الجابون: قائد المجلس الانتقالي يعد بمؤسسات “أكثر ديمقراطية”
ليبرفيل ( أ ف ب ) وعد الرجل القوي الجديد في الجابون الجنرال بريس أوليجي نجيما الجمعة بعد يومين على إطاحته بالرئيس علي بونجو أونديمبا، بإصلاحات دستورية تجعل مؤسسات الدولة “أكثر ديمقراطية” و”أكثر احتراما لحقوق الإنسان”، بشكل غير “متسرع”.
وفي خطاب أمام أعضاء السلك الدبلوماسي نقله التلفزيون، قال قائد الحرس الجمهوري الذي سيؤدي الإثنين اليمين الدستورية بصفته “رئيسا انتقاليا”، إن قرار “حل المؤسسات” الذي أصدره الأربعاء “هو أمر موقت”.
مضيفا بأن الهدف “إعادة تنظيم هذه المؤسسات بحيث تصبح أدوات أكثر ديمقراطية وأكثر انسجاما مع المعايير الدولية على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية ودولة القانون، وأيضا مكافحة الفساد الذي بات أمرا شائعا في بلادنا”.
وفي خطاب آخر أمام ممثلين للمجتمع المدني، وعد أوليجي بـ “دستور (جديد) يلبي تطلعات الشعب الجابوني الذي ظلّ لوقت طويل (أسير) المعاناة”، و”قانون انتخابي جديد”. إلا أنه تدارك قائلا: “انطلاقا من الظروف، علينا ألا نخلط بين السرعة والتسرّع، فمن سار ببطء سار بأمان”.
لكن قائد المجلس الانتقالي في الجابون سرّع الجمعة وتيرة لقاءاته مع “القوى الحية في البلاد”، غداة توجيهه تحذيرا شديد اللهجة لرجال أعمال متهمين بالفساد.
ويقول الجيش في الجابون إنه نفّذ انقلابه فجر الأربعاء لأن النتائج التي أعلنت فوز بونجو بولاية رئاسية ثالثة زُوّرت ولأن النظام نخره الفساد واتسم “بحكم غير مسؤول ولا يمكن التكهن به”.
ويقود الجنرال أوليجي الحرس الجمهوري، الجهاز العسكري القوي الذي لطالما اعتمدت عليه عائلة بونجو للإمساك بمفاصل السلطة خلال حكمها الممتد منذ 55 عاما.
وقبل ثلاثة أيام من أدائه اليمين الدستورية رئيسا “انتقاليا” لفترة لم يحدد المجلس العسكري الانتقالي مدتها، يواصل الرجل القوي الجديد في البلاد تجاهل مطالب المعارضة. وتؤكد الأخيرة أن مرشحها ألبير أوندو أوسا فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 26 أغسطس وهي تطالب المجلس الانتقالي بتسليمه السلطة حالا.
إلا أن أوليجي أدار أذنه الصمّاء لهذا المطلب وواصل الجمعة بوتيرة محمومة اللقاءات التي بدأها الخميس مع “القوى الحية” في البلاد. وفي خطاب ألقاه الخميس أمام أكثر من مئتين من كبار رجال الأعمال الجابونيين وبثّ وقائعه التلفزيون الرسمي الجمعة، اتهم أوليجي عددا كبيرا من الحاضرين بالضلوع في الفساد.
وهدّد رئيس المجلس الانتقالي باتخاذ إجراءات قانونية بحق عدد من كبار رجال الأعمال الجابونيين الذين بدا أنه يتهمهم بالمشاركة بالفساد في أعلى هرم السلطة عبر عمليات ممنهجة أحيانا لـ “تضخيم فواتير”.
وفي خطابه الذي بدا أشبه بـ “محاضرة أخلاقية”، أخذ الجنرال على رجال الأعمال جميعا افتقارهم إلى “الالتزام والوطنية” ودعاهم إلى “مساءلة أنفسهم” و”وقف هذه المناورات” الشائعة المتمثلة بـ”تضخيم الفواتير”.
واعتبر قائد الحرس الجمهوري أن نفخ فواتير العقود المبرمة بين الشركات التابعة لهؤلاء والإدارات التابعة للدولة أدى لاحقا لارتشاء عدد من كبار المسؤولين الحكوميين.
وبعدما التقى القادة الدينيين ورجال الأعمال وممثلي “المجتمع المدني”، اجتمع رءيس المجلس الانتقالي الجمعة بممثلي الجهات المانحة الأجنبية والمنظمات الدولية وأفراد السلك الدبلوماسي المعتمدين في ليبرفيل. وقالت سفارات دول ومنظمات إقليمية دانت الانقلاب إنها لم ترسل إلى هذا الاجتماع كبار دبلوماسييها بل دبلوماسيين من رتب دنيا.
ومنذ الانقلاب، يقبع الرئيس المعزول بالإقامة الجبرية في ليبرفيل، فيما أفاد محامو زوجته سيلفيا بونجو التي تحمل الجنسية الفرنسية أن موكلتهم محتجزة من دون أي تواصل لها مع العالم الخارجي.
وقال المحامون الجمعة إنهم قدّموا شكوى في فرنسا يتهمون فيها الانقلابيين باعتقال موكلتهم بشكل تعسفي.
وفي باريس، رفع محامو سيلفيا بونجو دعوى يتهمون فيها العسكر في الجابون باعتقال السيدة الأولى السابقة وابنها جليل “تعسفا”. وقال المحامي فرانسوا زيمراي إن موكلته “محتجزة في مكان غير محدد في الجابون”. وأضاف أن المحامين “يطالبون بالسماح لها بتلقي زيارات” من ممثلين للقنصلية العامة لفرنسا في ليبرفيل.
وأصبحت سيلفيا بونجو وابنها نور الدين خلال السنوات الأخيرة هدفا لاتهامات توجهها إليهما بانتظام المعارضة والمجتمع المدني ووسائل إعلام محلية.
وبحسب هذه الاتهامات فإن زوجة الرئيس وابنه “يتلاعبان به” منذ إصابته بسكتة دماغية خطيرة في 2018 أصبح بعدها ضعيفا جدا.
وانتُخب علي بونجو في 2009 خلفا لوالده عمر بونجو أونديمبا الذي حكم البلاد أكثر من 41 عاما وشكّل أحد أعمدة “فرنسا الأفريقية”. وفي 2016 أعيد انتخاب علي بونجو بفارق ضئيل عن منافسه، في انتخابات اتهمت المعارضة يومها النظام بتزويرها.
إقرأ المزيد
وكالة الأنباء الفرنسية : ترقّب مصير الجابون بعد إنهاء حكم عائلة بونجو