في السودان أكد المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، مقتل أكثر من 55 فنانًا سودانيًا منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل 2023، ووفقًا لتقرير صادر عن المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ومركز أبحاث الموسيقى السوداني، ومن بينهم فنانون لقوا حتفهم نتيجة القتل خارج نطاق القضاء والحرمان من الرعاية الصحية والتعذيب أثناء الاحتجاز.
“دموع القيثارات وصراخ المتاحف” هو تقرير أصدره المركز العربي لدراسات العدالة والسلام يوم أمس، يسلط الضوء على الانتهاكات التي تعرض لها الفنانون منذ بداية الحرب من خلال شهادات ميدانية، ومقابلات مع عائلات الضحايا، وتحليلات مفتوحة المصدر، وصور الأقمار الصناعية.
ومن بين الوفيات الموثقة وفاة الشاعرة والمغنية والناشطة شادن حسين، المعروفة في السودان باسم شادن جاردود، والتي اشتهرت بنشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي وانتقادها الصريح للتدخل الإسلامي في المساعدات الإنسانية، وقُتلت في 13 مايو 2023. وكانت تنشر رسائل قبل يوم واحد فقط من وفاتها تدعو إلى السلام وتوثق فظائع الحرب.
ويعتقد في البداية أن شادن قُتلت في حادث قصف، لكن التقرير يكشف أن قناصاً استهدفها بينما كانت جالسة على سطح منزلها في الأبيض، عاصمة شمال كردفان، مع ابنها وأفراد آخرين من الأسرة.
“وعندما حاول رفاقها الحصول على سيارة أحد الجيران لنقلها إلى المستشفى، أطلقت ثلاث رصاصات إضافية في محيطهم، كما أعاقت نقطة تفتيش تقدمهم، مما أدى إلى تأخير كبير في إنقاذها”، كما جاء في التقرير، ومن بين الفنانين الآخرين الذين وردت أسماؤهم في التقرير المغني والملحن حمدان أزرق الذي قُتل في تفجير في أم درمان، وآسيا عبد المجيد، أول ممثلة مسرحية سودانية، والتي قُتلت بنيران عشوائية في الخرطوم بحري.
الانتهاكات المركبة
وبينما لقي بعض الفنانين مصرعهم في السودان بشكل مباشر نتيجة لإطلاق النار والقصف، لقي آخرون حتفهم في وقت غير مناسب بسبب حرمانهم من الرعاية الصحية، مثل عازف لوحة المفاتيح إبراهيم ميكو والملحن بشير عبد المجيد، اللذين توفيا متأثرين بإصابات لم يكن من الممكن علاجها بسبب انهيار الخدمات الطبية .
وتوفي آخرون تحت التعذيب والاعتقال التعسفي، مثل عازف الإيقاع كامل حسن، الذي “استسلم لإصابات التعذيب” في سجن سوبا بالخرطوم في 30 أغسطس من هذا العام، بعد اعتقاله من قبل مليشيا الدعم السريع في مايو/أيار 2023.
التراث الثقافي
إن تأثير الصراع لا يقتصر على الأرواح البشرية بل يمتد إلى التراث الثقافي للسودان. ويدين التقرير الهجمات على المواقع الثقافية والتاريخية باعتبارها محاولات متعمدة لمحو التراث السوداني
وبحسب تقرير المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، تعرض المتحف الوطني السوداني للنهب، مع تداول مقاطع فيديو لقوات الدعم السريع داخل المبنى. كما ورد أن متحف التاريخ الطبيعي في الخرطوم تعرض للتدمير بالقصف، مما أدى إلى فقدان عينات لا يمكن تعويضها. وتعرض متحف بيت الخليفة في أم درمان لأضرار، كما تعرضت المسارح الوطنية للقصف أو أعيد استخدامها كقواعد عسكرية.
وأفاد راديو دبنقا في مايو أن القصر الجمهوري القديم في الخرطوم تعرض لغارة جوية للجيش السوداني، مما أدى إلى اشتعال النيران في أجزاء منه، وكان القصر قد تعرض لأضرار في غارات جوية في مايو 2023 ومرة أخرى في أغسطس 2023. وسقط تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع مع بداية الحرب في أبريل 2023.
وفي ولاية نهر النيل، أثار القتال بالقرب من المواقع الأثرية في نجع والمصورات في مروي، ومقاطع فيديو لجنود لميلشيا الدعم السريع في الموقع، مخاوف بشأن الموقع المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وكتب المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام: “نظرًا لوصول قوة عسكرية لاحقًا ووجود ألغام أرضية في المنطقة، فإن الوضع الحالي لهذه الآثار وأي ضرر محتمل ربما لحق بها لا يزال غير مؤكد”.
فنانين منقسمين
ويشيد التقرير بالفنانين الذين اتخذوا موقفاً حازماً ضد الحرب. ومن هؤلاء الفنانين أبو عريجي البخيت، ونانسي عجاج، ويوسف الموصلي، الذين استخدموا فنهم لإدانة العنف ونشر رسائل الوحدة ،لكن التقرير يأسف لأن فنانين آخرين “وقعوا في فخ الاستقطاب”، مستخدمين فنهم لدعم الفصائل المتحاربة، ويذكر التقرير ندى الجلاء وكامل سليمان كأمثلة لفنانين أنتجوا أعمالاً لصالح القوات المسلحة السودانية، في حين أصدر فنانون مثل إبراهيم إدريس أغاني تؤيد مليشيا الدعم السريع.
ويختتم المركز الأفريقي لدراسات السلام تقريره بحث المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية لحماية الفنانين والتراث الثقافي، ويدعو إلى اتخاذ تدابير أقوى لحماية حرية التعبير، ودعم المبادرات التي تركز على السلام، والحفاظ على الهوية التاريخية للبلاد.
إقرأ أيضا:-
من الحرب الى المسرح… الفن السوداني يجد مساحات جديدة في القاهرة
جنوب السودان.. افتتاح المدرسة المصرية الثانوية الفنية بمدينة “واو” بولاية غر بحر الغزال
السودان .. تدشين جائزة الإمام الصادق المهدي للآداب والفنون
بشري سارة من وزير التعليم المصري للطلاب السودانيين الدارسين في المدارس المصرية
