اسيا العتروس تكتب .. عن نظرية الصمود الغذائي !..
تونس في أزمة ولا نعتقد أننا نكشف سرا أو نضيف جديدا في هذا الشأن , و لكن الاخطر اليوم أننا ازاء أزمة مستفحلة يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي و القانوني الا أنه لا يبدو حتى الان ان هناك توجه للتعاطي مع هذه الازمة خارج الاطار القانوني الذي طغى على المشهد حيث ينصب اهتمام صاحب السلطة و نقصد رئيس الجمهورية بكل ما هو قانوني الى درجة الاجحاف في احيان كثيرة على حساب كل الازمات رغم خطورتها و تداعياتها التي تنذر بانفجار وشيك , حتى كدنا نعتقد ولا نبالغ في ذلك أن المواطن التونسي سيقتات من الاستشارة الوطنية ويسدد فواتيره من المراسيم ويعلم ابناءه باستبدال بنود الدستور الجديد أو القانون الانتخابي …نقول هذا الكلام و نحن نرصد الفشل الذريع في رصد واستباق المخاطر ممثلة في أزمة غذائية لا يمكن الا لمكابر أن ينكرها والا نتبه لمؤشراتها الخطيرة ..و لا شك أن هذه الازمات تتجه نحو مزيد التعقيد يوما بعد يوم مع شح الموارد المالية و التمويلات و تواتر النقص المفضوح في المواد الغذائية الاساسية و طوابير المواطنين الذين ينتظرون الفوز بالسكر و القهوة والماء و ربما غير ذلك من المواد ..صحيح أنه تم تطويق ازمة السكر و اللجوء الى توريد كميات من الجزائر والهند و لكن الواقع انه لم يرافق ذلك ما يؤشر الى ان الازمة وراءنا او انها لن تتكرر قريبا في ظل تواصل سياسة النعامة و الهروب الى الامام ومواصلة البحث في كل مرة عن كبش فداء لتحميله المسؤولية و التخفي وراء ما يمكن وصفه بالشعبوية المفرطة التي توازي الشعوذة السياسية التي لا تغير من الواقع شيئا ولكنها قد تساهم في تكريس الاحباط في النفوس ..و عندما يكون الاقتراض هو الحل الوحيد في البلاد و بدونه يكون الجمود والشلل فان في ذلك مؤشر لا يخفي على لبيب او مراقب بقرب افلاس الدولة ..
من الاقتراض من اجل تسديد الديون وصرف الاجور الى الاقتراض من اجل الصمود الغذائي لا يبدو أن تونس أمام رفاهية الخيار في ظل تضاؤل الافاق بما رض عليها أن تتجه الى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية المتعلق للحصول على قرض من اجل ما بات يعرف لصمود الأمن الغذاء بقيمة مائة وخمسون مليون خمسمائة ألف (150.500.000) أورو…والصمود الغذائي برنامج أقرته مجموعة السبع و منظمات دولية لانقاذ الدول الاكثر معاناة و تاثرا بتداعيات الحرب في اوكرانيا ..وهو ما يعني لزاما الاعتراف بأن الوضع تجاوز الخطوط الحمر وأن بلادنا دخلت مرحلة الارتهان والاستجداء لاطعام التونسيين ..و السبب لا نخاله مرتبط بالتحولات الاقليمية والدولية المتسارعة وحدها و هي مخاطر حقيقة لا يمكن التقليل من شانها و لكن السبب الاخطر ليس بمعزل عما يحدث في بلادنا بل ان السبب الاساسي يعود الى غياب الوضوح و انعدام الرؤية في التعاطي مع المخاطر الماثلة أمامنا حتى تحولت كل السنوات الى سنوات عجاف و غابت السنوات السمان عن المشهد ..
لا خلاف ان الحكم يعني استباق الاسوأ واستشراف الازمات القريبة منها اوالبعيدة, وهذا يتطلب فطنة وحنكة و قدرة قد لا تتوفر لاي كان و قد تستوجب الاعتماد على كفاءات عالية تشخص الازمات و تستحضر العلاج المطلوب , فادارة دواليب الدولة تستوجب دون شك المبادرة ايضا بتقديم الحلول و البدائل قبل استفحال الاوضاع و ليس بعد ان تصل نقطة اللاعودة .. و سيتعين انتظار ما ستعلنه وكالة التصنيف الائتماني الامريكية موديزبشأن اعادة التصنيف السيادي لتونس لندرك ان امك صنافة ليست منظمة خيرية و لا جكعية انسانية متاهبة لاخراج الدول من حال الى حال ..
• نقلا عن جريدة الصباح التونسية .