آسيا العتروس تكتب .. خنساوات فلسطين القائمة تتمدد
ظلت صرختها مكبوتة وهي تتلقى الخبر , ظلت واجمة لم تصدق ما حدث لطفليها ..كل شيء من حولها انهار فجأة …رصاص الاحتلال سرق منها فلذتي كبدها في لحظة واحدة وأضاف لخنساوات فلسطين اسما اضافيا , فليس في فلسطين بيت بلا أسرى أوشهداء وليس في فلسطين بيت بلا خنساوات وهن برغم كل الاوجاع و الالام يواصلن تقديم التضحيات الجسام و رسم الملاحم اليومية .
جواد وظافر الريماوي شقيقان فلسطينيان من رام الله كانا الى وقت قريب يحلمان رغم قيود الاحتلال بمكان تحت شمس هذا العالم يتسع لتحقيق أهدافهما المشتركة واسعاد أم انتظرتهما طويلا ليشتد عودهما قبل أن يستهدفهما بدم بارد رصاص الاحتلال ويصادرالحلم الى الابد ويفاقم مأساة عائلة مع ظلم الاحتلال .
جواد يبلغ من العمر واحد وعشرون سنة وهو خريج كلية الاعمال والاقتصاد في بير زيت وأما ظافر فيبلغ من العمراثنان وعشرون عاما وهوايضا طالب في كلية الهندسة والتكنولوجيا في الجامعة ذاتها انتهت رحلتهما في الحياة مبكرا وشيعهما الاف الفلسطينيين الغاضبين الى مثواهما الاخير …
حدثت الجريمة بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي غابت فيه كل معاني التضامن الانساني وحضرت بدلا من ذلك بعض البيانات الباردة المذيلة بعبارات النفاق والخنوع .
لكل نساء فلسطين حكاية مع الاحتلال وفجوره و ظلمه من المخيمات الى السجون والمعتقلات الى كل شبر من حقول فلسطين ومزارعها وبيوتها و مقدساتها وهي بالتاكيد حكاية تستحق أن توثق و تدون وتنشر بكل لغات العالم حتى بقى حكايات خنساوات فلسطين شاهدا على ملاحم مستمرة لا يكاد يمر يوم دون أن تتمدد القائمة وتكتب بدماء الشهداء تضحيات ومعاناة الامهات الائي يختطف الاحتلال فلذات أكبادهن .
لقد عرف التاريخ العربي الإسلامي خنساء واحدة، وهي الشاعرة العربية المشهورة الخنساء، تماضر بنت عمرو، التي استشهد أبناؤها الأربعة في معركة القادسية سنة 14 هجرية، والتي قالت حينما بلغها الخبر: “الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”…
لكن التاريخ الفلسطيني المعاصرعرف مات الخنساوات اللواتي فقدن أبناءهن فلذات أكبادهن، في انتفاضات المواجهة مع الاحتلال دفاعاً عن الأرض والوطن والبقاء والوجود..والاكيد أن القائمة تتمدد كل يوم وتتسع مع تمادي الاحتلال في جرائمه , جرائم يبدو أن الضمير الانساني يتجه للتطبيع معها و لم تعد مهما بلغت من البشاعة والفظاعة تحرك السواكن في عالم سيمته الانفلات والتوحش وهيمنة للاقوى والاكثر حصانة من المحاسبة أوالمسائلة أوالملاحقة على حساب الاضعف.
رئيس الوزراء الاسرائيلي ليبد يسعى جاهدا الى ممارسة نفوذه على أكثر من خمسين دولة لمنع التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة على طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية بشأن طبيعة الاحتلال , وهي بالتاكيد مسألة لا تخلو من الخطورة و سيتعين على الدول المناصرة للقضية الفلسطينية في الجمعية العامة سحب البساط أمام لبيد واخفاق مسعاه وهي مسألة تحتاج في الحقيقة الى حظور وفطنة في الجمعية العامة لانجاح و تأكيد هذه الفتوى التي يجب أن تفتح الطريق لملاحقة الاحتلال أمام الجنائية الدولية ..
ولاشك أنه عندما تعتبر ليندا توماس غرينفيلد، مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة، إن العام الجاري هو الأكثر دموية بالضفة الغربية منذ العام 2004فهذه حقيقة لا غبارعليها ,لكن أن تتجه المسؤولة الامريكية الى المطالبة “بالاقتصاص بعدل من كل من يرتكب أعمال عنف، سواء أكان فلسطينيا أم إسرائيليا على اعتبارأنه لا أحد ولا من مجموعة فوق القانون” فهو بالتاكيد اصرارعلى انكارالحقائق ومجانبة للصواب وتوجه نحو المساواة بين الضحية والجلاد واقرار بمبدأ العدالة العرجاء وسياسة المكيالين التي ستؤجج الاوضاع و تدفع الى مزيد العنف و تشجع الالة العسكرية للاحتلال على مزيد الانتهاكات و الجرائم .
لقد كان التصويت لصالح اقرار، وتحديده يوم 29 من نوفمبر 1977، يوما للتضامن العالمي مع فلسطين وشعبها، في ذكرى قرار التقسيم 181، خطوة بالاتجاه الصحيح، و لكنه بقي مبتورا …لقد شكل قرارالتضامن العالمي مع الشعب العربي الفلسطيني صحوة أممية متأخرة.. لكنها خطوة هامة، و قد آن الأوان للمنظومة العالمية الاندفاع لترجمة وتنفيذ قرارالتقسيم الدولي 181 ولو بعد عقود من إقراره.
•نقلا عن صحيفة الصباح التونسية
إقرأ أيضا :
آسيا العتروس تكتب .. عدي تميم .. لم يكن مشهدا هيليوديا وان خيل أنه كذلك