آسيا العتروس تكتب : نصرالله يقر بتفوق العدو عسكريا .. و لكن ماذا بعد ؟
لا خلاف أنه إذا تكلم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أنصت له الكثيرين بما في ذلك قادة كيان الإحتلال قبل غيرهم والذين يبحثون دوما عن أي معلومة أو إشارة عن أي رد فعل محتمل للحزب بعد الهجوم السيبراني الإرهابي و غير المسبوق في لبنان و في العالم على الأقل بهذه الكثافة و هذا الإصرار على قتل و إصابة هذا العدد الكبير من المدنيين من نساء و أطفال في البيوت و الشوارع و الأسواق و المستشفيات ، بما يمكن اعتباره بمثابة عملية ردع و ترهيب استباقية للمقاومة اللبنانية مع اقتراب الذكرى الأولى لطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر .
و لعله من المهم و قبل التوقف عند أهم رسالة توجه بها نصرالله للداخل و الخارج التذكير بأنه ليست المرة الأولى التي يعمد فيها الموساد الإسرائيلي إلى تنفيذ مخططات القتل و الإغتيال عن بعد و هو الذي دأب على ذلك و اكتسب التقنيات و الآليات بدعم من أكبر الاستخبارات العالمية ، و هذا ما كان عميل الموساد السابق فيكتور اوستروفسكي كشفه في كتابه طريق الخديعة by way of deception و هو موسوعة خطيرة في مختلف جرائم الاغتيالات التي نفذها الموساد الذي بإمكانه الحصول على المفاتيح الإلكترونية المطلوبة للمطارات و أجهزة الاتصال و الفنادق و المصانع الكبرى و حتى مأوي السيارات في العواصم العالمية ، بما يؤكد أن في جراب هذا الكيان مسلسل من الاغتيالات من الكونت برناديت إلى محمود الهمشري ممثل منظمة التحرير في باريس إلى يحي عياش الذي تم تفخيخ هاتفه إلى الشيخ ياسين والعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده ، والقائمة طويلة جدا إذا ما أضفنا الحادث الذي ذهب ضحيته الرئيس الايراني السابق و فريقه في سقوط طائرته في مايو الماضي و الذي بقي لغزا محيرا دون أن ننسى جريمة اغتيال إسماعيل هنية في مقراقامته بالعاصمة الايرانية التي حل بها ضيفا فطالته يد الغدر التي تسللت عبر هاتفه .
وهو ما يجعلنا اليوم أمام واقع جديد من الحروب الإلكترونية بلا ضوابط و هو ما يعني أيضا أنه مع التطور التكنولوجي الحاصل يجب توقع كل شيء من عدو يعتبر الفلسطينيين حيوانات بشرية و لا نخال موقفه من بقية العرب يختلف عن هذا التقييم و قد تدفعه وحشيته و نقمته و إصراره على اقتلاع أصحاب الأرض و التخلص من المقاومة إلى استهداف طائرات مدنية أو حتى عواصم عربية و ما جريمة اجتياح بيروت ليس بالأمر البعيد عن الأذهان .
والأكيد أن كيان الاحتلال يستمد قوته من الدعم والتمويل الذي يحظى به من الغرب الذي يدعو اليوم حزب الله و حماس وإيران إلى ضبط النفس ويتجاهل جرائم البيجر و اللاسلكي التي اقترفها كما تجاهل قبل ذلك ما جرى و يجري من إبادة عرقية في غزة .
و بالعودة إلى خطاب نصر الله الذي استمر طوال نحو ساعة تحدث الأمين العام لحزب الله خلالها بانكسار و حزن عن الهجومين غير المسبوقين اللذين استهدفا لبنان بداية الأسبوع ,وبعيدا عن المبالغة يمكن القول أن نصرالله كان مكسورا وهو ما اتضح من خطابه و اعترافه بأن ما حدث امتحان ثقيل وضربة قوية وغير مسبوقة وقد كرر هذا الكلام أكثر من مرة في حديثه وقال “تعرضنا لضربة قوية أمنية وانسانية غير مسبوقة في لبنان وفي العالم باستخدام أجهزة لاسلكي “، كما اعترف نصر الله بتفوق العدو و بقدراته التكنولوجية التي يوفرها له الغرب وأمريكا و حلف الناتو ..
طبعا من السابق لأوانه الحديث عما سيكون عليه يه رد فعل حزب الله بعد تصريحات أمينه العام الذي شدد أن الفرق التقنية المعنية و المختصين بصدد التقييم والتحقيق لفهم ما حدث بما يمكن أن يكون تكتيكا مدروسا أو يعني كذلك أن الحزب اختار التريث و عدم الانسياق وراء أي رد فعل قد لا يكون محسوب العواقب و يمكن أن تدفع بلبنان إلى حرب شاملة يتكبدها الشعب اللبناني .
بعيدا عن المكابرة و بعيدا عن التبخيس و التيئيس فان العدو الاسرائيلي متفوق عسكريا والاسباب كثيرة منها ما هو معلوم ومنها ما هو غير معلوم …هل بالامكان تقليص الهوة و قلب المعادلة ؟المسألة تحتاج إلى اكتساب السلاح الاقوى وهو سلاح التكنولوجيا و المعرفة والعلوم وانقاذ وتحديث المدارس التي يدمرها الإحتلال ومعها يستهدف العقل والفكر وكل ما يمكن أن يبني مجتمعا قويا صلبا متمسكا بأهدافه و بدفاعه عن الوطن والحق والهوية .
* آسيا العتروس.. كاتبة صحفية تونسية.
اقرأ المزيد