آسيا العتروس تكتب: مع اقتراب الذكرى الأولى لطوفان الأقصى .. هدن لتلقيح أطفال غزة صباحا و قتلهم ليلا !
واهم من يعتقد أن مرشحة الديموقراطيين كاميلا هاريس في السباق إلى البيت الأبيض يمكن أن تخرج عن توجهات و سياسات بايدن عندما يتعلق الأمر بالولاء المعلن و الدعم غير المسبوق لكيان الإحتلال الإسرائيلي .
في أول مقابلة كمرشحه للديموقراطيين كانت كاميلا هاريس وفية لرئيسها بايدن بل و لكل من سبقها في موقعها ..هاريس استبقت موعد المناظرة التي ستجمعها الشهر القادم بمنافسها الجمهوري دونالد ترامب لتوجه رسالة مبشرة و حاسمة للوبيات اليهودية المتنفذة في أمريكا و التأكيد على دعمها الا مشروط لما تصفه حق إسرائيل “في الدفاع عن نفسها” و تأكيدها أنها لن تعلق تسليم الأسلحة الأمريكية للدولة العبرية في حال فوزها في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
هذا الموقف طبعا الذي ذيلته المرشحة الديموقراطية التي قد تكون أول امرأة في تاريخ أمريكا تترأس البيت الأبيض خلال الأشهر القادمة دعت إلى وقف إطلاق النار وهنا بيت القصيد و كلمة السر المتداولة في مجلس الأمن الدولي و في مختلف العواصم الكبرى المتحكمة في القرار التي باتت أشبه بقرص لتخدير العقول و نشر الأوهام بشان دور حيادي فعال للإدارة الأمريكية يصعب تصديقه لعدة اعتبارات و هو انه و منذ تفرد واشنطن بدور الوسيط بين الحليف الإسرائيلي و الفلسطينيين منذ تسعينات القرن الماضي لم تكن وسيطا محايدا و لا حتى قريب من المحايد .
و ظلت الإدارات المتعاقبة بين الجمهوريين و الديموقراطيين تتنافس على كسب ود كيان الاحتلال إلى أن حل وعد ترامب الذي ذهب إلى ما لم يذهب إليه غيره عندما أعلن اتفاقية ابراهام و شق الطريق واسعا لقطار التطبيع و نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة رغم كل القرارات الدولية التي تعتبر أن وضع القدس يحل بالتفاوض , وزاد ترامب على ذلك بأن أقدم على منح كيان الاحتلال هضبة الجولان السورية المحتلة في خطوة مستنسخة لما قام به اللورد بلفور قبل قرن من الزمن عندما منح بدافع العطف أرض فلسطين لليهود بأنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
و سيكون من المهم استعادة ما حدث مع دخول السباق إلى البيت الابيض منعرجا حاسما بين كاميلا هاريس و بين الرئيس الأسبق دونالد ترامب ..منعرج يأتي فيما تقترب المجزرة المفتوحة في قطاع غزة من طي صفحتها الأولى مع حصيلة ثقيلة للشهداء و الجرحى و المصابين و المهجرين دون اعتبار لحجم الخراب و الدمار مما يجعل العيش في غزة أشبه بالمستحيل مع محاولات الاحتلال لمسح غزة من الخارطة و لولا صبر و ثبات و إصرار الأهالي الذين يحاولون البقاء لهم من الاعشاب و أوراق الشجر ما يسد الرمق لما بقي لغزة أثر .
وبالعودة إلى ما أعلنته المرشحة الديموقراطية بشأن الاستمرار في تسليح إسرائيل فإن الارجح أن الرهان على أي تحول في الموقف الأمريكي في حال فوز هاريس رهان فاشل , و اعتبار أن أصوات الاقليات العربية الأمريكية يمكن أن تصنع الفارق في هذا السباق الانتخابي إحتمال ضعيف جدا , إذ و برغم الصحوة الشعبية المسجلة في صفوف الرأي العام الأمريكي و النخب الأمريكية لا سيما صحوة الضمير التي سجلت في الجامعات الأمريكية و الغربية بعد سقوط وانهيار زيف الرواية الإسرائيلية فإن حجم و صوت و دور اللوبيات العربية و الاسلامية و المسيحية في واشنطن ليست في حجم التحدي وليست في وزن اللوبيات اليهودية التي تبسط هيمنتها على أغلب المؤسسات الاعلامية و مؤسسات صنع القرار.
تقول دوائر مقربة من حملة المرشحة الديموقراطية هاريس أنها جمعت تبرعات اجمالية بقيمة نصف مليار دولار مقابل 472 مليون لترامب و هو ما يجعل اللعبة الديموقراطية الامريكية خاضعة لثقل التمويلات السياسية و دور أصحاب النفوذ و رجال المال والأعمال و الإعلام في صنع المشهد السياسي في ظل إقرار المحكمة العليا و منذ 2010 برفض تحديد سقف التمويلات في السباق الانتخابي.
ما يمكن قوله عن هذا السباق أنه سيكون من أشرس السباقات و سيشهد من الحروب الكلامية و الاخلاقية ما لم ينشر في السباق بين مرشح جمهوري لا يتوانى في شن أبشع الحملات و توزيع الاتهامات لمنافسته التي دخلت السباق حديثا بعد أن وجد بايدن نفسه مجبرا على الإنسحاب و التخلي عن موقعه لنائبته لمواصلة السباق إلى البيت الأبيض .
و في انتظار أن تتضح الرؤية فإن مرارة الواقع تعيدنا إلى غزة حيث يعجز العالم عن صد و ردع كيان الإحتلال و رئيس وزراءه مجرم الحرب نتنياهو و عصابته و يرضخ على وقع تواتر و إمتداد المجازر من غزة إلى جنين و طولكرم بقبول هدن لتطعيم آلاف الأطفال في غزة ضد شلل الأطفال ، و يمنح بذلك الوحش المعتدي الذي لم يترك جرما لم يرتكبه فرصة الظهور بمظهر الحمل الوديع الذي يقبل بتطعيم أطفال غزة في الصباح ليعود لقصفهم و قتلهم في المساء. بين هاريس و ترامب عنوان مشترك أن ثمن دم الضحايا الفلسطينيين ليس في حسابات و نفقات الحملات الإنتخابية للمتنافسين في سباق البيت الأبيض .
* آسيا العتروس .. كاتبة صحفية تونسية
اقرأ المزيد
آسيا العتروس تكتب : على وقع مناظرة بايدن – ترامب .. الاصرار على السباحة في الوحل