أخبار عاجلةاخبار افريقياغرب افريقيا

تشاد والسنغال .. خطوات بعيدا عن فرنسا : هل تواجه باريس انتكاسة جديدة في علاقاتها الإفريقية ؟

في خطوة مفاجئة أعلنت تشاد الخميس إلغاء اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا , في خطوة أعادت للأذهان قرارات دول الساحل ” مالي والنيجر وبوركينا فاسو ” قطع تعاونها العسكري مع باريس , وهو ما اعتبره مراقبون انتكاسة دبلوماسية جديدة لفرنسا في علاقاتها مع حلفاءها في القارة الأفريقية .

وتزامنت الخطوة التشادية بإلغاء اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا مع إعلان الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي الخميس أن وجود فرنسا العسكري في بلاده يتعارض مع سيادتها .

قال وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله الخميس إن بلاده ألغت اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا , مضيفا في بيان نشرته وزارته على صفحتها في موقع فيس بوك إن “حكومة جمهورية تشاد تبلغ الرأي العام الوطني والدولي بقرارها إلغاء اتفاقية التعاون الدفاعي الموقعة مع الجمهورية الفرنسية”.

وأضاف البيان أن “الوقت قد حان لكي تفرض تشاد سيادتها بشكل كامل بعد أكثر من ستة عقود من الاستقلال”.

من جانبه اعتبر الرئيس السنغالي باسيرو ديومايي فاي الخميس أن وجود القواعد العسكرية الفرنسية في بلاده يتعارض مع السيادة الوطنية مضيفا خلال مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أن “السنغال دولة مستقلة.. إنها دولة ذات سيادة، والسيادة لا تتفق مع وجود قواعد عسكرية (أجنبية) في دولة ذات سيادة”.

وتحدث فاي عن تحديث مرتقب لعقيدة التعاون العسكري، مضيفا أن فرنسا ستضطر إلى إغلاق قواعدها العسكرية في السنغال , موضحا أن هذا التحديث “يعني بوضوح أنه لن تكون هناك قواعد عسكرية في السنغال لأي بلد كان”.

وأكد الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي أن وجود فرنسا العسكري في بلاده يتعارض مع سيادتها.

وأضاف فاي في في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أجريت في القصر الرئاسي “السنغال دولة مستقلة. إنها دولة ذات سيادة، والسيادة لا تتفق مع وجود قواعد عسكرية (أجنبية) في دولة ذات سيادة”. مضيفا أنه سيكون على فرنسا أن تغلق قواعدها العسكرية في السنغال.

أفرو نيوز 24 طرح علي خبراء في الشؤون الإفريقية التساؤل حول إعلان تشاد إنهاء علاقتها العسكرية مع فرنسا , قراءة في الأسباب الأبعاد والتداعيات .

ويقول رامي زهدي  الخبير في الشؤون الإفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” يمثل إعلان تشاد إنهاء تعاونها العسكري مع فرنسا وطلبها إنهاء الوجود العسكري الفرنسي على أراضيها تحولاً استراتيجياً في العلاقات بين فرنسا ودول الساحل الإفريقي , مضيفا” هذا القرار ليس مجرد حادثة منفصلة بل يعكس سياقاً أشمل لتغيرات جذرية في المشهد السياسي والجيوسياسي في إفريقيا , كما يعد مؤشراً على تصاعد الاتجاه نحو التحرر من الهيمنة الفرنسية في القارة.

تداعيات القرار علي العلاقات التشادية-الفرنسية .. التاريخ الاستعماري وعلاقته بالحاضر

IMG 20240514 WA0012 1 تشاد والسنغال .. خطوات بعيدا عن فرنسا : هل تواجه باريس انتكاسة جديدة في علاقاتها الإفريقية ؟

أوضح رامي زهدي أنه منذ استقلال تشاد عام 1960، ارتبطت الدولة ارتباطاً وثيقاً بفرنسا التي لعبت دور الحامي العسكري والسياسي للبلاد , مشيرا إلي أن هذا الارتباط شكّل جزءاً من استمرارية النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية , لكن مع مرور الزمن، ازدادت التوترات بين الطرفين، خاصة في ظل الإخفاقات الفرنسية المتكررة في معالجة الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تواجه تشاد.

تنامي المعارضة الشعبية

ونوه الخبير في الشؤون الأفريقية أنه في السنوات الأخيرة، شهدت تشاد احتجاجات شعبية متصاعدة رفضاً للوجود الفرنسي، مدفوعة بإحباط واسع من فشل فرنسا في تحسين الظروف الأمنية أو المعيشية , وتعكس هذه التحركات الشعبية حالة الاستياء من الاستمرار في علاقة توصف بأنها غير متكافئة وتخدم المصالح الفرنسية أكثر من تطلعات الشعب التشادي.

وعدد رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية الأسباب المباشرة وراء القرار القرار التشادي الغاء اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا , ويأتي علي رأسها :

الإرث الاستعماري وفقدان الثقة

 وقال زهدي ” لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبه الاستعمار الفرنسي في تشكيل العلاقة بين باريس ودول الساحل. إرث الهيمنة هذا ظل يؤثر سلباً على صورة فرنسا في إفريقيا، مما جعلها عرضة للانتقاد كلما عجزت عن تحقيق نتائج ملموسة من تدخلاتها السياسية أو العسكرية. 

الإخفاقات الأمنية المتكررة

 وأوضح رامي زهدي أنه رغم العمليات العسكرية الكبرى التي قادتها فرنسا في المنطقة، مثل “برخان”، إلا أن التهديدات الإرهابية لم تتراجع بل ازدادت، مما أثار تساؤلات عن جدوى هذا التعاون وأهدافه الحقيقية. 

التغيرات في السياسة التشادية الداخلية

وقال رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية ” إنه مع تولي محمد إدريس ديبي زمام الحكم، بدا واضحاً أن القيادة الجديدة تسعى لتحرير نفسها من الاعتماد المفرط على فرنسا، واتباع سياسات تعزز السيادة الوطنية واستقلالية القرار.

تصاعد النفوذ الروسي والصيني

  ونوه زهدي إلي وجود بدائل دولية مثل روسيا، التي تقدم دعماً عسكرياً عبر قوات “فاغنر”، والصين التي تركز على التنمية والبنية التحتية، أتاح لتشاد خيارات جديدة لتحرير نفسها من الهيمنة الفرنسية.

الأزمات الاقتصادية والاجتماعية

 ولفت رامي زهدي إلي أن تشاد تواجه تحديات اقتصادية كبيرة دفعت حكومتها للبحث عن نماذج تعاون جديدة تحقق نتائج عملية بدلاً من استنزاف الموارد في علاقات غير مجدية مع الشريك الفرنسي.

الأبعاد الجيوسياسية للقرار

ونوه رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقي الي الأبعاء الجيوسياسية للقرار التشادي وعلي رأسها :

الأثر على فرنسا ودورها في إفريقيا

وقال زهدي ” يمثل انسحاب فرنسا من تشاد ضربة قاسية لاستراتيجيتها في الساحل الإفريقي. فمع تقلص نفوذها في مالي وبوركينا فاسو، يتسع الخطر على مصالحها الاقتصادية والسياسية في القارة. هذا التراجع يضعف مكانة فرنسا كلاعب أساسي في إفريقيا ويثير تساؤلات عن قدرتها على الحفاظ على دورها التقليدي.

صعود قوى جديدة في المنطقة

وأوضح أنه مع انسحاب فرنسا، يتوقع أن تتنافس قوى دولية أخرى مثل روسيا والصين وتركيا لملء الفراغ الأمني والسياسي في المنطقة. هذه الديناميكيات الجديدة ستعيد رسم خارطة النفوذ الدولي في إفريقيا.

تأثيرات داخلية على السياسة الفرنسية

ولفت زهدي إلي أنه على المستوى الداخلي، يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون انتقادات متزايدة بسبب ما يوصف بالفشل في إدارة العلاقات مع إفريقيا. وقد تؤدي هذه التطورات إلى إجباره على إعادة تقييم السياسة الفرنسية في القارة.

الأبعاد السياسية والاقتصادية للقرار

وتطرق زهدي إلي الأبعاد السياسية والاقتصادي للقرار التشادي وعلي رأسها :

تعزيز استقلال القرار الإفريقي

وقال رامي زهدي ” يمثل قرار تشاد نقطة تحول في طريقة تعامل دول إفريقيا مع القوى الاستعمارية السابقة, يبرز هذا التوجه رغبة في صياغة علاقات جديدة تقوم على الاحترام المتبادل وليس التبعية.

تداعيات اقتصادية

ونوه إلي أن تراجع النفوذ الفرنسي سيتيح لدول مثل الصين وروسيا فرصاً أكبر للاستثمار في الموارد الطبيعية لإفريقيا، ما قد يؤدي إلى إعادة توجيه الاقتصاد الإفريقي نحو شراكات أكثر تنوعاً.

انعكاسات أمنية

وأكد رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية أن غياب فرنسا عن المشهد الأمني قد يزيد من التحديات الإرهابية في الساحل الإفريقي، مما يتطلب حلولاً جديدة تعتمد على التعاون الإقليمي والدولي بطرق غير تقليدية.

التداعيات المستقبلية

وشدد زهدي علي قرار تشاد ليس مجرد خطوة رمزية، بل يفتح الباب أمام تحولات أكبر في إفريقيا قد تشمل إنهاء الهيمنة الفرنسية في مناطق أخرى. يشير هذا الحدث إلى تغير في طبيعة العلاقات الدولية للقارة، حيث لم تعد القوى التقليدية مثل فرنسا وحدها تتحكم بالمشهد، بل تنافسها قوى جديدة تسعى لتحقيق توازن جديد يخدم تطلعات الشعوب الإفريقية.

وقال رامي زهدي الخبير في الشؤون الإفريقية ”  يشكل إعلان تشاد إنهاء علاقتها العسكرية مع فرنسا لحظة تاريخية تستدعي قراءة معمقة للتغيرات التي تشهدها إفريقيا , مضيفا ” يتوجب على فرنسا الاستجابة لهذه التحولات عبر إعادة بناء سياستها الإفريقية على أسس جديدة تتجاوز المصالح الآنية وتضع في الاعتبار التنمية المستدامة والتعاون الحقيقي مع الشعوب الإفريقية.

بشكل ودي

download 2 1 تشاد والسنغال .. خطوات بعيدا عن فرنسا : هل تواجه باريس انتكاسة جديدة في علاقاتها الإفريقية ؟
الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين

ويقول الدكتور محمد تورشين الصحفي والخبير المتخصص في الشؤون الإفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” : إن تعليق تشاد أوالغاء اتفاقية التعاون العسكري والدفاع المشترك مع فرنسا جاء بشكل ودي , بمعني أنه لما نلاحظ في بيان تشاد كات الذي اصدره وزير الخارجية التشادي تحميل فرنسا الكثير من الاشكاليات سواء كان الاشكاليات الامنية أو الاشكاليات الاقتصادية والتنموية المرتبطة بالفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في تشاد كما حدث من قبل الانظمة العسكرية التي حكمت ووصلت الحكم في كل من مالي وبوركينا فاسو و النيجر , باعتبار ان كانت لهجات بيانات تلك الدول كان بشكل حاد جدا يحمل فرنسا كل شيء  .

وأضاف ” لكن اعتقد ان فسخ تشاد تلك الاتفاقيات مع فرنسا  تم بالتراضي وتم بالتشاور ,ولا استبعد تماما أن يأتي في اطار التقرير الذي جان ماري بوكل، المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إفريقيا،وسلمه إلى الرئيس ماكرون حول “إعادة تشكيل” الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا والذي يدعو إلى شراكة “متجددة” و”مشاركة في البناء” مع الدول الأفريقية ,  باعتبار انه تحدث بضرورة خفض الوجود الفرنسي في إفريقيا .

وأشار الدكتور محمد تورشين إلي أنه هذا الاطار فرنسا أبقت على ثلاث قواعد عسكريةرئيسية قاعدة في في شرق افريقيا في جيبوتي وكذلك قاعدة في وسط افريقيا في الجابون وقاعدة في غرب إفريقيا في كوت ديفوار , متوقعا واتوقع انه سيتم اعادة النظر أيضا في الوجود والتواجد الفرنسي في السنغال , باعتبار أن حديث الرئيس السنغالي جوماي فاي بشكل واضح عن السيادة وهي نفس المنطلقات التي تحدثت بها تشاد بالأمس وتحدثت بها دول الساحل من قبل.

 واستبعد الدكتور محمد تورشين أن تمثل تلك التطورات انتكاسة فرنسية جديدة في قارة إفريقيا خاصة وأنها تتزامن مع الخطط الفرنسية لإعادة علاقاتها مع مناطق نفوذها السابقه لسابق عهدها واعادة انتشار قواتها في القارة , مؤكدا أن فرنسا ادركت واستوعبت الدرس , بأن لديها أخطاء و اشكاليات حقيقية , ومقاربتها  المعتمدة هي مقاربة اشبه بالمقاربة التي اعتمدتها فرنسا الاستعمارية , مشيرا إلي فرنسا تسعي الآن تسعى لإعادة رسم مقاربة وواقع جديد في القارة الإفريقية يعتمد بشكل مباشر بالاعتراف بكل الاحداث والجرائم والانتهاكات التي وقعت إزاءالافارقة.

وقال ” أعتقد مثلا الاعتراف بالمجازر في حق الرماة السنغاليين هذا حدث مهم جدا , مضيفا ” إن هذه الخطط الحديثة الفرنسية جاءت ربما حتى تقطع الطريق أمام التمدد الروسي بشكل أو بآخر في مناطق فرنسا التاريخية , بحيث أن فرنسا هي حاضنة ثقافيا واقتصاديا وعسكريا , والآن روسيا هي حاضنة عسكريا , لكن اقتصاديا ليس لديها القدرات الكافية لمنافسة فرنسا ولا حتى ثقافيا.

وتابع ” فبالتالي فرنسا ربما استوعبت الدرس وهي الآن بحاجة لتصحيح الاخفاقات المرتبطة بالماضي الاستعماري حتى تستطيع أن تظل باقية و شريك قوي لأفريقيا الفرانكفونية , و استكشاف أراضي جديدة مساحات جديدة في الدول الناطقة البرتغالية والاسبانية كغينيا بيساو و غينيا الإستوائية , و حتى الدول الناطقة بالانجليزية مثل غانا ونيجيريا .

إقرأ المزيد :

إعادة تشكيل الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا .. إعادة تموضع أم مناورة لحصار النفوذ الروسي في القارة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »