بعد التهديد بالعقوبات – قادة الانقلابات العسكرية في غرب افريقيا يقبلون بفترة انتقالية من عامين
(إيكواس) تطبيق سياسة لي الذراع ضد الانقلابيين وإنشاء قوة عسكرية تابعة للسيدياو مناهضة للانقلابات
نجحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، في فرض إرادتها على الدول التي شهدت انقلابات عسكرية، مستخدمة سلاح التهديد ولي الذراع وفرض العقوبات، وأجبرت السلطات العسكرية الانقلابية في كل من في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، علي أن لا تزيد الفترات انتقالية عن سنتين، وهو ما كان امتحانا حقيقيا لرمزية وفعالية هذه المنظمة الاقليمية.
لا تعتزم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التراجع أمام الانقلابيين في دول المنطقة، ففي حين أن البعض يدعوا إلى إجراء تعديلات على نظمها وقوانينها، تعمل المنظمة الإقليمية على وضع حد “لفيروس” الانقلابات الذي انتشر مؤخرا في عدد من الدول الأعضاء، ووصل الي أربعة انقلابات في كل من مالي وإثنين في بوركينا فاسو، وواحد في غينيا.
وكاد فيروس الانقلابات العسكرية أن يصل الي غينيا بيساو ويطيح بالرئيس عمر سيساكو إمبالو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، في فبراير العام الماضي، والذي تحدث، عن ضرورة إنشاء قوة عسكرية تابعة للسيدياو، مناهضة للانقلابات، دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن طريق عمل هذه القوة ولا طريقة تشكيلها.
رغم ذلك، فإن السيدياو نجحت، إلى حد ما، في فرض جدول فترة انتقالية على الانقلابيين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، إلا أن الانقلابيين تأخروا كثيرا في قبول المدة التي اقترحتها السيدياو وهي 24 شهرا.
وفي مالي، حيث أطاح مجموعة من الضباط الشباب يقودهم عاصمي جويتا، بالرئيس المدني الأسبق إبراهيم ابوبكر كيتا في أغسطس 2020، وقدمت السلطات الانتقالية بعد الانقلاب الثامي على الجنرال باه انداو مايو 2021، مقترحا بفترة انتقالية تصل إلى 5 سنوات، ما أثار حفيظة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي فرضت عقوبات منها إغلاق الحدود بين الدول الأعضاء مع مالي، وتجميد أصول مالي المالية، وذلك لمدة ستة أشهر.
اضطرت السلطات المالية أخيرا إلى الإذعان للسيدياو وضغوطها، حين وقع الرئيس الانتقالي عاصمي جويتا على مرسوم يحدد الفترة الانتقالية بسنتين، تبدأ من مارس 2022، على أن تنظم الانتخابات فبراير 2024.
خلال زيارتها منتصف أكتوبر المنصرم إلى باماكو، قالت المستشارة الأمريكية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، إن السلطات المالية ماضية في تعهداتها بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في الوقت المحدد.
وأضافت “أعيد ما قلته في مالي، حتى الآن وحسب ما لمسناه فإن الحكومة الانتقالية في مالي تلتزم بتعهداتها باحترام مدة الفترة الانتقالية وتنظيم الانتخابات 2024”.
أما في بوركينا فاسو، دولة أخرى في منطقة الساحل تعيش على وقع الهجمات المسلحة والعنف، قاد العقيد بول هنري داميبا انقلابا عسكريا يناير 2022، أطاح خلاله بالرئيس المدني روك مارك كابوري.
واتفق داميبا مع السيدياو على فترة انتقالية من عامين، تبدأ يوليو 2022، وتنتهي يوليو 2024، لكن داميبا لن يستطيع البقاء في الحكم سوى 8 أشهر.وأطيح بداميبا في انقلاب عسكري، اضطر بعده للجوء إلى لومي، في التوجو، مطلع أكتوبر، ويتسلم الحكم بعده ملازم شاب، هو ابراهيما اتراوري.
وتعهد الملازم الشاب لدى تسلمه للسلطة باحترام مدة الفترة الانتقالية المتفق عليها مع السيدياو، ووقع اتراوري بعد الجلسات الوطنية التي نظمت بين 14 و 15 أكتوبر، على الميثاق الانتقالي الذي يحدد ما تبقى من الفترة الانتقالية ب 21 شهرا.
كما تعهد اتراوري بإعادة السلطة إلى المدنيين يوليو 2024، بعد تنظيم انتخابات رئاسية.
وفي غينيا المجاورة، بدأ الوضع معقدا مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي حددت بداية 6 أشهر للانقلابيين الذين أطاحوا بألفا كوندي، لكن السلطات هناك، لم تلتزم بما حددته السيدياو، لتضيع سنة دون تقديم مقترح، قبل أن تهدد المجموعة الاقتصادية بفرض عقوبات قاسية على العسكريين والحكومة الانتقالية.
وأخيرا قدمت السلطات الانتقالية التي وصلت بعد انقلاب سبتمبر 2021، بتقديم مقترح من 24 شهرا إلى السيدياو، وإعادة السلطة إلى مدنيين بعد انتهائها، وذلك بعد تقديمهم بداية مقترحا من 3 سنوات، وصفته السيدياو بأنه غير معقولا ولا مقبول.
التحدي الأكبر.. الأمن
وكان العقيد مامادي دومبيا الذي يحكم غينيا، قال إن هذا المقترح يحدد بداية الفترة الانتقالية من يناير 2023، أي بعد قرابة عامين من تاريخ استلائه على السلطة في سبتمبر العام الماضي. لكن السيدياو لم تقبل بعد بهذا المقترح، الذي اتفق عليه على مستوى الخبراء من الطرفين، لكن يجب أن يقدم إلى القمة المقبلة لرؤساء المجموعة للاتفاق عليه ليبدأ تطبيقه.
وغالبا ما توصف السيدياو من طرف جزء من الرأي العام بأنها “نقابة للرؤساء”، في إشارة إلى أنها تدافع عن مصالح الحكام لا المحكومين، وفي هذا الصدد يدعوا البعض إلى إعادة هيكلة المجموعة، في حين يرى آخرون بضرورة أن تأخذ المجموعة بشكل جدي تطلعات الشعوب في غرب أفريقيا، خصوصا في سياق التطورات الأمنية الجديدة في المنطقة.
وفي هذا الإطار فإن السياق الجيوسياسي في المنطقة، والذي يسيطر عليه تمدد المجموعات الإرهابية، وتعديلات دستورية يرفضها البعض واصفا إياها بأنها ترمي إلى تمكين بعض الرؤساء المنتهية ولاياتهم الدستورية من البقاء في السلطة لمدة أطول.
ويرى مراقبون أن هذه الوضعيات تفسر عودة الانقلابات العسكرية خلال السنتين الأخيرتين في مالي وغينيا وبوركينا فاسو.
إبراهيما كان، وهو مختص بشؤون المنطقة، يقول في تصريحات ل APA إن “على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ألا تهتم فقط بالمظاهر السياسية، بل أن تكون أكثر عمقا، وتعتني بالأمن”.
ومن هذا المنطلق، يضيف كان “ليست هناك حتى الآن مؤشرات واضحة من المؤسسات التابعة للسيدياو لإظهار دورها كمنظمة إقليمية، كما فعلت في السيراليون وليبيريا، حيث يجب أن تتدخل عسكريا لإعادة الأمن والاستقرار في بوركينا فاسو، ومالم يطبق ذلك، فمن الصعب أن تفرض على العسكريين تنظيم انتخابات في مدة معقولة”، من أجل إعادة السلطة إلى المدنيين.