الكاتب الغيني محمد قطرب باري يكتب : جهود البنافريقيين في تحرير القارة الأفريقية مِن مُستنقع المستعمرين
إنّ لِزُعماء وأبطال الپان أفريكانيزم دورٌ عظيمٌ ، وفضلٌ جسيمٌ في إثراء الوعي الأفريقي ، وإذكاء الشعوب الأفريقية لمواجهة الكولونيانيزم في قارتنا الفتيّة – ماما أفريقيا- .
وبالتأكيد ، لولا جهود الجبّارة لمناضلي البانافريقيين وتضحيتهم المستمرّة لَظَلّ حال بعض بلدان القارة الأفريقية في قاع تِيه الإمبريالية إلى يومنا الراهن ، ولكنّ أبطال الپان أفريكانيزم مِنْ لَّدُنْ رؤساءهم الأوائل، ونشطاء الحركة ، وفنّانيهم ، وكُتّابهم الأحرار ، ومناضليهم ساهموا وناضلوا لتحرير بلدان القارة مِنْ ربقة الإمبرالية إلى بِرّ الحُريّة كما نشاهد اليومَ في دول التحالف الثلاثي ( مالي، بوركينا فاسو، النيجر) …خير مثال شاهد ، وأقرب تمثيل لمقتضى الحال.
-إنّ تاريخ البان أفريكانيزم لَسِلْعَةٌ غاليَة ، وعِبرة بالغة، لو تأمّلنا ما في خباياها لترحّمنا في – كلّ حينٍ وآنٍ – على شهداء القارة وزعماء الحريّة الذين ضحّوا أرواحهم لتحرير القارة ضدّ الغرب الغاشم قديماً وحديثاً.
ولذلك، أنشد وأحثُّ بِشِدَّة أنْ يُدَرَّس تاريخ وأفكار ورُؤية – البان أفكانيزم – في مؤسساتنا التعليمية الأفريقية ليحرُص الجيل الحاضر على العمل الدؤوب للتنمية المستدامة في نهضة بلداننا ، والدفاع الأبديّ الحُرّ لقارتنا المعمورة .
ومن باب التذكير : إنّ أوّلَ تجمّع عالَمِيّ – للبان أفكانيزم- كان في عام 1900م بإنجلترا تحت تنسيق وتنظيم المفكّر العظيم دُوبُو ( W.E.B. DuBois) ، وكان الهدف الأسمى في هذا المؤتمر هو الرّبط بين الأفارقة وأولئك الأفرو أمريكيين الذين ينحدر أصولهم بالقارة الأفريقية لانتزاع حقوقهم، لأنّ الحقوق لا تُطلَب على طاولة الدبلوماسية الهشّة أو المفاوضة، بل الحقوق تُنتزَع انتزاعاً ، وكان هدف تأسيس هذه الحركة يرجع إلى أسباب عدة منها باختصار :
– مواجهة الظلم ، والاستبداد ، والطًّغيان تجاه الإنسان الأفريقي .
– لاتّحاد شتات الافارقة باختلاف عقائدهم وبلدانهم، لأنّ بعد مؤتمر برلين استطاع الغرب أن تهيمن على بلدان الأفارقة بعدما وزّعوها إلى بقعة أراضٍ حدوديّة فيما بينهم، وكان من الضروريّ مواجهة هذه الهيمنة الغربية في إفريقيا بل حتى في بعض قُطُرٍ أمريكيّ.
-يجب التنويه والتّنبيه أنّ حقيقة – البان أفركانيزم – بريئة مِن تدليس المدلّسين أعني بِأولئكم العملاء الخونة ، وتُجّار الدِّين الذين يُروّجون ويحاولون الافتراء على البنافريقيين…
على الرُّغمِ إن فكرة البنافريقية تُحرّر الإنسان الأفريقي مِن حذافير العبودية،ويجعل الإنسان الأفريقي خالصِاً ومُخلِصاً لقارته الحبيبة ، محباًّ للعمل والحرية ،ورابط الجأش، ومُكنّ الولاء والبراء لدولته.
– إنّ البان أفريكانيزم عبارة عن حركة انعتاقية تحمل فلسفة تحرير القارة الأفريقية مِنْ قيود الاستعمار ، سواء كان ذلك الإستعمار استعماراً ثقافيّاً ، أو اقتصاديّاً ، أو سياسيّاً ، فالبنافريقية بكل اختصار : ضدّ الاستحمار والاستعمار، ضدّ الفساد والإستبداد ، ضدّ الظّلم بكلّ صورته ، ضدّ نهب الثروات، ضدّ العنصريّة ، والعُنف، والتنمّر …
وليس عبثاً وسُدًى تجد البنافريقيين في نضالهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لأنهم جميعاً على فكرة وأهداف واحدة لصالح الإنسان الأفريقي ولمصلحة القارة الأفريقية.
– وبفضل هذه الحركة الأفريقية الحُرّة ، وأهدافها ، ورؤيتها تولّدتْ ثمّة مِن الاتحادات والجمعيات الافريقية التي تكافح وتنافح من أجل حريّة الأفارقة ، وأفريقيا الحبيبة لإزالة الكولونياليّة عن الدول المستعمَرة .
وفي هذا المقال مِنْ باب الوفاء ، حَرِيٌّ بيَ ، وحقِيقٌ عليَّ أن أذكر بعض زعماء الحركة البان أفريكانيزم من باب الحصر لا التغليب :
كوامي نكروما رئيس غانا السابق ، والحاج سيكو توري رئيس الأول لغينيا ، باتريس لومومبا رئيس الوزراء لكونغو الديموقراطية تمّ اغتياله مِنْ قِبَل البلجيكيين، زيليزس نيريري رئيس تنزانيا السابق ، توماس سنكارى رئيس بركينا فاسو سابقاً زعيم بنافريقي وكان شيوعيّا وحامل راية المدرسة البنافريقية في عصره ودهره ، والحاج مالك شباز ، الشهير بِـ ” مالكوم إكس المناضل الأفرو أمريكي ” ، غاريسون ، ودوغلاسْ، وسومِر، ووايْتيارْ ، ودُ بُوا ، وماركوس غارفي الجاميكي، ومارتنْ كينغ، الخ…
– أمّا الشرذمة التي تزعم أنّ هذه الحركة الأفريقية الحُرّة الخالصة لم تنجز شيئا ذا بالٍ ، فدونهم مِنْ أهمّ إنجازات البنافريقيين :
1- أسّس البنافريقيون اتّحادٌ عالَميٌّ للكُتّاب والمفكّرين بِأكرا غانا وذلك في عام 1989م ، ورسالته : ” تقوية الرّوابط الثقافيّة والاقتصادية بين شعوب القارة الافريقية ; انطلاقاً مِن تراثها الثقافيّ والسياسيّ والاقتصاديّ المتعدّدة .
2- لها جناحاً شبابيّاً (PYUC) يعمل تحت الاتحاد الأفريقي ” union africaine “.
3- قد نجَح البانافريقيون في إذكاء الوعي الوحدَوي بين الأفارقة في كلّ مكانٍ .
4 – هذه الحركة هي التي أسّستْ منظمّة الوحدة الأفريقية في عام 1963م .
5- الاتحاد الأفريقي بنى جامعة أفريقية وتُخرّج الكوادر الأفارقة في كل عامٍ ، وهذه الجامعة تحمل اسم – البان أفركانيزم- ومقرّها في أديس أبابا، ولها فرعٌ في كاميرون .
* محمد قطرب باري .. كاتب غيني .
اقرأ المزيد
الكاتب الغيني محمد قطرب باري يكتب : جدليّة الرقّ ما بين النص الشرعي والتاريخ البشري