هل يصلح النظام الفيدرالي في إفريقيا؟ بعد 4 تجارب في إثيوبيا والسودان ونيجيريا والصومال
دراسة توصي: بتسريع وتيرة الفيدرالية في الدول التي تعاني إنقسامات مثل السودان وليبيا
هل بالامكان تطبيق تجربة الفيدرالية أو نظام اللامركزية في القارة الافريقية؟ وما مدي نجاحها إن طبقت؟ هذا ما تناولته دراسة الدكتور محمد عز الدين الباحث المتخصص في الشأن الافريقي بجامعة القاهرة- ورئيس مؤسسة النيل للدراسات الافريقية والاستراتيجية.
يقول عز الدين: أن بعض الساسة يؤكدون أن القارة الافريقية تعد من افضل القارات التى يمكن ان تعمم فيها التجربة الفيدرالية او نظام اللامركزية وذلك للاختلافات الإثنية والقبلية داخل كل دولة افريقية خاصة دول جنوب الصحراء المتعددة الاعراق واللغات والقبائل والقوميات.
لكن هناك أراء أخرى تقول ان الفيدرالية هي بداية التقسيم ولكي نصل الى فهم حقيقى لمعنى الفيدرالية ونماذج تطبيقها في قارة افريقيا، وما هي الدول الافريقية المؤهلة في تطبيق هذا النظام العالمي في الحكم؟ ومقارنة ذلك بالانظمة العالمية التي نجحت في ذلك كالولايات المتحدة الامريكية.
تعريف النظام الفيدرالي:
هناك آراء مختلفة حول أصل الفيدرالية ومعناها،
أولاً: يعتقد أن أصل الكلمة لاتيني، وهي مشتقة من كلمة Foedus التي تعني المعاهدة أو الاتفاق.
ثانياً:يرى البعض الآخر بأنها مشتقة من كلمة Fides or Trust التي هي نوع من الاتفاق المبني على الثقة المتبادلة بين الأطراف،
ثالثاً: يراها آخرون أن أصل الكلمة Foedus يوناني ومعناها عصبة أو اتفاق بين طرفين أو أكثر أو ميثاق .
والفيدرالية نظام سياسي يقوم على بناء علاقات تكامل محل علاقات تبعية بين مقاطعات او اثنيات او قوميات داخل دولة او عدة دول يربطها اتحاد مركزي، على أن يكون هذا الاتحاد مبنيا على أساس الاعتراف بوجود حكومة مركزية لكل الدول الاتحادية، وحكومة ذاتية للولايات أو المقاطعات التي تنقسم إليها الدولة، ويكون توزيع السلطات بين الحكومات الإقليمية والحكومة المركزية.
والدولة الفيدرالية تقوم أصلاً للتوفيق بين تيارين متضادين، أولها هو التيار الاتحادي الناشئ من عوامل تدعو إلى الوحدة، وأما الثاني فهو التيار الانفصالي الناشئ من عوامل تستمد من رغبة الشعوب والجماعات في التمتع بأكبر قسط من الاستقلال.
وأهم الملامح العامة للأنظمة الفيدرالية هي : أن هناك نظامان حكوميان على الأقل لكل منهما استقلاليته الذاتية، يديران شؤون المواطنين مباشرة، وتوزيع دستوري للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وتقسيم موارد الدخل بين نظم الحكومة، ودستور أعلى لا يمكن تعديله من جانب واحد، وحكم مرجح أو مرجع، وغالبا ما يكون محكمة اتحادية أو فيدرالية.
وقد ازدادت عدد الدول الفيدرالية في العالم حتى أصبحت 28 دولة فيدرالية، وتضم 40 % من سكان العالم وهي دول متعددة القوميات تحتاج الجماعات القومية فيها إلى المزيد من الاعتراف بها والمزيد من الحكم الذاتي لها ومن أكبر الدول الفيدرالية في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبرازيل وألمانيا والهند ، وتصنف ثلاث دول أفريقية على أنها أنظمة فيدرالية واضحة وهي: نيجيرها وجنوب أفريقيا وإثيوبيا ، كما أن هناك دول أخرى ما زالت في طور التحول نحو النظام الفيدرالي
دواعي الفيدرالية
اتجهت بعض الدول المتخلفة لديمقراطية برلمانية شكلية وزائفة، اعتمدت بعض منها نظام فيدرالي شكلي وزائف أيضا ترك معظم السلطات والموارد الاقتصادية في يد المركز. وهذه الفيدرالية الزائفة هي التي يمكن أن تهدد الدولة التي تعتمدها بالتفسخ والانحلال والانقسام الى عدد من الدول المستقلة بعد ما كانت دولة موحدة ويظهر ذلك واضحا في الحالة السودانية.وكما حدث من قبل في يوغوسلافيا.
أما الفيدرالية الحقيقية فإنها تحافظ على وحدة الدولة وتبعد عنها شبح التقسيم، بل تجعلها عصية عليه ومحصنة ضده. ولذا تعد الفيدرالية رافعة من روافع التنمية الشاملة والتقدم الحضاري وضمان حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والقضائية وحقوق الأقليات.
وقد تطورت الصين الشعبية كفدرالية بحكم الواقع بدون قانون رسمي ينص على ذلك،عن طريق منح صلاحيات واسعة للأقاليم بتدبير شؤونها الاقتصادية وتطبيق السياسات الوطنية فيما يخصها.ونفس الشيء حدث في أسبانيا، ودون أن ينص على ذلك دستور كل منها
واقع الحكم الفيدرالى في القارة الافريقية
هناك دول في افريقيا طبقت التجربة الفدرالية ومنها نيجيريا واثيوبيا والسودان وهناك بعض الدول الاخرى تريد ان تسير في نفس الركب مع السابقين في تطبيق نظام الحكم الفيدرالي في دولتهم مثل الصومال وهناك دولة مؤهلة لذلك بسبب تقسيماتها المناطقية او الجغرافية مثل ليبيا.
لكن علينا ان ندرس هل هذه الدول التى بالفعل طبقت نظام اللامركزية او الحكم الفيدرالي ونجحت الى حد ما في وقف تدهور دولتهم بسبب المركزية ام ان هذه الدول مازالت تعاني من ويلات التدهور والحروب بسبب الحكم المركزي ام انها تعاني ايضاً من سيطرة فئة ودكتاتورية بعيدة كل البعد عن الديمقراطية التى ينشدها النظام الديمقراطي.
أثيوبيا
اذا قمنا بأطلالة سريعة في الواقع الاثيوبي في ظل الفيدرالية نجد انها كانت قبل تطبيق نظام الحكم الفيدرالى للاقاليم الاثيوبية منقسمة لغوياً وقومياً وكذلك في احزابها وحركاتها التحررية.
لكن منذ عام 1919م قامت الحكومة الأثيوبية ممثلة بالجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية بإعتماد نظام فيدرالي للحكم حيث بذلت جهود كبيرة لإرساء المشروع الديمقراطي في البلد التقليدي الفقير جداً والمتعدد الأعراق.
وتنقسم إثيوبيا الى تسعة أقاليم وذلك بناءً على اللغة والعرق اضافة إلى منطقتين حضريتين وهما أديس أبابا ودايردوا تلك الأقاليم التسعة هي : أوروميا ومهارا وتيجاري والأمم والشعوب والقوميات الجنوبية وعفار وصومالي وبنيش وانجال كومز وكامبلا وهرري.
استطاعت الفيدرالية ان تحقق عدة نجاحات في اكثر من مجال وبفضل تبنيهم للنظام اللامركزي او الفيدرالي استطاعت اثيوبيا ان توقف الحروب التى كانت مستعرة بين الاقاليم وكذلك استطاعت كل قومية ان تحتفظ بثقافتها ولغاتها داخل اقليمها مما اعطت مساحة للتفاهم بين هذه القوميات.
ومن الناحية الاقتصادية اعطى النظام الفيدرالي دفعة قوية لاثيوبيا في النمو وعمل مشاريع ضخمة يلتف عليها كل القوميات الاثيوبية مثل قطار اثيوبيا جيبوتى او سد النهضة الاثيوبي ولكن ما لم تستطيع الفيدرالية ان تحققه في اثيوبيا حتى الان بنسبة كبيرة هي ارساء الديمقراطية التي كانت ينشدها النظام الفيدرالي لم تكن حتى الان قدر طموحات الشعوب الاثيوبية.
نيجيريا
تعد نيجيريا أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد للسكان إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 193 مليون نسمة حسب الوكالة الوطنية النيجيرية للأحصاء كما أنها تضم أكثر من 250 مجموعة عرقية تتباين في أوزانها النسبية وقوة تأثيرها على الصعيد السياسي.
وتذهب بعض المصادر إلى ذكر عدد 374 جماعة إثنية ،تنقسم في عمومها إلى أقليات إثنية وأغلية إثنية ، وتتمثل العرقيات الأكثر عددا والأقوى نفوذا على الصعيد السياسي في الهوسا والفولاني أو كما يعرفون الهوسا فولاني Haoussas-Fulanis في الشمال وقبائل اليوربا les Yorubas في الجنوب الغربي والإيبو les Ibos في الجنوب الشرقي.
وتمثل هذه الجماعات الإثنية أكثر من 57.8 % حسب إحصائيات سنة 1963 ،وقدكانت الأقاليم الثلاثة التي تقطنها هذه الجماعات الإثنية منطلق تشكل الدولة الفدرالية النيجيرية الحديثة.
وإنطلقت إثيوبيا منذ إستقلالها عن بريطانيا سنة 1960 بإعتمادها النظام الفدرالي من ثلاث أقاليم وأول ملاحظة هنا هي أن التقسيم الجغرافي لم يعتمد المعيار اي معيار غير انها اعتمدت على المعيار القبلي وذلك راجع لقوة العلاقات القبلية وأولوية الولاءات القبلية عن الولاء للدولة لدى معظم الشعوب الأفريقية وهذا الواقع القبلي لكثرة التعددات الاثنية والقبلية اعطت اولوية لنجاح النظام الفيدرالي في نيجيريا واوقفت حروب طاحنة كانت تأكل الاخضر واليابس بين القبائل المختلفة او الديانات المختلفة خلاصة التجربة الفيدرالية في نيجيريا.
وتلعب القبيلة دورا بارزا في جل الصراعات في نيجيريا والتي تنشأ بسبب التنافس السياسي والإقتصادي والإجتماعي ،وعليه فالقول بأنها صراعات دينية هو رأي فيه كثير من التجني على الدين الذي أقحم كغطاء لصراعات قبلية بإمتياز .
ورثت نيجيريا النظام الفيدرالي كمكسب إستعماري شكل تركة ثقيلة على جهود بناء الدولة النيجيرية الحديثة ،وهو ما جعل الحكومات المتعاقبة سواء العسكرية أو المدنية منها تسعى إلى إفراغ الفدرالية من مقوماتها ،وبالتالي تحويل نيجيريا من دولة فيدرالية إلى دولة ذات طابع فدرالي D’un état fédéral خاصة بعد تجربة إنفصال إقليم بيافرا وما تبعه من حرب ودمار.
تشكل الحلول التي إعتمدتها الحكومة النيجيرية على عدة مسارات ،حجر أساس نحوالسيطرة على ظاهرة العنف وتحويل الصراعات القبلية إلى تنافس إيجابي لبناء نيجيريا الحديثة فكانت دعم ركائز الديمقراطية الفيدرالية اولى الخطوات وتقسيم الحكم ولذلك برغم الفساد الاداري الكبير الذى ينغمس فيه النيجيرين الا ان الفيدرالية نجحت في انتشال نيجيريا في الوقوع في حروب طاحنة كانت كفيلة بتحويل نيجيريا الى دولة فاشلة.
الفيدرالية في ليبيا
انعقد في مارس 2012 بمدينة بني غازي شرق ليبيا مؤتمرا شعبيا يحمل أسم “مؤتمر شعب برقة”، يستهدف الدعوة إلى إقامة نظام فيدرالي يجمع بين ولايات برقة وطرابلس وفزان بدلا من الحكم المركزي في طرابلس وهو النظام الذي كان معمولا به في ظل الملكية وفق دستور 1951 وظل معمولا به حتى 1964 عندما تقرر اعتماد نظام مركزي للدولة في طرابلس، وبحيث تتولى كل من الولايات الثلاث المسؤولية عن قطاعات التعليم والصحة والإسكان والتنمية بينما تترك للحكومة المركزية إدارة السياسة الخارجية، والمالية والدفاع وبحيث يتم البدء بتأسيس ولاية برقة على أن يقوم على إثر ذلك سكان الولايتين الأخريين بنفس الشيء..
وقرر المؤتمر الذي شارك فيه قرابة ثلاثة آلاف شخص من أهل برقة “تأسيس مجلس إقليم برقة الانتقالي لإدارة شؤون الإقليم والدفاع عن حقوق.
وأكد المؤتمرون في بيان لهم أن “النظام الاتحادي الوطني (الفيدرالي) هو خيار الإقليم كشكل للدولة الليبية الموحدة في ظل دولة مدنية دستورية واعتماد دستور الاستقلال الصادر في 1951 كمنطلق مع إضافة بعض التعديلات وفق ما تقتضيه ظروف ليبيا الراهنة”..
ولا يمكن القول في الحالة الليبية أن سكان برقة ينطلقون في طلب الفيدرالية نتيجة الوعي السياسي واستيعاب تطور الفكر السياسي الدولي وإنما يعد الدافع لهم نفسيا أكثر من شيء آخر، فهم باعتبارهم الإقليم الذي انطلقت منه الثورة على القذافي وأكثر أقاليم ليبيا معاناة من حكم القذافي على مدى أربعة عقود منذ قام بانقلابه على الملكية عام 1969.
وقام بتهميش برقة ونهب خيراتها، وهم يعتبرون الآن بأنه ما كان بإمكان القذافي أن يعاملهم تلك المعاملة غير العادلة لولا فساد نظام الحكم المركزي فإن الرغبة النفسية في التخلص من كل آثار القذافي والحنين إلى ماضي ليبيا هما الدوافع الحقيقية للمطالبة بعودة الفيدرالية.
وجرى الحديث أيضا في أطار الفيدرالية عن إمكانية تقسيم ليبيا إلى خمس ولايات هي: برقة وطرابلس ومصراتة وجبل نفوسة وفزان ومما سبق يتبين لنا ان الحالة الليبية في ظل هذه الصراعات والخلفية الفيدرالية في الحكم قبل قيام ثورة الفاتح التى اطاحت بالحكم الفيدرالي في ليبيا تؤهل ليبيا الى العودة للفدرالية والنجاح للاصلح.
ملامح الفيدرالية الصومالي
إن للفيدرالية الصومالية ملامحها الخاصة بها نوجزها في ثلاث ملامح رئيسية هي :
فيدرالية طوعية غير مفروضة من سلطة مركزية قوية، وهي أيضا فيدرالية تفكيك وإعادة التوحيد من جديد، وأخيرا فيدرالية يمثل المجتمع الدولي فيها- عبر المكتب السياسي للأمم المتحدة في الصومال- طرفا أساسياً في تنفيذها.
أولاً:فيدرالية طوعية تتميز الفيدرالية الصومالية بأنها فيدرالية طوعية اختيارية، وليست هناك سلطة مركزية قوية تفرض النظام الفيدرالي من القمة على الوحدات المكونة لها كما جرى في بعض الدول الفيدرالية، مع اعترافنا بأهمية وجود سلطة مركزية توازن النزعات الانفصالية وحماية الوحدة.
وإذا كانت الوحدة الأولى التي تمت بين المحميتين الصوماليتين الإيطالية والبريطانية في الأول من يوليو 1960م التي أنتجت الدولة الصومالية- وحدة طوعية، جاءت تعبيراً صادقاً عن رغبة الشعب الصومالي في الوحدة والعيش معاً، فإن إعادة توحيد الصومال من جديد -عبر النظام الفيدرالي – لن يكون أيضا إلا برضى الشعب في جميع مناطق الجمهورية، ولن يأتي ذلك إلا بالتفاوض والتنازل المتبادل والوصول إلى حلول وسط.
ومن المؤكد أن الأنظمة الفيدرالية التي تنشأ بصورة طوعية لديها فرص أكبر في البقاء والاستمرار كما أن الأنظمة التي تأسست نتيجة مفاوضات بين مكوناتها المختلفة تحظى على الشرعية لدى المواطنين، ولديها القدرة على نشر قيم التسامح والتعايش بين مواطنيها.
ثانياً:فيدرالية التفكيك والتوحيد معاً: من ملامح الفدرالية الصومالية أنها فيدرالية تفكيك وإعادة التوحيد معاً، فالفيدرالية في العالم عادة ما تتم عبر احدي طريقتين،
الأول هو: تفكيك وحدة مركزية قائمة إلى وحدات إقليمية عبر منح بعض سلطات وصلاحيات المركز للأقاليم.
والثاني هو اتحاد عدة دول او مقاطعات مستقلة في الأساس على نظام فيدرالي موحد عن طريق تنازل تلك الدول عن بعض صلاحياتها السيادية للدولة الفيدرالية.
والفيدرالية الصومالية الحالية هو تفكيك للوحدة والدولة المركزية الصومالية التي تأسست عام 1960م، ومن ناحية أخرى تمثل اتحاداً جديداً بين مكونات الدولة الصومالية المركزية التي تفككت خلال العقدين الماضيين من الحرب الأهلية إلى أجزاء متناثرة ومتقطعة لا يجمعها حكم مركزي فعلي على أرض الواقع وإن لم تأخذ بعد شكل الدول المستقلة التي تتمتع بالصفة القانونية للاستقلال
.
وعلى هذا الاساس ينبغي أن يدرك الصوماليون جميعا قيادة وشعبا أن مركزية الدولة الصومالية الشديدة بالمسحة العسكرية الدكتاتورية لم تجد نفعا، وفشلت في الحفاظ على وحدة البلاد، وبنفس الدرجة فإن حالة الانقسام والتشرم التي عاشها الصوماليون خلال مرحلة الحرب الأهلية ومحاولة فرض نظام أحادي من طرف واحد لن تعيد الدولة الصومالية ولن توحد الشعب الصومالي من جديد، لذا ينبغي أن نستفيد من تجربة المرحلتين ونستخلص منهما الدروس، وندرس تجارب الدول الفيدرالية التي تمت عن طريق التفكيك أو التوحيد لإعادة كيان الدولة الصومالية من جديد على أسس مختلفة وعلى عقد إجتماعي جديد.
ثالثاً: فيدرالية برعاية دولية : تنفرد الفيدرالية الصومالية عن بعض مثيلاتها في الدول الأخرى أنها فيدرالية برعاية وإشراف دولي، وليست شأنا داخليا يخص الأطراف الصومالية وحدها، فالاعتبارات السياسية الناشئة عن ظروف الحرب الأهلية، وانهيار الدولة الصومالية والأوضاع الانسانية الناتجة عنها، وعدم قدرة الصومال القيام بسئولياته أمام مواطنيه وأمام المجتمع الدولي كدولة – أدي إلى تدخل المجتمع الدولي في شأن الصومال عسكريا وسياسياً، ووضع الصومال في حالة شبه وصاية عليه تشبه الوصاية الدولية التي وضع فيها قبيل الاستقلال في الفترة ما بين (1950-1960م ).
وتعيش الحكومات الصومالية منذ عام 2000م في أحضان المنظمات الدولية ، ويقوم كل من المكتب السياسي للأمم المتحدة في الصومال ومنظمة الإيجاد والاتحاد الأفريقي – من خلال قوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال – بدور الراعي والمشرف للعملية السياسية برمتها، ويقوم مبعوث الأمم المتحدة للصومال بدور المرجع في حل الخلافات السياسة بين الأطراف الصومالية ، كما يوقع الاتفاقيات بين الأطراف الصومالية بصفته طرفا أصيلاً في العملية
التوصيات
مما سبق يستوجب علينا ان نوصى بما يلي:
أولاً: أن الانظمة الفيدرالية القائمة في أفريقيا تبذل مزيدا من الجهد للوصول الى حقيقة النظام الفيدرالى القائم على نشر الديمقراطية واستفادة الاقاليم المتحدة فدرالياً من ثرواتها اكبر استفادة ممكنة لتحقيق الرخاء لكل الدولة وتحقيق الانتماء لكل الدولة وكذلك للبقاء على هذه الدولة الفيدرالية في حالة اتحاد دائم دون قيام حركات احتجاجية من اقليم ضد حكم المركز كما في حالة اثيوبيا او السودان .
ثانياً:تسريع وتيرة الوصول الى الحكم الفيدرالي للدول التى تشهد عنف بأسباب ايدلوجية او عرقية اوجغرافية مثلما يحدث في ليبيا او الصومال والافضل لهاتين الدولتين الوصول الى الفيدرالية الحقيقية ومن المرجح ان تدخل دولة جنوب السودان الوليدة في قاطرة الفيدرالية العالمية خاصة بعد النزاع على السلطة التى تحولت الى صراع قبلي بين عدد من القبائل على رأسهم قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها الرئيس سلفاكير وقبيلة النوير التي ينتمي اليها نائبه الاول وغريمه السياسي الذي حاول الانقلاب عليه والانقضاض على السلطة الجنرال رياك مشار.