ليبيا .. المبعوث الدولي : الازمة السياسية لا تزال قائمة دون أن تلوح في الأفق نهاية واضحة للمأزق
أكد عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، أن الأزمة السياسية في ليبيا لا تزال قائمة دون أن تلوح في الأفق نهاية واضحة للمأزق الذي طال أمده بشأن السلطة التنفيذية , على أهمية ضمان دعم المجتمع الدولي للجهود الليبية بطريقة منسقة والالتفاف حول قيادة الأمم المتحدة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعمّق الانقسامات أكثر فأكثر.”
وقال باتيلي في أول إحاطة يقدمها لمجلس الأمن الدولي ” إن الأزمة السياسية لا تزال قائمة دون أن تلوح في الأفق نهاية واضحة للمأزق الذي طال أمده بشأن السلطة التنفيذية. إضافة إلى ذلك، فإن الجهود المبذولة لحل القضايا العالقة المتبقية والمتصلة بالقاعدة الدستورية للانتخابات لا تصب، فيما يبدو، في سبيل اتخاذ إجراءات ملموسة من جانب الجهات الفاعلة ذات الصلة، مما يزيد من تأخير احتمالات إجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة لإنهاء المرحلة الانتقالية واستعادة شرعية المؤسسات.”
وللاستجابة لهذه التحديات، أكد المسؤول الأممي أنه قرر إعطاء الأولوية للمشاورات مع الجهات الفاعلة المؤسسية والسياسية والأمنية والمجتمع المدني في ليبيا وعبر جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك جنوبها وشرقها وغربها , وقال: “لا تزال هناك اختلافات كبيرة حول الطريقة التي يريدها الليبيون للتغلب على الأزمة الحالية.”
أشار باتيلي إلى وجود إجماع يكاد يكون تاما عبر كل الأطياف بإدانة تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية في ليبيا والتدخل الأجنبي المستمر في شؤون البلاد، وقال: “أكدتُ لجميع من تحاورت معهم أن حل الأزمة يجب أن يأتي من داخل ليبيا، استناداً إلى إرادة الشعب الليبي. وحثثتُ قادة البلاد على الإصغاء إلى تطلعات الشعب للسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية وإلى قيادة تستجيب لإرادتهم.”
وأشار باتيلي إلى أن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا، وأضاف أنه ينبغي إعادة تنشيط المسار الأمني لأنه تأثر سلبا بالمأزق السياسي الذي طال أمده.
وأبلغ باتيلي مجلس الأمن أن الاشتباكات العنيفة في طرابلس في 27 آب/أغسطس أدّت إلى تحوّل في ميزان القوى في العاصمة، مما زاد من عمق التوترات بين الجهات الأمنية في الشرق والغرب وأدى إلى استقرار هش.
وعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في تحشيد المجموعات المسلحة والاشتباكات فيما بينها، لكن ثمّة تقارير عن أنشطة جارية لعمليات تجنيد واسعة النطاق. وأدّى القتال بين المجموعات المسلحة في الزاوية، غربي طرابلس، في 25 أيلول/سبتمبر، إلى محاصرة عشرات العائلات لعدة ساعات ومقتل ثلاثة مدنيين على الأقل، بمن فيهم فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات.
وأضاف أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وافقت على الاجتماع تحت رعاية الأمم المتحدة في سرت يوم الخميس المقبل لمناقشة استئناف الأنشطة التي تضطلع بها اللجنة لمواصلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
فيما يتعلق بمحادثات رئاسة الأركان، التقى رئيسا الأركان في تونس العاصمة في 12 أكتوبر على هامش معرض للطيران والدفاع. ولم تتحقق بعد الزيارة التي يعتزم القيام بها رئيس أركان الدفاع بالجيش الليبي إلى بنغازي.
وقال: “أحث على اللقاءات الدورية بين رئيسي الأركان لتبادل الآراء وإعطاء الزخم للخطوات الرامية إلى إعادة توحيد المؤسسات العسكرية.”
وفيما يتعلق بالتطورات على المسار الاقتصادي، قال باتيلي إن هذا المسار يشمل إصدار التقارير السنوية لديوان المحاسبة الليبي وهيئة الرقابة الإدارية عن أنشطة المؤسسات العامة، بما في ذلك مصرف ليبيا المركزي وحكومة الوحدة الوطنية. واستجابة لبعض النتائج والتوصيات الواردة في التقريرين، أعلن رئيس الوزراء، السيد الدبيبة، عن سلسلة من الإجراءات الإدارية التصحيحية، وتم فتح تحقيقات في عمل مسؤولين ليبيين استنادا إلى الملاحظات والتوصيات الواردة في التقريرين.
أعرب باتيلي عن أسفه إزاء حالة حقوق الإنسان في ليبيا، التي لا تزال تبعث على القلق على حدّ تعبيره. وتحدث عن مواصلة الانتهاكات التي يتعرّض لها المهاجرون وطالبو اللجوء مع الإفلات من العقاب.
وأشار إلى إعلان وزارة الداخلية عن إجراء تحقيق ينبغي أن يقدّم الجناة إلى العدالة. وقال السيد باتيلي: “أدعو السلطات الليبية إلى اتخاذ تدابير فورية وذات مصداقية لمعالجة الوضع المتردي للمهاجرين واللاجئين وتفكيك شبكات الاتجار بالبشر والشبكات الإجرامية المتصلة بها.
وأضاف أن هذه الأعداد لا تشمل ما يقرب من 3,243 مهاجرا من المحتجزين تعسفا في مراكز التوقيف التي تديرها جهات حكومية.
وقال: “ينبغي على السلطات الليبية ضمان الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة للمحتجزين بتُهم ثابتة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفياً.”
وقال باتيلي في ختام كلمته إن الوضع في ليبيا يستدعي عملية توافق في الآراء لإعادة شرعية الدولة.
وأشار إلى وجوب تأسيس مؤسسات شرعية قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب على أساس إرادة سياسية حقيقية. وقال: “في إطار هذه العملية، يأتي إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كأولوية قصوى.”
وأكد أنه سيكثف المشاورات مع الجهات الفاعلة ذات الصلة لإحراز تقدم في التوصل إلى اتفاق بشأن المعايير اللازمة لتحقيق هذا الهدف بما في ذلك خلال القمة المقبلة لجامعة الدول العربية. وقال باتيلي إنه في الأسابيع المقبلة يتعهد بتسهيل اجتماع بين قيادتي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لفهم الالتزامات المعلنة في الرباط (21 تشرين الأول/أكتوبر) والاتفاق على تدابير سياسية ودستورية وقانونية وأمنية للمضي قدما في التحضير للانتخابات في أقرب وقت ممكن انسجاما مع التطلعات التي عبّر عنها الشعب الليبي بشكل جليّ.
الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة للمحتجزين بتُهم ثابتة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفياً.”
مندوب ليبيا في مجلس الأمن : الليبيون في حالة ترقّب وإنتظار
ورحب مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، بالسرعة التي شرع فيها السيد باتيلي بالعمل وتصريحاته التي أعلن فيها فور وصوله اعتزامه التواصل مع جميع الأطراف الليبية دون استثناء والاستماع لها بخصوص الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية.
وقال: “نتمنى أن يستكمل السيد باتيلي من حيث انتهى من سبقه، فلا نعيد مرحلة التجارب والأخطاء السابقة ثم نتوقع نتائج مختلفة.”
وقال إن الليبيين في حالة ترقّب وانتظار ويوّدون رؤية انتهاء هذه المرحلة من الأزمات، والتعبير عن رغبة قرابة 3 ملايين ناخب لإجراء الانتخابات.
وأشاد بما وصفه “بوادر توافق” في مجلس الأمن: “نرى ذلك في إمكانية تعيين المبعوث الخاص بعد قرابة عام وكذلك ما نتوقعه من إصدار قرار لتمديد ولاية البعثة.” وأوضح أن هذا التوافق يبعث بعض الأمل حول وجود إرادة من مجلس الأمن لحل المشكلة السياسية في ليبيا.
وأكد طاهر السني أن الانتخابات ستكون خطوة مهمة لإيجاد الحل، وكرر طلب دعم المفوضية العليا للانتخابات والحكومة وإرسال فرق لتقييم الاحتياجات من الأمم المتحدة وتوفير الدعم الفني واللوجستي للانتخابات بدءا من الآن بالتوازي مع المسارات السياسية والقانونية الأخرى.
“سيكون ذلك مؤشرا مهما على جدية المجتمع الدولي لدعم الانتخابات وإرجاع الزخم الذي كان موجودا قبل شهر ديسمبر الماضي.”
وأشار إلى الحاجة لدعم الجهود الوطنية للخروج من دائرة الصراع على حد تعبيره، وإنهاء التدخلات الأجنبية والانقسام، “ولا سبيل لذلك سوى بمصالحة وطنية حقيقية” لتساهم في حلحلة الانسداد السياسي الراهن.
وقال: “نحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين جميع أبناء الوطن بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ونعمل على طيّ صفحة الماضي”
وأضاف أن المجلس الرئاسي قام بخطوات عملية فاعلة بدأت بإنشاء المفوضية العليا للمصالحة الوطنية برئاسة النائب عبد الله اللافي وتم إنشاء لجنة من خبراء القانون لصياغة قانون موحد للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية. ولفت الانتباه إلى عقد اللجنة الاستشارية اجتماعها الأول في طرابلس منذ أيام بعضوية الاتحاد الأفريقي للإعداد للملتقى التحضيري الذي سيُعقد في منتصف الشهر المقبل بحضور أكثر من 80 عضوا يمثلون كافة المدن والمناطق الليبية تمهيدا لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية المتوقع العام المقبل