عمار العركي .. السودان و إريتريا : ثبات نظرية المؤامرة رغم المتغيرات والتحولات !!!
كثير من السياسيين والمحللين بمنطقة القرن الإفريقي ، خاصةً السودانيون يقعون في فخ “ثبات النظريات رغم التحولات والمتغيرات الإستراتيجية”.، وأعتقد أن ذلك بسبب تغليب الإنتماء السياسي على الوطني ، وعدم الحياد والمهنية التحليلية الميالة نحو العاطفة.
مثلاً تجد السياسي والمحلل يتناول المتغيرات والتحولات وصراع النفوذ وبروز قوى أخرى ، وانتهاء القطبية الآحادية….. الخ ،ثم يعود ليؤكد على نظرية “تقسيم السودان” ، من قبل تلك القوى المختلفة والمتصارعة والمتنافسة ؟!!
ذات ثبات نظرية الفلول والنظام البائد وإسقاطها على واقع الفشل التخطيطي الإستراتيجي رغم المتغيرات والتحولات الداخلية والخارجية والقراءات المؤكدة على خطأ هذا الإسقاط.
السودان و إريتريا ، ظلا ضحية لهذه الفوضى السياسية والعاطفة التحليلية والقراءات الشاذة بحسب الهوى السياسى والميول التحليلى.
نعم ، تردد كثيراً بأن إريتريا لديها أهداف ومطامع في شرق السودان ودلتا طوكر والقاش ، وأن السيد أفورقي “يحلم” بدولة إريتريا التي تضم شرق السُودان وغرب إثيوبيا أو ما قيل عنه القرن الذهبي الإريتري ….. الخ.
إستراتيجيات الأطماع والأحلام ” حق مشروع لكل الدول، شرعنته وأسست له “نظرية النظام العالمي الجديد” البالية ، رغم أن التحولات والمتغيرات الإستراتيجية الإقليمية والدولية ، ألقت بظلالها وأثرت هيمنة وسيطرة نظرية ذلك النظام الهالك والمتهالك و الاستراتيجيات والأطماع الخاصة به وبكل دولة .
“الدول الناجية والذكية” من “مَهَلكة” النظام العالمي الجديد ، هي تلك التي تُحدث تعديل وتغيير في إستراتيجياتها بما يتماشى مع المتغيرات والتحولات الاقليمية والدولية التي غيرت من النمط والتصورات والعوامل التي بُنيت عليها “إستراتيجية الأطماع والأحلام” .
الحالة الإريترية السودانية أكبر مثال للدول الناجية الذكية رغم البطء في الممارسة والذي سببه ترسبات الماضي وعدم اكتمال بناء الثقة.
كانت أول مبادرات دول الجوار بعد التغيير في السودان في 19/5/2019م حين زار السودان وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح في زيارة رسمية جاءت بعد قطيعة وتوتر في علاقات البلدين استمرت لنحو 18 شهراً.
تلتها العديد من المبادرات الإريترية المقدمة للمجلس العسكري الإنتقالي ، ثم الحكومة الإنتقالية ، ثم مجلس السيادة ، ثم للأحزاب السياسية والإدارات الأهلية والحركات الموقعة على إتفاق جوبا ، والذي لعبت فيه إريتريا دوراً كبيراً ومؤثراً ،ولكن الشاهد أن الحكومة السودانية بمختلف مسمياتها كانت ترفض أي مبادرة إريترية من حيث المبدأ إعتماداً على وهم “نظرية المؤامرة” وهواجس الشكوك والظنون.
الآن وبعد أربعة سنوات من أول مبادرة إريترية وما تلاها ، يتوجه السودان نحو “أسمرا” مستنداً على ذات المبادرات الإريترية السابقة وبعدد مقدر من المكونات السياسية الفاعلة والمؤثرة من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وإدارات أهلية وشخصيات سياسية وأكاديمية والخروج “بإعلان أسمرا”، الأخير ، الذي أعاد ذكرى “إعلان اسمرا لسلام الشرق” ، و”إعلان اسمرا لتجمع المعارضة السودانية”.
* خلاصة القول ومنتهاه :
ضروريات إدارة العلاقات السودانية الإريترية من منظور أمني إستخباري أحادي “عفى عنه الزمان وغبر”، بإعتبار أن مهددات ذاك الزمان قائمة على هواجس وظنون وشكل أوهام نظريات مؤامرة .
بالضرورة بما كان ، تحكيم المنطق العلمي والأكاديمي ومراكز الدراسات الخبيرة والمتخصصة ، توازياً مع المنطق الإستخباري الأمني الصائب للخروج بالعلاقات إلى بر الأمان وتحقق أهدافها ومصالحها المشتركة.
إقرأ المزيد