الدكتور حسين دقيل يكتب .. هل عرف المصريون القدماء لعبة الشطرنج؟
تقول الأسطورة المصرية القديمة إن كلا من “نوت” و”جب” حفيدي المعبود “رع – أتوم” أرادا أن يرتبطا سويا بعلاقة زواج، غير أن “رع – أتوم” رفض هذا الارتباط، فخالف الحفيدان رأيه واتحدا معا، ولم يستمر هذا الاتحاد طويلا؛ إذ سرعان ما قام “شو” رب الهواء، بالفصل بينهما؛ فصارت “نوت” هي السماء، وصار “جب” هو الأرض، وبالرغم من أنهما قد انفصلا؛ إلا أن ذلك لم يجعل “رع” يرضى عنهما؛ بل قام بإنزال اللعنات عليهما، وكان من لعنته؛ أن يحرمهما من الإنجاب، فتأثرت “نوت” كثيرا بسبب عدم الإنجاب، فطلبت العون من “تحوت” وتوسلت إليه، وبالفعل استجاب “تحوت” لربة السماء الفاتنة!
وتضيف الأسطورة؛ إنه بفضل لعبة “السينيت” تمكن رب الحكمة “تحوت” من كسب رب القمر، فتنازل له عن خمسة أيام ضمها للعام الشمسي ليتمكن كل من “نوت” و”جب” من الإفلات من عقوبة “رع”، وإنجاب أطفال، وبالفعل تمكنت “نوت” من الإنجاب في تلك الأيام الخمسة؛ فولدت فيها كلا من؛ أوزوريس، وست، وإيزيس، ونفتيس، وحورس.
وعلى إثر ذلك؛ أصبحت لعبة “السينيت” من أكثر الألعاب شعبية في مصر القديمة. وكان يلعبها شخصان متنافسان، إما على لوحات منحوتة مثل تلك اللوحة التي عثر عليها في مقبرة الملك توت عنخ آمون بالأقصر، والموجودة حاليا بالمتحف المصري بميدان التحرير بالقاهرة. أو كانت ترسم على الأرض مباشرة.
ولعبة “السينيت” تشبه لعبة الشطرنج الحالية إلى حد كبير؛ فقد كانت تتكون من 30 مربعا، في ثلاثة صفوف، وكان يضم كل صف 10 مربعات، وكانت البيادق تتحرك في تلك المربعات، غير أنه لم تعرف حتى الآن كيفية اللعبة بالضبط.
وبناء على الأسطورة التي كانت سببا في إنشاء هذه اللعبة، فقد اعتقد المصريون القدماء أن اللاعب الفائز فيها؛ سيكون محميا من المعبود “رع”، والمعبود “تحوت”.
وفي عصر الدولة الحديثة (1550-1077 ق.م)، ارتبطت لعبة “السينيت” برحلة الموتى إلى الدار الآخرة، فقد كانت عبارة عن تعويذة يتم نقشها أو نحتها بداخل المقابر القديمة وعلى الجدران وكانت توضع بجوار المتوفي كي تعينه في العبور إلى الدار الآخرة. هذا فضلا عن أنه تم ذكرها أيضا في كتاب الموتى، وهو من أقدم الكتب الدينية المعروفة في العالم القديم.
وهكذا يمكن اعتبار المصري القديم الذي توصل إلى لعبة “السينيت”؛ بأنه أول من عرف لعبة الشطرنج التي كانت تطورا طبيعيا للعبة السينيت!
الدكتور حسين دقيل هو باحث وأكاديمي متخصص في في الآثار اليونانية والرومانية، وله العديد من الكتب والمراجع في الآثار الفرعونية.
إقرأ أيضا :
11 سبتمبر 1 ” توت” رأس السنة الفرعونية وبدء موسم الزراعة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.