رامي زهدي يكتب : مشروعات البنية التحتية في إفريقيا … ممر الشركات المصرية نحو عمق القارة وطريق التنمية للشعوب الإفريقية
مشروعات المياه , السدود , الطاقة النظيفة , البناء، الطرق، السكك الحديدية، تطوير الموانئ البحرية والنهرية , الطيران , تدوير المخلفات , تطوير المنتج الزراعى ومحاربة الآفات الزراعية، التنبؤ ومقاومة الفيضانات والسيول…. رؤوس موضوعات لمشروعات بنية تحتية هامة ومؤثرة تحتاجها القارة الإفريقية بشكل عاجل الأن قبل غدا.
مشروعات ضرورية لدعم مزيج جهود التنمية المستدامة في القارة الإفريقية، وتحقيق مبادئ الحياة الكريمة لأكبر عدد ممكن من شعوب القارة هدف عظيم يستحق تضافر كل الجهود.
وفى إطار أهمية القارة الإفريقية بالنسبة للعمق الإستراتيجى والإقتصادى والديموغرافى للدولة المصرية , يمكن للدولة المصرية مضاعفة جهود تواجدها الناعم المؤثر فى العمق الإفريقي ولصالح جهود التنمية في القارة، وهناك أمثلة أثرت كثيرا فى السنوات الأخيرة للجهود المصرية في مجال رفع القدرات البشرية والخبرات الإفريقية , منها منتدى شباب العالم , الأكاديمية الوطنية للتدريب وما قدمته و تقدمه من منح للشباب الإفريقي , وهناك المنظمة العالمية لخريجى الأزهر الشريف، لكن القوي الناعمة الإقتصادية هي الأهم في هذا التوقيت، مشاركة مصر عبر شركاتها ومؤسساتها الكبري في تنفيذ مشاريع بنية تحتية مؤثرة في حياة الشعوب الإفريقية هو أقوي تأثير مصري يمكن تحقيقه في القارة الإفريقية.
الإمكانيات المصرية في مجال البنية التحتية
و فى ضوء الإمكانيات المصرية فى مجال المشروعات والبنية التحتية, وإستهداف مصر لحصة كبيرة من مشروعات القارة الإفريقية لصالح الشركات المصرية، إما بأهداف إقتصادية أو إستراتيجية لصالح ابناء القارة، بينما المناخ السياسى والإقتصادى العام فى إفريقيا الأن وتوجه دولها لهدف التنمية المستدامة 2063 – 2050 – 2030 وما يصاحب ذلك من نمو , تطور , عمران , بناء مدن جديدة , توسع رأسى وأفقي فى المبانى ومشروعات البنية التحتية , وزيادة فى المبانى الخدمية والتسويقية والموانئ والمطارات والمدن الجديدة في كافة ربوع القارة، على المستوى اللوجيستى , يظهر لنا مشروع الإسكندرية كيب تاون طريقا بريا داعما للتجارة بطول 11000 كم , انتهت بالفعل معظم مراحله, وكذلك طرق أخرى عرضية وعمودية على الطريق , وكذلك الجزء الإفريقيى من طريق الحرير الدولى , وهناك ايضا الطريق الساحلى الدولى فى شمال القارة, وكذلك الطريق الملاحي فكتوريا الإسكندرية , وما يصاحبه من طرق برية وسكك حديدية ومراكز لوجيستية موازية , بينما يدعم ذلك كله شبكة طرق قوية جدا
داخل مصر تستطيع ان تنقل المنتج وقطع الغيار والآلات والمعدات والمنتجات سريعا وبفاعلية وتكلفة مناسبة لعدد كبير من الموانئ المصرية المتطورة , أو النقل بريا لدول إفريقية وربما فى المستقبل القريب يظهر النقل بالسكك الحديدية كداعم لوجيستى لحركة التجارة فى كل أو معظم أرجاء القارة الإفريقية.
كما تم الإعلان عن قيام السوق الكهربائية الإفريقية المشتركة خلال العام 2021 الذي يمثل دعما كبيرا لحركة الصناعة والتجارة فى القارة وعلى مستوى المشروعات، و يمثل تطورا ملحوظا و إحتمالية نمو غير مسبوقة , فى عدد يزيد عن 29 دولة إفريقية من أصل 55 دولة , قد بدأت بالفعل طريق النمو والإعمار بدرجات متفاوتة., بينما يتجاوز عدد سكان القارة 1.4 مليار نسمة , مع وجود نقص شديد فى الخبرات الإفريقية وتراجع مستوى تنفيذ المشروعات الكبري عبر الإعتماد فقط علي الخبرات المحلية لكل دولة.
المشروعات المصرية في افريقيا تجاوزت 20.6 مليار دولار
المشروعات المصرية الكبري حاليا في القارة الإفريقية وصلت الي حجم غير مسبوق، يتجاوز حاجز 20.6 مليار دولار، وبعدد من المشروعات الهامة سواء من حيث الجدوي الإقتصادية او القيمة المجتمعية، وتتركز المشروعات المصرية في قطاعات مؤثرة، وتدرك مصر جيدا الأن حجم إمكانياتها البشرية والفنية التي تمكن مصر من الأنتقاء الجيد لأولويات المشاريع التنموية في إفريقيا، وبإستعراض أهم نماذج للمشروعات المصرية نجد التالي:
أولا في مجال الزراعة، والإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي والتصنيع وكذلك مقاومة الآفات الزراعية والأمراض الحيوانية، أنشأت مصر عدد كبير من المزارع النموذجية، الزراعية والحيوانية والسمكية، وقدمت مصر نماذج متطورة من الأساليب الزراعية الحديثة، وأنظمة مقاومة الآفات والأمراض الحيوانية، وظهرت المشروعات المصرية في هذا المجال في دول عديدة من القارة خاصة في مجموعة دول حوض النيل وفي مقدمتها أوغندا، كينيا، السودان، جنوب السودان، رواندا، بورندي، الكونغو الديمقراطية، بالإضافة الي دول أخري مثل غينيا بيساو، النيجر، تشاد، و علي مستوي مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة قامت مصر فى الفترة الماضية بافتتاح المرحلة الأولى من محطة توليد الطاقة الشمسية بالمزرعة المصرية التنزانية المشتركة والتي تعد من التجارب الناجحة للمزارع المشتركة في أفريقيا، والتي سوف تكون عند إكتمالها أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في تنزانيا، بما يسهم في مضاعفة قدرات المزرعة المشتركة وإنتاجيتها وتعزيز كفاءتها على صعيد تطوير نظم الري بالتنقيط، بما يحقق منفعة زراعية وغذائية كبيرة لمواطني “زنزبار”، بالإضافة لعدد كبير من محطات الطاقة بإستخدام الرياح او مساقط المياه في عدد من الدول الإفريقية، منها أغندا، أنجولا، جنوب السودان.
علي مستوي الربط الكهربائي ، يأتي مشروع الربط بين مصر والسودان بقدرة 50 ميجا وات، حيث تبلغ تكلفة المشروع ما يقرب من 56 مليون دولار، حيث يهدف المشروع إلى إمداد الدول الأفريقية بالطاقة الكهربائية، حيث تعمل الدولة المصرية على قدم وثاق من أجل الوصول إلى أعلي سعة إنتاجية، لأن أحد أبرز مشكلات القارة هي الطاقة الكهربائية، ويكفي ان يذكر هنا أن 70 % من مواطني إفريقيا لا يملكون مصدر طاقة كهربائي وحيد.
المجري الملاحي فيكتوريا – المتوسط
ومن أبرز المشروعات المصرية، مشروع بحيرة فكتوريا حيث يتضمن مشروع ربط المجرى الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط إنشاء ممرات تنمية تشمل مجارى نهرية بنهر النيل و بحيرة فيكتوريا وسكة حديد وطرق برية وشبكات للإنترنت ومراكز لوجيستية وتنمية تجارية وسياحية بين دول حوض النيل، وذلك بهدف تحقيق رؤية المشروع ” قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك”، حيث تقدر تكلفة تنفيذ المشروع بالكامل حوالي 18 مليار دولار، وفور نجاح هذا المشروع، فإنه سوف ينقل هذه المنطقة الي مرحلة عظيمة إقتصاديا وإستراتيجيا، وحتي مجتمعيا من خلال تعظيم حرية وسهولة حركة الأفراد بين دول القارة لأغراض مختلفة.
مشروعات الطرق والكباري
مشاريع الطرق والكباري، خاصة مشاريع الطرق الدولية السريعة العابرة للدول والحدود، هي أحد أبرز إسهامات الشركات المصرية في إفريقيا حاليا، حيث يعد طريق الإسكندرية – كيب تاون هو الأبرز، كأطول مشروع لربط دول شمال إفريقيا بالجنوب، حيث يربط هذا المشروع مصر بجنوب إفريقيا، بطول 11 ألف كم، ويمر بـ9 دول من شمال القارة إلي جنوبها، ويمكن المستثمرين من نقل بضاعتهم لأى دولة من الدول التى يمر به الطريق فى مدة لاتزيد عن 4 أيام، على عكس البحر الذى يستغرق شهورا، حيث بدأت مصر فى تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع داخل حدودها، وأوشكت تقريبا علي الإنتهاء من 1000 كم علي الأقل داخل حدودها.
الربط السككي بين مصر والسودان
كذلك مشروع الربط البري “السكة الحديد” بين مصر والسودان، لتعظيم مجالات نقل البضائع من ميناء الأسكندرية إلى السودان عبر أسوان اعتمادا على محور السكة الحديد ، لضمان وصول المنتجات المصرية والسلع واللحوم إلى السودان وأفريقيا والعكس، خاصة بعد نجاح الربط البري مع السودان عبر منفذي قسطل وأرقين البريين ، والذين تم افتتاحهما عام 2014، ورغم معوقات فنية عديدة، الا ان الأمور تتحرك للأمام.
مشروعات درء مخاطر الفيضانات والسيول
مشروعات درء مخاطر الفيضانات والسيول، قامت مصر بتنفيذ عدد كبير من المشروعات في هذا الشأن وتشمل مشروعات درء مخاطر الفيضان وأعمال الحفر والتطهيرات للمجاري المائية و تفتيت الصخور الكبيرة و ازالتها بعيدًا عن مسار المجاري المائية، ذلك بالإصافة لمشروعات حفر الآبار الجوفية في عدد من الدول الإفريقية، منها أوغندا علي سبيل المثال حيث تم تنفيذ مشروعات بقيمة 4.5 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية تشمل إنشاء عدد من سدود حصاد مياه الأمطار وحفر آبار لمياه الشرب وتدريب الكوادر الفنية الأوغندية.
سد نهر روفيجي بتنزانيا
ثم المشروع المصري الأبرز في القارة الإفريقية وهو سد “ستيجلر جورج” يقع على نهر روفينجي في تنزانيا الذي يبلغ طوله 600 كيلو متر، وتنفذه شركات مصرية، حيث سيساهم المشروع في توليد الكهرباء بطاقة تصل إلى 2100 ميجاوات، ارتفاعه يصل إلى 134 مترا، بجانب 4 سدود أخرى مكملة لزيادة توليد الكهرباء،وتتجاوز قيمة المشروع 4.8 مليار دولار، وفي نفس الدولة جاري التخطيط لإنشاء جسر الوحدة الذي يربط بين العاصمة دودما وجزيرة زنجبار بتكلفة استثمارية 3.5 مليار دولار.
بالإضافة لهذه المشاريع، تتواجد شركات مصرية كبري في القارة الإفريقية في مجالات متعددة، وعدد كبير من المهندسين والفنيين المصريين يعمل في نطاقات جغرافية متعددة في كافة ريوع القارة، بقي ان ندرك ان الشعوب الإفريقية تفتح يداها وقلوبها للتواجد المصري الفعال في القارة الإفريقية خاصة عندما يرتبط بمشروعات من شأنها تحسين جودة حياتهم في القارة.
إقرأ أيضا :