صندوق النقد:يتوقع ركود في نمو الاقتصاد العالمي بسبب ضغوط الأسعار العام المقبل
يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي “هذا العام أو العام المقبل”، حسبما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لصندق النقد لشهر أكتوبر (بي دي إف) الصادر أمس. وأبقى صندوق النقد على توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي عند 3.2% لهذا العام، لكنه كان أقل تفاؤلا بشأن العام المقبل، إذ يتوقع أن يتباطأ النمو إلى 2.7% – أي أقل بمقدار 0.2 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في يوليو. وصدر التقرير في الوقت الذي يعقد فيه صندوق النقد والبنك الدوليين اجتماعاتهما السنوية في واشنطن.
“الأسوأ لم يأت بعد، فقد الكثير من الناس سيشعرون بالركود في عام 2023″، وفقا لما كتبه كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفيه جورينشاس في التقرير. وقال أيضا إن الاقتصادات الثلاثة الأكبر في العالم – الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي – ستستمر في التعثر خلال عامي 2022 و2023.
ما الذي وراء هذه النظرة القاتمة؟ يلخص عنوان التقرير،الصادر عن صندوق النقد “مواجهة أزمة تكلفة المعيشة”، الأمر بشكل أو بآخر. ويرى الصندوق أن التضخم هو الخطر الأكبر على النمو العالمي، إلا أن التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية لكبح التضخم المتصاعد يمثل تهديدا أيضا، مما يجعل العديد من الاقتصادات عالقة بين المطرقة والسندان.
المطرقة: ضغوط كبيرة على الأسعار. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل التضخم العالمي ذروته عند 8.8% في وقت لاحق من هذا العام (ارتفاعا من 6.6% التي كانت متوقعة في السابق). وقال إن التضخم سيصل إلى 7.2% خلال هذا العام في الاقتصادات المتقدمة (بزيادة 0.6 نقطة مئوية عن توقعات يوليو)، و9.9% في الاقتصادات الناشئة والنامية (بزيادة 0.8 نقطة مئوية). وتوقع الصندوق أن يتراجع معدل التضخم إلى 6.5% في عام 2023 و4.1% في العام التالي، بحسب التقرير.
السندان: “سوء تقدير” خطر في السياسة. أوضح الصندوق أن صانعي السياسة معرضون لخطر “سوء تقدير السياسة النقدية أو المالية” خلال عملهم على استعادة استقرار الأسعار. وقال أيضا إن البنوك المركزية بحاجة إلى هندسة “هبوط ناعم”، ورفع أسعار الفائدة بما يكفي لكبح التضخم، ولكن ليس لدرجة أن يؤدي ذلك إلى ركود قاسي. وبالنسبة للحكومات، من المهم أن تعمل السياسة المالية بما يتماشى مع السياسة النقدية وألا تثير الذعر في الأسواق المالية أو تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية، حسبما قال جورنيشاس لتلفزيون بلومبرج، في إشارة إلى الفوضى التي شهدتها سوق السندات مؤخرا والتي تسبب فيها الكشف عن خطط الإنفاق الخاصة برئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس.
هناك مخاطر هبوطية أخرى: “نقدر أن هناك احتمالا بواقع واحد إلى أربعة أن ينخفض النمو العالمي في العام المقبل إلى ما دون المستوى المنخفض تاريخيا البالغ 2%”، وفقا لما كتبه جورنيشاس أمس. وتشمل المخاطر الهبوطية “سوء تقدير” السياسة من جانب الاقتصادات الكبرى، والمزيد من الاضطرابات في الأسواق المالية نتيجة ارتفاع الدولار، وتواصل الضغوط التضخمية، والمزيد من تصعيد الحرب في أوكرانيا.
الأسواق الناشئة الأكثر عرضة لمشكلات الديون: أشار الصندوق إلى أن الأسواق الناشئة معرضة بشكل خاص لمشكلات الديون، حيث تفاقمت الديون القياسية التي نتجت عن فترة الجائحة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا. وقال الصندوق إن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ذات الاحتياجات التمويلية الخارجية الكبيرة والديون المقومة بالدولار قد تواجه صعوبات في مواصلة سداد تلك الديون وسط صدمات أسعار الطاقة والغذاء، وتدفقات رأس المال الخارجة، وارتفاع الدولار.
“حان الوقت الآن لصانعي السياسات في الأسواق الناشئة أن يستعدوا للصعوبات المقبلة”، حسبما جاء في التقرير، مشيرا إلى البلدان التي لم تقم بذلك تلجأ الآن لصندوق النقد الدولي للحصول على دعم طارئ لتعزيز السيولة لديها. كما شدد الصندوق على مطالبته لدول مجموعة العشرين للمشاركة في محادثات جادة بشأن إعادة هيكلة الديون لنظرائها من البلدان النامية لتجنب موجة محتملة من التخلف عن السداد في الأسواق الناشئة.
توقعات الصندوق للاقتصاد المصري والمنطقة
التحديات العالمية لا تزال تلقي بثقلها على الاقتصاد المصري: خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في العام المالي 2023/2022 إلى 4.4% (أقل بنسبة 1.5% عن تقديرات يوليو)، بعد أن أبقى في يوليو على توقعاته للنمو البالغة 5.9% مع خفض التوقعات العالمية.
دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تواصل تحدي الانكماش: رفع صندوق النقد الدولي توقعاته بشكل طفيف عما كانت عليه في يوليو لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى 5% في 2022 و3.6% في 2023، مع استفادة الدول المصدرة للنفط بالمنطقة من ارتفاع الأسعار.