“المتوسط مقبرة الأطفال”… مقتل وفقدان 990 مهاجرا في ثلاثة أشهر بينهم أطفال
إيطاليا تدرس حلولا مبتكرة لإدارة تدفقات الهجرة غير النظامية
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” يونسيف ” أن “البحر المتوسط بات مقبرة للأطفال”، وأن عدد المهاجرين الذين قضوا أو فقدوا خلال عبورهم هذا البحر في صيف 2023 قد ازداد ثلاث مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022.
وسُجل غرق “ما لا يقل عن 990 شخصا بينهم أطفال” في المنطقة الوسطى من البحر المتوسط بين يونيو وأغسطس 2023 “أي أكثر بثلاث مرات” مما كان عليه العدد في الفترة نفسها من 2022 عندما “قضى ما لا يقل عن 334 شخصا” , ومنذ يناير 2023 توفي ما لا يقل عن 289 طفلا خلال عمليات عبور البحر، بحسب ما أفاد منسق اليونيسف في إيطاليا نيكولو ديل أرسيبريتي.
وأوضحت اليونيسف في حديث لـ ” وكالة الأنباء الفرنسية ” أن 11600 “قاصر غير مصحوبين” حاولوا التوجه إلى إيطاليا بين يناير ومنتصف سبتمبر 2023 في مراكب صغيرة أي بزيادة بنسبة 60 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي حين بلغ عددهم 7200.
وقالت رجينيا دي دومينيسيس منسقة هذه المسألة لدى اليونسيف “إن “البحر المتوسط بات مقبرة للأطفال. الحصيلة المأساوية للأطفال الذين يموتون خلال سعيهم للحصول على الأمن والملجأ في أوروبا، أتت نتيجة الخيارات السياسية ونظام هجرة فاشل”.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الخميس خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي مكرس للأزمة في المتوسط أن أكثر من 2500 مهاجر قضوا أو فقدوا بين الأول من يناير و24 سبتمبر 2023 بزيادة نسبتها 50 بالمئة على سنة.
تحديد العمر
وأعادت صور الوافدين إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الصغيرة في منتصف سبتمبر التركيز على قضية التعاون الأوروبي في إدارة تدفقات الهجرة.
وأثار وصول 8500 شخص إلى الجزيرة خلال ثلاثة أيام، أي أكثر من إجمالي عدد سكانها، أزمة محلية في لامبيدوسا وعاصفة سياسية في إيطاليا التي كثفت منذ ذلك الحين إجراءات الطوارئ والمراقبة.
ووافقت الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني مساء الأربعاء على مشروع مرسوم يجيز وضع القاصرين غير المرافقين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما لمدة أقصاها 90 يوما في أماكن مخصصة في مراكز استقبال للبالغين، وإخضاعهم لفحوص طبية لتحديد أعمارهم.
وما زال يتعين حصول هذا المشروع على موافقة البرلمان، حيث تتمتع حكومة جورجيا ميلوني المحافظة بالأغلبية المطلقة. ويسمح النص بإجراء قياسات وفحوص طبية ومنها الشعاعية لتحديد أعمارهم.
وحذرت ميلوني على صفحتها على فيس بوك، قائلة “مع هذه القواعد الجديدة لن يكون من الممكن بعد اليوم الكذب بشأن العمر الحقيقي”.
واعتبر المتحدث باسم اليونيسف في إيطاليا أندريا ياكوميني الخميس في حديث مع وفرانس برس انه قرار “مقلق”.
حرب وعنف وفقر
على الساحة الأوروبية، أعاد الوضع في البحر الأبيض المتوسط إطلاق المناقشات في بروكسل حول ميثاق الهجرة الذي يشكل موضوع خلاف منذ قدّمته المفوضية الأوروبية في العام 2020.
وينص مشروع الإصلاح الأوروبي خصوصا على تعزيز الحدود الخارجية وعلى آلية تضامن بين الدول السبع والعشرين في مجال التكفل بملفات طالبي اللجوء.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء الدول المتوسطية التسع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة المقبل في مالطا للاتفاق بشأن هذه القضية.
واعتبرت رجينيا دي دومينيسيس أن “اعتماد استجابة على مستوى أوروبا لدعم الأطفال والأسر”، أمر “ضروري جدا لمنع معاناة المزيد من الأطفال”.
وأكدت اليونيسف أن “الحرب والصراعات والعنف والفقر” عوامل تدفع الأطفال “إلى الفرار من أوطانهم وحدهم”. ولفتت إلى أن مَن بلغوا الشواطئ الأوروبية تعرضوا لمخاطر الغرق في البحر، و”الاستغلال والانتهاكات في كل مرحلة”، ليتم “احتجازهم” لدى وصولهم أولا في مراكز، قبل نقلهم إلى مباني إيواء “مغلقة عادة”.
وأحصت المنظمة وجود 21 ألفا و700 طفل غير مصحوبين بذويهم في هذه المراكز في إيطاليا، مقارنة مع 17700 طفل العام الماضي.
وفي هذا الإطار، اعتبر المتحدث باسم يونيسيف أندريا ياكوميني أن قرار إيطاليا بشأن القاصرين “مقلق”، مضيفا “لا يمكننا وضعهم مع البالغين”.
من جانبه أعلن وزير الداخلية الإيطالي ماتّيو بيانتيدوزي، أن وزارته بالتعاون مع وزارة الخارجية الإيطالية والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، تقوم بدراسة حلول مبتكرة لإدارة التدفقات مستوحاة وفق ما يسمى بالنهج القائم على مسار العبور.
وأوضح بيانتيدوزي – في كلمته أمام المؤتمر الوزاري حول منع الجريمة المنظمة بمناسبة الذكرى العشرين لـ”اتفاقية باليرمو”، اليوم /الجمعة/ أوردتها وكالة الأنباء الإيطالية (آكي) – أنها مسألة تكمن في وضع خطة تهدف إلى الإدارة المنظمة للتدفقات على طول الطرق التي تؤدي من بلدان جنوب الصحراء الكبرى إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، مشيرا إلى أن نقاط القوة للخطة هي إنشاء ممرات حماية لأولئك الذين يحتاجون إليها، في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمناطق العبور، وتعزيز نظام العودة المصحوبة إلى بلدان الأصل.
وأضاف “من الواضح أن الوجود الواسع النطاق للسلطات ومنظمات الأمم المتحدة على طول الطرق من شأنه أن يوفر للمهاجرين بديلاً واقعيًا للهجرة غير النظامية وسيحرم الشبكات الإجرامية من الأكسجين”.
وحسب بيانتيدوزي، فإن المساعدة في العودة إلى الوطن “تعني مرافقة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية ما يوفر لهم آفاقا ملموسة للاندماج الاجتماعي والعملي هناك”.
واتفاقية باليرمو هي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية دخلت حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 2003.
وأُلحق بالاتفاقية ثلاث بروتوكولات تستهدف مجالات ومظاهر محددة للجريمة المنظمة حيث تضمن الآتي: بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال؛ بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وبروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة.
وفي السياق، دعا وزير العدل الإيطالي كارلو نورديو، اليوم، لتعزيز التعاون مع الدول الموقعة على اتفاقية باليرمو من أجل مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
ورأى الوزير – في كلمته أمام المؤتمر الوزاري حول منع الجريمة المنظمة بمناسبة الذكرى العشرين لاتفاقية باليرمو- أنه للتعامل مع حالات الطوارئ العالمية التي تعرض حقوق الإنسان وسيادة القانون للخطر، هناك حاجة إلى استجابة موحدة.
وأضاف “لهذا السبب أود إطلاق اقتراح: تعزيز التعاون مع الدول الموقعة على اتفاقية باليرمو والتي تعتزم تعزيز التعاون القضائي فيما بينها، من أجل مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر”.
ومن جهة أخرى، أكدت مصادر حكومية إيطالية أن اجتماعا ثلاثيا يضم رئيسة الوزراء جورجا ميلوني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، سينعقد على هامش قمة قادة الدول المتوسطية التسع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (Med9) اليوم /الجمعة/ في مالطا لبحث موضوع الهجرة.
ووصلت رئيسة الوزراء الإيطالية في وقت سابق اليوم إلى فاليتا وكان في استقبالها نظيرها المالطي روبرت أبيلا.
وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية (آكي) أنه حسب المصادر الإيطالية، ستبحث القمة الثلاثية تنفيذ خطة النقاط العشر التي قدمتها فون دير لاين لمواجهة تحدي الهجرة خلال زيارتها لجزيرة لامبيدوزا.
ومن بين النقاط العشر: دعم وكالة حرس الحدود والسواحل الأوروبية (فرونتكس) والهياكل الأوروبية الأخرى وتعزيز المراقبة في البحر وتكثيف الدوريات ومكافحة المتاجرين بالبشر، فضلا عن إنشاء ممرات إنسانية لإيجاد بدائل للهجرة غير النظامية.
إقرأ المزيد :
الخميس .. مجلس الأمن يصوت على تمديد إجراءات مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر سواحل ليبيا