رفيق شلغوم يكتب .. طموحات الرئيس تبون اللامتناهية وقواعد اللعبة العالمية الجديدة
الجزائر الآن ـ بعد كل الأحداث التي شهدتها مؤخرا الساحة الإقليمية والدولية من تجاذبات سياسية واقتصادية تبقى الجزائر في حالة ترقب لأي فرصة يمكن من خلالها ان تعزز من قرارتها الدولية الرامية الي إحلال الأمن والسلم الدوليين داخل القارة الأفريقية.
وعليه فإن فرضية التصدع المرتقب داخل الاتحاد الأوروبي لم يعد مخفي على العيان، إذ أصبحنا اليوم نرى ذلك الشرخ الكبير داخل الكيان الأوروبي، فمثلا ألمانيا وفرنسا وصلا الي طريق مسدود على الرغم من المجهودات المبذولة من أجل عدم إظهار تلك الفجوة في السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء.
هذا السجال العلني بين اعتى دولتين على الصعيد الصناعي داخل القارة الأوروبية دفع بالكثير من الدول الإفريقية والآسيوية إلي تغيير بوصلتهم نحو شركاء آخرين أكثر موثوقية.
فالدول السائرة نحو النمو الاقتصادي خاصة الجزائر منها تسعى دائما إلى عقد شراكات مبنية على المصالح المتبادلة خاصة الاقتصادية و التنموية منها ،حيث تكون هده الشراكة بعيدة الزاما عن كل إكراهات سياسية ضيقة والتي يكون الغرض منها هو الزج بهذه الدول النامية داخل صراعات ليس لها مغزى أو فائدة
عندما قمنا بتحليل موضوعي لخارطة الطريق المنتهجة من طرف الرئيس تبون أدركنا ان نظرته لها بعد استراتيجي وجيوسياسي حيث يمكن أن نلخص هذه السياسة بموقف الداهية في حالة الهدوء.
الجزائر اليوم تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مبدأ الاستقلالية على جميع الأصعدة
ففي وقت ليس بالبعيد كانت هذه السياسة مرفوضة جملة وتفصيلا من طرف القوى الإستعمارية لكن سرعان ما تغير هذا الموقف خاصة عند نرى النظرة الجديدة التي تتبناها إدارة بايدن التي تحاول مغازلة الجزائر عن طريق بناء شراكة استراتجية بعيدة عن كل الاكراهات السياسية و الابتزاز تحت غطاء الحريات وماشابه ذلك
هذا من جهة، من جهة أخرى فالولايات المتحدة الأمريكية أرادت إعطاء عربون ثقة للدول النامية وخاصة الإفريقية منها وهذا من خلال عقد لقاء بينها وبين بعض القادة الأفارقة الذي كان تحت عنوان الشراكة البناءة وليس غيرها
هذا اللقاء كان بمثابة الصفعة أو بالأحرى رصاصة الرحمة ضد الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا
ويعتبر هذا أيضا بمثابة عملية قيصرية مفادها قطع الحبل السري بينها وبين شركاءها الأوروبيين الذين فشلوا فشلا ذريعا في إرساء خارطة العم سام داخل القارة الأفريقية ومنحهم بذلك فرصة الى بعض القوى الجديدة التي تعتبرها أمريكا تهديدا لإستراتجتها العالمية.
مصطلح الجزائر دولة محورية أفرغ في وقت مضى من محتواه الحقيقي لأنه كان بمثابة اداة تنويم مغناطيسي إستعملته فرنسا وغيرها من أجل محاولة أيهامنا بأننا دولة سائرة في الطريق الصحيح لكن الواقع اثبت عكس ذلك وهو الأمر الذي اتضح مباشرة بعد انتخاب الرئيس تبون الذي اكتشف مدى الإنحطاط والركود الاقتصادي، السياسي والثقافي الذي وصلت إليه الدولة في تلك الفترة التي لا تختلف كثيرا عن مرحلة العشرية السوداء.
وعليه فإن حرب الإصلاحات التي يقودها الرئيس تبون لم تمس فقط الجانب العملي بل أيضا جانب المصطلحات والمفاهيم و المعتقدات الفكرية
فالجزائر دولة محورية أو كما هو شائع بالفرنسية état pivot اعيدت لها تلك المصداقية والقوة التي كانت شكلية وشاعرية في وقت سالف
ولهذا نقولها دائما وأبدا أن المرحلة الحالية تعتبر من بين أهم المراحل التي تمر بها الدولة الجزائرية من ناحية التغييرات الشاملة والنوعية
وأن التغيير على الصعيد الداخلي الذي انتهجه الرئيس تبون كان له انعكاسات على الصعيدين الإقليمي، العربي وحتى الدولي
الرئيس تبون قالها ذات يوم أن الندية هي المبدأ الذي لا يمكننا أن نستغني عنه الي الأبد.
• نقلا عن صحيفة وموقع الجزائر الآن