أفريقيا..تطور المشهد العسكري و اللاعبون الدوليون وتأثيرهم
14 دولة غير إفريقية لها قواعد عسكرية في إفريقيا تتصدرهم أمريكا بـ 16 وفرنسا بـ11 قاعدة
أصبحت قارة أفريقيا ساحة محورية للاشتباكات العسكرية التي تقوم بها منظمات دولية ودول غير أفريقية، الأمر الذي يشكل الديناميكيات الأمنية في القارة، ويعكس المشهد الحالي، الذي يتسم بالعديد من التواجدات المهمة ذات الاستراتيجيات المتطورة، التعاون والتنافس بين هذه الجهات الفاعلة.
وتنفذ المؤسسات المتعددة الأطراف عمليات عسكرية في أفريقيا أكثر من أي مكان آخر، ووفقاً لتقرير صادر عن “مؤسسة مو إبراهيم” فإن العديد من المؤسسات المتعددة الأطراف لديها عمليات عسكرية في القارة، تتمتع عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ببصمة أكبر في أفريقيا من أي منطقة أخرى، حيث تضم ست بعثات من أصل 12 بعثة نشطة في القارة.
إقرأ أيضا:- لاينبغي أن تكون إفريقيا ساحة معركة بين القوى العظمى
وقال التقرير إن هذه المهام في أفريقيا أستمرت لمدة عقد من الزمن أو أكثر، ويبلغ قوامها الجماعي أكثر من 73 ألف فرد، ومنهم 18 ألف فرد في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومما يؤكد التزام الأمم المتحدة بالاستقرار في أفريقيا حقيقة أن أقدم بعثة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في القارة، وهي بعثة المينورسو في الصحراء الغربية، تعمل منذ 22 عامًا.
مناطق العالم: عمليات الأمم المتحدة الحالية لحفظ السلام (2023)
وقال التقرير أن حضور الاتحاد الأوروبي واضح أيضاً، ويتجلى من خلال خدمة العمل الخارجي الأوروبية (EEAS) وبعثاتها المدنية والعسكرية الثلاث عشرة العاملة في مختلف الدول الأفريقية.
وتهدف هذه المبادرات إلى بناء القدرات والتدريب وتعزيز الأمن ومع ذلك، فإن إعادة توجيه الاتحاد الأوروبي لأموال كبيرة من مرفق السلام الأوروبي التابع له نحو الدعم العسكري لأوكرانيا يثير مخاوف بشأن “تأثير المزاحمة”، مما قد يؤدي إلى تحويل الموارد بعيدًا عن عمليات السلام الأفريقية.
قواعد الدول غير الأفريقية في القارة
أنشأت الدول غير الإفريقية وجودًا عسكريًا بارزًا داخل أفريقيا، مما يعكس الأهمية الإستراتيجية للقارة، حيث أقامت 14 دولة غير إفريقية قواعد عسكرية في 23 دولة من أصل 54 دولة إفريقية.
وتتصدر الولايات المتحدة المجموعة بـ 16 قاعدة، بينما تحتفظ فرنسا بـ 11 قاعدة، وتدير كل من ألمانيا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة ثلاث قواعد.
وتتنافس الجهات الفاعلة القديمة مثل فرنسا (منذ عام 1960)، والولايات المتحدة (منذ عام 2003)، والصين (منذ عام 2017) على النفوذ إلى جانب الوافدين الجدد مثل تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
والجدير بالذكر أن موقع جيبوتي الاستراتيجي يجعلها تستضيف قواعد سبع دول غير أفريقية، بما في ذلك فرنسا والصين، مما يجعلها مركزًا ذا أهمية إقليمية.
الدول غير الإفريقية: قاعدة عسكرية أو تواجد عسكري في إفريقيا (2023)
وقال التقرير: إن النهج الذي تتبعه فرنسا في التعامل مع وجودها الأفريقي يشهد تحولاً كبيراً، وكان اختتام عملية برخان في عام 2022 بمثابة نقطة تحول، حيث أعلن الرئيس ماكرون عن تخفيض تدريجي للبصمة العسكرية الفرنسية، ومن المتوقع أن يكمل هذا الانسحاب التركيز المتجدد على التدريب وتوفير المعدات.
كما أن نفوذ الصين يتزايد بشكل واضح في أفريقيا وهو ما يتجسد في مساهماتها في جهود حفظ السلام الأفريقية، ومع حصولها على ثاني أكبر حصة من ميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام، وتنشر الصين أكثر من 2400 فرد في جميع أنحاء القارة، ويؤكد الإنشاء المحتمل لقاعدة عسكرية صينية إضافية في غينيا الاستوائية في السنوات المقبلة على اتساع نطاق وجودها.
وعلى النقيض من ذلك، تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري كبير ولكن سري في كثير من الأحيان في أفريقيا، ويشارك ما يقرب من 6000 موظف بالتناوب في مهام متنوعة في جميع أنحاء المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، تشير اتفاقيات التعاون العسكري التي أبرمتها روسيا، فضلاً عن استخدامها للمقاولين العسكريين من القطاع الخاص، إلى تزايد حصتها في المشهد الأمني في أفريقيا.
كما يشكل اللاعبون الناشئون مثل الهند وتركيا والإمارات العربية المتحدة السرد العسكري للقارة، وإن مشاركة الهند النشطة في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتدريبات العسكرية المشتركة بالإضافة إلى محطات المراقبة الإستراتيجية التابعة لها تشير إلى مشاركتها المتزايدة.
وفي البداية، كجزء من جهود حلف شمال الأطلسي لمكافحة القرصنة في عام 2009، قامت تركيا أيضًا بتوسيع نطاق وجودها، مع وجود قاعدة كبيرة في الصومال واتفاقيات أمنية مع 30 دولة أفريقية.
إقرأ أيضا:- الدكتورة نسرين الصباحي تكتب .. استعادة النفوذ: آفاق وعقبات الحقبة الفرنسية الجديدة في أفريقيا
وفي هذا المشهد الدائم التطور، ستحتاج الدول الأفريقية إلى أن تظل واعية للديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة وما سيعنيه ذلك بالنسبة للمشهد الأمني الخاص بها، وبينما تتنافس الجهات الفاعلة الخارجية على النفوذ، فإن السرد الأمني للقارة يتشكل من خلال أصحاب المصلحة الدوليين.
وفي حين تهدف هذه الارتباطات إلى حد كبير إلى تعزيز الاستقرار، فإن المخاوف بشأن تخصيص الموارد، فضلاً عن تأثير ديناميكيات القوة المتنافسة، سوف تستدعي اهتماماً مستمراً.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.