مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية .. مصر العربية – بعبقرية موقعها وتاريخها – قلب العالم كله، فهي ملتقى حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته، وهي رأس أفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها: النيل”.
ثم جاءت المادة الأولى من الدستور لتؤكد هذه القيم والمبادئ التاريخية بإعلانها أن “الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمي إلى القارة الأفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية”.
إنَ المتأمل لهذه النصوص الدستورية، يجد أنها تأتي في إطار سياق أعم وأشمل لعلاقات وروابط مصر بمحيطها الأفريقي، وتندرج فيما يمكن أن نطلق عليه منظومة “الوحدة الحضارية”.
وفق هذا السياق، يمكن تعميق عدد من المقترحات بشأن تعزيز مصطلح الهوية الإفريقية المصرية تجاه محيطها الأفريقي، منها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمي، وتبنى دور مصري في مجال التنمية البشرية والإقتصادية، وتوجيه ذلك في رسائل إعلاميا داخل مصر للشعب المصري وفي محيط القارة للشعوب الأفريقية ، في ظل ادراك وفهم مصري عميق لطبيعة مشكلات القارة ومنها المشكلات المزمنة التي تحتاج لحلول متدرجة ولكنها في اطار الحل الجذري الحاسم بالتوازي مع تفاعل مصري افريقي وتناول لكافة المعطيات المؤثرة في تحرك الأحداث داخل القارة بشكل مباشر وغير مباشر. وكذلك تواصل المساهمات المصرية في برامج الاتحاد الأفريقي، في مجالات: الإغاثة، وحفظ الأمن والسلم ومكافحة الإرهاب.، وتبني الدولة لسياسات دعم في هذا الشأن وإعلان مؤسسات الدولة لهذا الطرح، بالتوازي مع خطط دعم وشمول لجهود المجتمعات المدنية في مصر وربطها بنظيرتها في مختلف الدول الإفريقية.
و تبني مبدأ العمل على تنمية دول القارة عموماً، ودول حوض النيل خصوصاً، استناداً إلى أن التعاون بين دول الحوض هو السبيل الأمثل لتنمية واستغلال نهر النيل من جانب كل الدول الواقعة عليه.، وكذلك البحر الأحمر والذي يمثل اهم الممرات المائية في العالم ويحتاج لتوافر آليات داعمة لتعاون متكامل نشط بين الدول الإفريقية المشاطئة للبحر بعضها البعض وبين الدول الإفريقية والأسيوية المواجهة لها وتشترك في ذات البحر، بالتوازي تعدد المبادرات والمساهمات المصرية في التجمعات الفنية والتنموية لدول القارة خاصة دول حوض النيل، و تنوع سياسات وآليات التحرك المصري تجاه دول القارة ما بين سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، وإعلاء وإعلان مبادئي الندية والتكافؤ والمصالح المشتركة كإطار حاكم لكل تعاون مصري افريقي.
الدعم المصري لجهود التنمية البشرية في دول القارة المختلفة من خلال إيفاد آلاف الخبراء المصريين، واستقبال الآلاف من المواطنين الأفارقة للتدريب في مصر، في اطار دعم حركة العقول والمهارات وتبادل الخبرات بين المكونات البشرية لدول القارة.
و التركيز على المؤسسات الإعلامية المصرية الرسمية والخاصة في إيصال مفاهيم الهوية الإفريقية وان مصر دولة إفريقية في الأساس، ووضع خطط لإبراز الدور المصري الكبير في القارة الأفريقية وإنه دور ضروري وحتى من واقع تطلعات الشعوب الإفريقية ونظرتها الدائمة لقيمة مصر، وأن ارتباط مصر بإفريقيا أمر حتمي له أبعاد إستراتيچية وأمنية تنعكس في مدخلات ومخرجات اقتصادية مؤثرة في نمو وتقدم مصر والقارة.
ومنها تنظيم فعاليات مصرية أفريقية حقيقية، في كل المجالات وزيادة فرص التعاون والتلاقي بين الشباب المصري والإفريقي، يراعي فيها التطور والتكنولوچيا واستعياب فكر وطاقات الشباب (منتدي شباب العالم نموذج)، بالإصافة زيادة مساحة البرامج والتغطية الإعلامية للشأن الإفريقي وزيادة ظهور الأفارقة في وسائل الإعلام المختلفة، المادة الدرامية والفنون المصرية خاصة مع وجود أفارقة بالفعل بأعداد كبيرة في مصر لأسباب مختلفة لكنهم جميعا يشتركون في كونهم جزء واقع من نسيج المجتمع المصري، كما يمكن توجيه الأعمال الفنية للحديث عن وجود الطلاب واللاجئين الأفارقة في مصر وتغطية لمشكلاتهم والعمل على حلها، ودمج انشطة مشتركة بين الشباب المصريين وبين الشباب الأفارقة من غير المصريين، ويمكن تأسيس وحدة الثقافة الإفريقية في وزارة الثقافة المصرية تكون معنية بشكل رئيسي بوضع خطط تعميق الهوية الإفريقية في مصر،وتعميق الهوية المصرية في افريقيا والعمل على تنفيذ ومتابعة هذه الخطط.
* رامي زهدي خبير في الشؤون الأفريقية والاقتصادية
إقرأ المزيد
رامي زهدي يكتب : منطقة التجارة الحرة الإفريقية .. الحلم يمضى فى طريق يقين التحقيق