إثيوبيا : ٣ أزمات تحاصر ” أبي أحمد ” .. الجفاف والمذابح العرقية وحرب تيجراي
٣ أزمات وجد رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد نفسه محاصرا بها في الفترة الحالية ، وهي الحرب التي يشنها جيشه علي أبناء شعبه في إقليم تيجراي شمال إثيوبيا ، والجفاف الذي يضرب أجزاء كبيرة من شرق إثيوبيا خاصة في الاقليم الصومالي ، واخيرا المذابح العرقية التي يتعرض لها أبناء عرقية الأورومو علي يد عصابات الامهرة في غرب إقليم أورومو في إثيوبيا .
وجراء ما يحدث من انتهاكات وجرائم حرب يرتكبها الجيش الاثيوبي والميليشيات المتحالفة معه ضد أبناء إقليم تيجراي ، يتواصل الغضب الدولي علي ابي أحمد ، يأتي هذا فيما يتداول نشطاء إثيوبيين علي مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن هزاءم متتالية يتعرض لها الجيش الأثيوبي علي يد قوات جبهة تحرير تيجراي .
قلق أممي
الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أعرب عن قلقه العميق إزاء تقارير حول قصف عشوائي وسقوط ضحايا خلال الصراع المستمر في شمال إثيوبيا، مشدداً على أنه لا يمكن التوصل إلى السلام المستدام عبر العمل العسكري.
وتطرق دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إلى الأوضاع في المناطق الواقعة جنوب وشمال شرق إثيوبيا حيث “تتواصل معاناة المجتمعات”، وأوضح أن جفافا مدمرا يضرب تلك المناطق بعد احتجاب الأمطار للموسم الرابع على التوالي.
وقال: “يستهدف شركاؤنا الآن حوالي 17 مليونا من الرجال والنساء والأطفال بالمساعدات حتى نهاية العام في تلك المناطق.”
وأكد أن الأمم المتحدة تواصل دعوة أطراف النزاع إلى إيلاء الاهتمام المتواصل لتجنيب المدنيين والمرافق المدنية بما فيها البنية التحتية الحيوية.
وجدد الدعوة للتسهيل الفوري لاستمرار وصول العاملين الإنسانيين السريع وبدون إعاقة، وتوصيل الإمدادات، “حتى يتسنّى لنا مساعدة هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة في مناطق النزاع، أينما كانوا بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني.”
وناشد التمويل العاجل لدعم الاستجابة عبر إثيوبيا. وأشار إلى أن الشركاء يعيدون برمجة الاستجابة لمعالجة أكثر الاحتياجات إلحاحا ولاستدامة العمليات المنقذة للحياة.
يشار إلى أن ما لا يقل عن 1.8 مليار دولار إضافية – وهو ما يمثل 60 في المائة من المبلغ الإجمالي المطلوب – لم يتم توفيرها حتى الآن .
مذابح عرقية في أورومو
تقارير إعلامية إثيوبية تكشف بين الحين والآخر عن عن مذابح ترتكبتها ميليشيات الفانو الأمهرية ضد أبناء إقليم أورومو .
وفي الفترة الأخيرة كشفت وسائل إعلام إثيوبية عن مذبحة وقعت في منطقة غرب أوروميا وراح ضحيتها أكثر من ١٠٠ مواطن إثيوبي علي يد ميليشيات مسلحة من إقليم أمهرة ، مشيره علي نزوح الآلاف من مناطقهم فرارا من عمليات القتل ، وسط غياب تام من قوات الأمن الإثيوبية وتعتيم من جانب الحكومة الإثيوبية الفيدرالية.
وذكرت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان (EHRC) أن أكثر من 100 مدني قُتلوا نتيجة للعنف المتكرر علي اساس الهوية والانتماء العرقي ارتكبته مليشيات مسلحة من إقليم أمهرة غير النظامية ، و أعضاء جيش تحرير أورومو ، المعروف باسم ” OLF / Shene ، وجماعات مسلحة أخري في غرب أوروميا ، في منطقة Horo Guduru على مدى ثلاثة أسابيع.
وفقًا لتقرير اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان ، وقعت عمليات القتل في أمورو وهورو بولك وجارديجا جارتي في منطقة هورو جودورو ووليجا ، ووقعت في خضم تعتيم الاتصالات في هذه المناطق.
و أشار التقرير إلى تهجير الآلاف المواطنين وهروبهم من مناطقهم وانتشار السلب والنهب وتدمير الممتلكات الخاصة.
وقال أحد سكان جارداجا جارتي ووريدا ، في بلدة عليبو ، ممن فروا من المنطقة بحثًا عن الأمان ، لـ ” صحيفة أديس ستاندرد ” شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام ، ” إن الهجمات شملت بلدات جارداجا وأليبو وأمورو ، وهي مستمرة منذ يوم الخميس ، 22 سبتمبر ، بعد ثلاثة أسابيع من هجوم مماثل في منطقة أغامسة ، قتل فيه أكثر من 60 مدنياً خلال يومين خلال هجوم شنه رجال مسلحون ينتمون لإقليم أمهرة .
واتهم شاهد العيان الذي تحدث عن الهجوم الأخير ” ميليشيا فانو الأمهرية ” بارتكاب هذه المذبحة ، وقال ” إنه فقد21 من اقاربة من بينهم 14 قتلوا في مكان واحد.
واضاف ” بدأت الهجمات من بلدة جارداغة وامتدت إلى المناطق الريفية المحيطة ، ولم يتسن تحديد العدد الدقيق للضحايا منذ الهجمات مستمرة واستمرار فرار المدنيين من المناطق لانقاذ حياتهم.
و قال شاهد العيان الذي فر للنجاة بحياته من المنطقة لـ Addis Standard عبر الهاتف : “لا توجد وسيلة اتصال لتحديد من مات ومن على قيد الحياة وكذلك إلى أين فر الجميع” .
واضاف “من الواضح أن جماعة فانو المسلحة من أمهرة هي التي نفذت الهجمات , مؤكدا أن المواطنين الاثيوبيين الذين يعيشون في هذه المناطق يمرون بمعاناة لا توصف ، مطالبا بضرورة أن يعرف العالم الحقيقة “.
كما تحدث الشاهد عن نزوح واسع النطاق خلال الأيام الماضية ، وقال ” هناك الكثير ممن لا يعرفون مكان أحبائهم ، مات الكثيرون ولا نستطيع أن ندفنهم ، ما نمر به يصعب وصفه وفهمه “.
وعندما سئل عن وجود قوات الأمن الحكومية الاثيوبية ، قال الشاهد: “القوات الأمنية غادرت المنطقة ، لم يكن هناك من يحمي المدنيين. الحكومة تخلت عنا “.
وفي بيان أصدرته في 24 سبتمبر الجاري ، اعترفت دائرة الاتصالات الحكومية الفيدرالية الإثيوبية بمقتل مدنيين .
وفي بيان صدر في 26 سبتمبر ، اتهمت جبهة تحرير أورومو الحكومة الإثيوبية الفيدرالية بانتهاك الدستور والقوانين الدولية. و دعت جبهة تحرير أورومو “جميع أصحاب المصلحة إلى حماية المدنيين العزل وضمان سلامتهم وممتلكاتهم دون أي تمييز على أساس الدين أو الجنس .
كما ألقت جبهة تحرير مورو باللوم على جماعة مسلحة من ولاية أمهرة الإقليمية. وقالت جبهة تحرير أورومو: “تحت ستار القضاء على القوات المسلحة التابعة لجيش تحرير أورومو ، غزت القوات النظامية الحكومية وميليشيات ولاية أمهرة فانو وأمهرة الإقليمية والقوات الخاصة بانتظام مناطق (ووريدا) وكيبلات أوروميا الغربية ، و مناطق هورو غودورو وشرق والاجا”. .
وأعربت حركة تحرير أورومو عن “استيائها من صمت المجتمع الدولي وسلبيته في الوقت الذي يتم فيه ترتكب فيه هذه الجراءم و المعاناة الإنسانية المقيتة والموت يوميا في أوروميا ، مشدده علي أوروميا أصبحت الآن مسرحًا آخر للمعاناة البشرية والموت “.
وقال مسؤول حكومي في مدينة شامبو تحدث أيضًا إلى ” أديس ستاندرد ” عبر الهاتف ” إن العديد من الذين فروا من الهجمات تمكنوا من الوصول إلى مدينة شامبو ، عاصمة منطقة هورو جودورو ووليجا.
واضاف المسؤول ” إن الشوارع مليئة بالناس الذين فروا من العنف حاملين أكياس بلاستيكية ويمشون في مجموعات ، كان النازحون في كل مكان وتم إيواء بعضهم في حرم جامعة ووليجا في شامبو بينما تمكن آخرون من اللجوء إلى مساكن فردية. العديد ممن تحدثت معهم في محنة، فقدوا كل مصادر رزقهم ولا يدركون ما إذا كان أحبائهم أحياء أو أموات.
ولقد تمكنت بعض العائلات من إنقاذ بعض أطفالها لكنهم غير متأكدين مما حدث لبقية أسرهم “.
وانتقد الشاهد عدم غياب الحكومة الإثيوبية عن التخفيف عن معاناة مواطنيها ، قائلا “لا توجد هيئة حكومية تنسق الملاجئ باستثناء حرم جامعة ووليجا شامبو ، لكن المجتمع المحلي يدعم النازحين بما لديهم من طعام وملبس ومكان للراحة.
الحيمي : تحركات دبلوماسية دولية وإقليمية لوقت الحرب في تيجراي
الخبير في شؤون منطقة القرن الأفريقي عبد القادر الحيمي كشف عن وجود تحركات دبلوماسية دولية واقليمية حثيثة لوقف القتال والحرب في إقليم تيجراي وبدء التفاوض بين الحكومة الإثيوبية الفيدرالية وجبهة تحرير تيجراي ، مشيرا إلي أن السودان أبدتء استعداده للتوسط بين الاطراف الاثيوبية بحكم ان السودان رئيس لمنظمة الايجاد في دورتها الحالية ، حيث جاء ذلك خلال الاجتماع الذى جمع بين الرجل الثانى بعد البرهان الفريق الكباشى ومبعوثة الاتحاد الاوروبى للقرن الافريقى أنيت ويبر ، بالاضافة للوساطات التى يقوم بها الاتحاد الافريقي عبر مبعوثيه وايضا مايك هامر المبعوث الامريكى للقرن الافريقي.
واعتبر الحيمي أن أبناء إقليم تيجراي يستثمرون انتصارهم العسكرى سياسيا وتوظيفه لمصلحتهم واعلنوا موافقتهم على المفاوضات برعاية الاتحاد الافريقي كما ابدوا مرونة فائقة بتسمية اعضاء وفدهم واكتسبوا بذلك احترام المجتمع الدولى.
قال ” ولكن رغم ذلك تفاجأ العالم برد الحكومة الاثيوبية بقصف ميكيلى عاصمة إقليم تيجراي ، وشن هجوم مشترك مع الجيش الارترى وكانت محصلة القتال الدامي لمدة 39 يوما فشل ذريع لحملة قوات التحالف التى انهزمت امام دفاعات التيجراى واحبطت تماما خطط الحكومة الاثيوبية التى ادركت انها لا تستطيع ولا تمتلك القدرة على تدمير آلة التيجراى العسكرية .
واعتبر الخبير في شؤون منطقة القرن الأفريقي أن رئيس الوزراء الإثيوبي ابى احمد فى وضع حرج ، حيث تدت الحرب التى يشنها منذ العام 2020 – ولم تحقق اهدافها الى انهيار الاقتصاد الاثيوبي ، والذى انعكس بشكل مباشر على المواطنين الاثيوبيين فى ارتفاع معدلات التضخم وغلاء الاسعار ، بالاضافة الى 11 مليون نازخ داخلى وهناك وفقا لتقارير الامم المتحدة 20 مليون بحاجة للغذاء.
وقال الحيمي ” أنه رغم هناك ملفات شائكة بين السودان واثيوبيا ابرزها ملف النزاع الحدودى وملف سد النهضة ، الا ان القيادة السودانية لا تثق فى القيادة الاثيوبية وتناقضاتها، ففى الوقت الذى يدعو فيه ابى احمد للتفاوض حول النزاع الحدودى تصدر الخارجية الاثيوبية بيانا تسحب فيه اعترافها باتفاقية 1902 وهى اتفاقية دولية ، بل وطالب البيان بانسحاب الجيش السودانى من الفشقة .
واضاف ” كما يحدث نفس الشىء في مفاوضات سد النهضة التى اتسمت بالتعنت الاثيوبى ورفض التعاون بين الدول الثلاثة كما تنص المواثيق الدولية.
وتابع ” لذلك لا يرى السودان اية جدية لابى احمد فى التفاوض غير المماطلة وهو الاسلوب الذى اعتادت اثيوبيا عليه فى التعامل مع السودان فى ملف الحدود طيلة الثلاثين سنة الماضية وفى نفس الوقت تشجع مواطنيها علي زراعة الفشقة وانشاء المستوطنات الى ان اخرجتهم القوات المسلحة السودانية .
وأكد الحيمي أن ابى احمد كرئيس وزراء لاثيوبيا قراره سواء فى ملف النزاع الحدودى وسد النهضة مرتهن بيد حلفائه الامهرة ولا يستطيع مخالفتهم
وقال الحيمي” تزداد الضغوط على ابى احمد فى عزلته الداخلية والاقليمية بفعل معطيات الحرب مع التيجراى الذين بعد النجاحات والانتصارات التى حققوها على قوات التحالف وطردهم لمعظم القوات الارترية ، اقتربت استعادتهم لمدينتهم الحمرة و غالبا صار استعادتهم لها مسالة وقت ، وهو ما تخشاه القيادة الاثيوبية لان استعادة الحمرة تعنى فك الحصار عن الاقليم وتدفق كل انواع الدعم والمساعدات عبر السودان.