الواثق كمير يكتب .. قوى الثورة : تعريف المفهوم!
يهدف هذا المقال المفاهيمي المُقتضب إلى تعريفِ مصطلح ” قوى الثورة ” في سياق ” الاتفاق الإطاري ” مما مما يسهل الفهم الصحيح لأحكامهِ، ولا يعبر عن أي موقف سياسي تجاه الاتفاق) .
بعد إعلان الاتفاق الإطاري، المستمد من مسودة الدستور الانتقالي (تيسيرية نقابة المحامين)، في 5 ديسمبر 2022، يثور سؤالٌ مهم: هل كل الموقعين عليه هم من قوى الثورة؟ انقسمت الآراء في الإجابة على السؤال إلى تفسيرين. فالبعض يرى أنّ كلّ من وقع على الاتفاق يُصبح من “قوى الثورة” (وينطبق ذلك، كمثال، على حزب الإصلاح الآن إن قام بالتوقيع)، بينما يرى بعضٌ آخرٌ أنّ قوى الثورة هى القوى التى قادت الثورة، وقوى الانتقال التى التحقت ووافقت على التحول الديمقراطى ووقعت على الاعلان.
في تقديري، أنّ هذا الإختلاف في الرأي يرجع إلى غياب تعريف مفهوم أو مصطلح ” قوى الثورة ” في مَتن نص الاتفاق أو أي ملحقٍ له ، ولكن قراءة بنود الاتفاق تكشف أن ليس كل من وقع على الوثيقة يتحول أو يُضاف ” ميكانيكاً ” إلى “قوى الثورة”.
في رأيي، أنّ العثور على تعريف ” قوى الثورة ” ليس بمرهونٍ فقط بالتوقيع على الاتفاق الإطاري، ولكن ب ” الادوار/الوظائف ” المحددة لمجموعات ثلاث من الموقعين عليه. وعليه، فإنّ الفوز بفهمٍ صحيح لحقيقة الأمر يستدعي الاطلاع على وثيقة “رؤية الحرية والتغيير حول أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب” ، الصادرة في 17 أكتوبر 2022. ففي بابها الأول، حددت الوثيقة الأطراف المدنية في ثلاث مجموعات وحددت أدوارّ كُل منها خلال فترة الانتقال، وهي بالنص:
1. قوى الثورة المناهضة لانقلاب 25 اكتوبر ويكون لها حق اختيار رئيس الوزراء ورأس الدولة/ مجلس السيادة وتشمل الحرية والتغيير والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والأجسام النقابية والمجتمع المدني الديمقراطي.
2. حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا وتكون جزء رئيسياً من الحل السياسي الذي يحافظ على مستحقات اتفاق جوبا للسلام.
3. قوى الانتقال وتشمل القوى الموقعة على “الإعلان السياسي” وشاركت في مشروع الدستور الانتقالي المُعد بواسطة اللجنة التسيرية لنقابة المحامين ويتشاور معها رئيس الوزراء في تكوين السلطة التنفيذية.
(ملاحظة جديرة بالذكر، أن قوى الكفاح المسلح في (1) تعني الحركة الشعبية شمال/مالك عقار، وتجمع قوى تحرير السودان/الطاهر حجر، وحركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي/الهادي إدريس. بينما تضم حركات الكفاح المسلح في المجموعة (2) حركة تحرير السودان/مني مناوي، وحركة العدل والمساوة/جبريل إبراهيم. ومع ذلك، فما زالت الحركة الشعبية شمال/الحلو وحركة تحرير السودان/عبد الواحد خارج إطار العملية السياسية التي انتجت الاتفاق الإطاري).
يتجسد هذا التعريف لدور كل مجموعة في البنود الواردة في الباب الثالث “هياكل السلطة الانتقالية” لوثيقة “الاتفاق الإطاري”، بحسب الترقيم في النص:
3. في المستوى السيادي تقوم قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي (يُقرأ الاتفاق الإطاري) بالتشاور لاختيار مستوى سيادي مدني محدود بمهام شرفية، يُمثل رأساً للدولة ورمزاً للسيادة وقائداً للأجهزة النظامية.
4. تقوم قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي ((يُقرأ الاتفاق الإطاري) باختيار رئيس/ة الوزراء الانتقالي، وذلك وفقاً لمعايير الكفاءة الوطنية والإلتزام بالثورة والإعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال.
5. يتشاور رئيس/ة الوزراء الانتقالي مع الأطراف المدنية الموقعة على الإعلان السياسي (يًقرأ الاتفاق الإطاري) لاختيار الطاقم الوزاري وحكام الولايات أو الأقاليم من كفاءات وطنية ملتزمة بالثورة والإعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال دون محاصصة حزبية ودون استثناءٍ لأي طرفٍ من أطراف الإعلان السياسي (يُقرأ الاتفاق الإطاري).
6. تعيين الحكومات الإقليمية أو الولائية والمحلية بالتشاور مع القوى الموقعة على الإعلان السياسي (يُقرأ الاتفاق الإطاري).
فمن الجلي، أنّ مفهوم “قوى الثورة” لا ينطبق إلاّ على المجموعةِ الأولى فقط والمُعرفة في وثيقة “رؤية الحرية والتغيير حول أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب”، 17 أكتوبر 2022، وهي *”قوى الثورة المناهضة لانقلاب 25 اكتوبر، وتشمل الحرية والتغيير والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والاجسام النقابية والمجتمع المدني الديمقراطي”*. وبالطبع، *”حركات الكفاح المسلح”* المقصودة في المجموعة (1) هي: (الحركة الشعبية شمال/مالك عقار، وتجمع قوى تحرير السودان/الطاهر حجر، وحركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي). بينما تضم “حركات الكفاح المسلح” في المجموعة (2): حركة تحرير السودان/مني مناوي، وحركة العدل والمساواة/جبربل إبراهيم. ومع ذلك، فما والت الحركة الشعبية شمال/ الحلو، وحركة تحرير السودان/ عبد الواحد، خارج نطاق العملية السياسية التي أنتجت الاتفاق الإطاري.
وإن كان الأمرُ ليس كذلك، وأنّ مصطلح “قوى الثورة” ينطبق على كلِ الموقعين على الاتفاق الإطاري، فما هو الداعي لاستخدام مفهوم ” قوى الثورة ” في أحكام الاتفاق 3 و 4 (أعلاه)، بينما يستعمل مصطلح ” الأطراف الموقعة ” في أحكام نفس الاتفاق رقمي 5 و 6 (أعلاه)، فيما يخص تحديد الدور المُناطِ بكلِ مجموعةٍ من المجموعات الثلاث في الفترة الانتقالية الجديدة؟
خلاصة الأمر، أنّ ” قوى الثورة ” (المجموعة الأولى) هي من تختار 1) رأس الدولة، ولو بالتشاور، و2) رئيس مجلس الوزراء الانتقالي، بدون تشاور هذه المرة، بينما القوى في (المجموعتين الثانية والثالثة) فقط 1) يتم التشاور معها لاختيار الطاقم الوزاري وحكام الولايات أو الأقاليم، و2) وأيضا التشاور معها في تعيين الحكومات الإقليمية أو الولائية والمحلية.
• الواثق كمير
* نقلا عن موقع وصحيفة الرواية الأولي
إقرأ أيضا :
الدكتور الواثق كمير يكتب .. النيل الأزرق: الصراع الدامي على حكم الإقليم! ( 1- 2 )