إثيوبيا تشتعل .. هل حكومة أبي أحمد تصرف أنظار شعبها بمغامرات خارجية ؟
علي مدي الأيام القليلة الماضية تداولت تقارير إعلامية إثيوبية ونشطاء علي مواقع التواصل الإجتماعي أخبارا مدعومة بالصور والفيديوهات لمعارك طاحنة تشهدها إثيوبيا , يخوضها الجيش الإثيوبي الفيدرالي ضد ميليشيا فانو الأمهرية المتمردة , التي حققت وفقا لتلك التقارير انتصارات متتاليه وبسطت سيطرتها علي مدينة جوندار الاستراتيجية ومعبر المتمة علي الحدود السودانية الإثيوبية , كما تؤكد تلك التقارير مقتل العشرات من جنود الجيش الاثيوبي في تلك المعارك وأسر العشرات الآخرين في مشاهد تعيد إلي الأذهان ما شهدته الحرب بين الجيش الاثيوبي وجبه تحرير تيجراي في العام 2022 من انهيار للجيش الاثيوبي علي جبهات القتال وأسر الآلاف من جنوده قبل أن تنتهي الحرب بالتوقيع علي اتفاق بريتوريا للسلام .
حيث كشف موقع أخبار أمهرة قبل أيام عن مقتل أكثر من 100 جندي إثيوبي وأسر العشرات الآخرين , فيما كشفت صحيفة أديس ستاندرد عن مقتل 6 أشخاص في هجوم علي مسجد في الاقليم الصومالي .
ووفقا لمراقبين تعود دوافع الحروب والبؤر المشتعله التي تشهدها إثيوبيا حاليا في أقاليم أمهرة وأورميا ومن قبل في إقليم تيجراي وإقليم أوجادين الصومالي إلى خلافات جذرية بين الإقاليم والحكومة الفيدرالية المركزية .
الصراع في أمهرة
وذكرت صحيفة أديس ستاندرد الإثيوبية أن معارك عنيفه تدور في مدينة جوندار الإستراتيجية بإقليم أمهرة بين الجيش الإثيوبي وميليشيا فانو , وأن المعارك أسفرت عن سقوط عدد كبير من المدنيين والعسكريين قتلي جراء تلك المعارك .
ونقلت الصحيفة الإثيوبية عن شاهد عيان قوله : ” أن قتالاً عنيفًا اندلع أمس في أجزاء مختلفة من المدينة , مشيرا إلي أن الصراع تصاعد عندما حاولت “قوات فانو” اختراق الدفاعات العسكرية داخل المدينة.
واشارت صحيفة أديس ستاندرد إلي أنه بالإضافة إلى جوندر، شهدت العديد من المناطق الحضرية داخل منطقة أمهرة صراعات متكررة , لافته إلي أنه قبل شهر ، أصبحت مدينة بحر دار بؤرة للصراع في أعقاب الاشتباكات بين قوات الأمن الحكومية وميليشيا فانو .
أزمة مكتومة في الإقليم الصومالي
ويشهد إقليم أوجادين ” الإقليم الصومالي ” في الأيام الأخيرة أزمة مكتومة بعد تصريحات قائد في الجيش الإثيوبي التي اتهم فيها جبهة تحرير أوجادين بالخيانة , كما أصدرت الجبهة بيانًا أمس الأربعاء أعربت فيه عن قلقها إزاء الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإثيوبية في إقليم الصومال، والتي وصفتها الجبهة بـ أنها تنتهك “الحقوق الدستورية” و “اتفاقية السلام لعام 2018” بين الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين والحكومة الإثيوبية.
وأكدت جبهة تحرير أوجادين في بيانها أن “شيوخ الصومال والنساء وأفراد آخرين من المجتمع تم عرضهم على شاشات التلفزيون، وأجبروا على إذلال أنفسهم من خلال إنكار هويتهم الصومالية , مشيره إلى “شائعات مثيرة للقلق حول تغيير اسم وعلم الدولة الصومالية”.
وبحسب الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين، فإن هذه التطورات تأتي وسط تصاعد التوترات بين إثيوبيا والصومال , محذره من أن الوضع في ولاية الصومال الإقليمية أصبح “عسكريا بشكل متزايد، مع احتمال فرض الأحكام العرفية”.
وأشار البيان إلى المادة 39 من الدستور الإثيوبي، التي تحدد حقوق تقرير المصير للأمم داخل إثيوبيا. وتؤكد الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين أن “الدولة الإثيوبية يجب أن تتمسك بمبدأ المساواة لجميع مواطنيها، مع عدم احتكار أي مجموعة للسلطة على حساب الآخرين”.
ودعت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين إلى اتخاذ إجراءات فورية، وحثت الحكومة الإثيوبية على “احترام الحقوق الدستورية للشعب الصومالي والالتزام بشروط اتفاق السلام” , محذره من أن الفشل في القيام بذلك “يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار ويعرض السلام الذي تحقق بشق الأنفس في المنطقة للخطر”.
وفي وقت سابق، أصدرت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين بيانًا “تدين فيه بشدة” ما وصفته بـ “التصريحات الاستفزازية” التي أدلي بها المشير برهانو جولا، رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية .
وأشار بيان جبهة تحرير أوجادين إلى مقطع فيديو تم بثه على موقع Ethio-Forum في 8 سبتمبر 2024، حيث وصف المشير بيرهانو جبهة تحرير أوجادين بأنها “عدو للدولة الإثيوبية” .
ووصفت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين هذه التصريحات بأنها “لا أساس لها من الصحة” و”هجوم صارخ على نزاهة وشرعية الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين كحزب سياسي معترف به .
وعقب هذا التراشق في التصريحات بين جبهة تحرير أوجادين والحكومة الإثيوبية الفيدرالية يبدو أن الأوضاع في طريقها إلي مزيد من الاشتعال , الأمر الذي يثير التساؤل حول ما اذا كانت حكومة أبي أحمد ستفتح علي نفسها جبهة جديدة في الاقليم الصومالي علي غرار ما يحدث في أقاليم تيجراي وأمهرة وأوروميا .
كما تثار التساؤلات حول ما اذا كانت حكومة أديس أبابا تهرب من الأزمات الداخلية التي تشهدها الأقاليم الإثيوبية الكبري بإشعال أزمات خارجية , علي غرار الأزمة مع الصومال ؟ .
المواجهات كانت متوقعة
ويقول الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” إنه فيما يتعلق بالتطورات في اثيوبيا هذه المواجهات كانت متوقعة , مشيرا إلي أن المواجهات العسكرية ظلت حاضرة بين الجيش الفيدرالي وكذلك ميليشيا فانو الأمهرية في إقليم الأمهرة , وأن هذه المواجهات أخذت الكثير من التصعيد لا سيما بعد استهداف ميليشيات فانو عدد المواقع العسكرية وسيطرتها على على المعابر المهمة لا سيما المعابر بين السودان وإثيوبيا وكذلك بين جنوب السودان وإثيوبيا, وأكد تورشين أن سيطرة ميليشيا فانو علي المعابر الحدودية التي تربط بين إثيوبيا والسودان اثارت مخاوف الحكومة الفيدرالية في اديس ابابا باعتبار ان ذلك مدخل خطير جدا يتم من خلاله تهديد الامن القومي الإثيوبي, وقال ” لذا الآن والجيش الفيدرالي يسعى جاهدا لاستعادة كل المناطق المهمة ومحاولة تحييد واضعاف ميليشيات فانو.
واعتبر الدكتور محمد تورشين أنه ليس هناك رابط بين تصعيد الحكومة الإثيوبية لمشاكلها الخارجية خاصة مع الصومال وبين هذه التطورات الداخلية التي تشهدها إثيوبيا حاليا , واستطرد قائلا ” لكن أبي أحمد يحاول بتصعيد الخطاب القومي الشعبوي محاولة اخفاء المشاكل والاخفاقات الداخلية.
وأضاف ” لقد رأينا انه مثلا أنه تبني مسألة سد النهضة وأصبحت خطاب قومي جامع لكل الاثيوبيين حتى يتلاشى إلي جوارها المشاكل التي حدثت بينه وبين التيجراي وكذلك المشاكل بين الحكومة المركزية والأمهرة كذلك الأوروموا وما الى ذلك.
وتابع قائلا ” فبالتالي الآن مسألة الوصول الى البحر وكذلك التصعيد مع الصومال , يسعي من خلالها رئيس الوزراء الإثيوبي لمحاولة تحشيد الرأي العام الإثيوبي تجاه قضية مهمة وهي مسألة الوصول الى البحر كهدف استراتيجي حتى يخفي التحدي الكبير باعتبار ان اثنية الامهرة هي اكبر اثنية وحتى اللغة الرسمية لاثيوبيا هي اللغة الامهرية بمثابة الدولة العميقة نتيجة لسيطرتهم على مفاصل وأجهزة الدولة .
وأكد أن أبي أحمد يدرك تماما بأن هذا التمرد من الميليشيات أمر خطير وربما يهز أركان حكمه , وقال ” فبالتالي أعتقد أن أبي أحمد يصعد من خلال تصدير خطاباته القومي حتي يتم من خلالها تجاوز الاشكاليات الداخلية التي تواجهها حكومته .
إقرأ المزيد :
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.