القصة المأساوية لأشهر سرقة في تاريخ مصر تمثال “نفرتيتي الجميلة” أهم وأجمل قطعة أثرية في التاريخ قبل 110 عام
في مثل هذا الشهر منذ 110 أعوام ، وبالتحديد يوم الـ 6 من ديسمبر لعام 1912 تم اكتشاف أجمل تمثال مصري تم العثور عليه حتى الآن.
ففي ذاك اليوم عُثر على رأس نفرتيتي، زوجة الملك أخناتون، بمنطقة تل العمارنة بالمنيا، بمشاركة بعثة ألمانية بقيادة ((كبير سارقي)) الآثار المصرية (الألماني لودفيج بوشاردت) الذي صنع العجب العجاب من أجل أن يأخذ (رأس نفرتيتي)!!
بدأت الحكاية بعد العثور على رأس نفرتيتي بحوالي عام، ففي 20 يناير 1913م، عُقد اجتماع بين الألماني (لودفيج بورشاردت) وبين مدير تفتيش آثار مصر الوسطى الفرنسي (جوستاف لوفيفر) لمناقشة تقسيم الاكتشافات الأثرية التي عثر عليها في عام 1912م، بين (ألمانيا ومصر)، فقد كانت نواتج الاكتشافات يتم تقسيمها مناصفة بين مصر والبعثة الأجنبية المكتشفة!!
المهم، وأثناء عملية التقسيم قال بورشاردت (مخادعا)، إن هذا الرأس مصنوع من الجبس، وقد كان القانون المصري يحظر خروج أي قطعة مصنوعة من الحجر الجيري ولذا فمن السهل خروج الرأس لأنه من الجبس!!
لم يكتف بورشاردت بذلك، فقد كان قد أعد القسمة في صندوقين منفصلين وعرض على (لوفيفر) مفتش آثار مصر الوسطى (الفرنسي) كشفين بالقائمتين مرفق بهما صور الآثار، وكانت إحداهما تتضمن (رأس نفرتيتي)، والأخرى تبدأ بلوحة ملونة (لأخناتون وأسرته) حيث يظهر بها الزوجان الملكيان أخناتون ونفرتيتي مع ثلاثة من أولادهما، وكان (بورشاردت) على علم بأن مثل هذه اللوحة العائلية محببة جدا لـ (لوفيفر)، وبالتالي وقع اختيار (لوفيفر) على القائمة التي تحوى لوحة أخناتون وأسرته!!
ومنذ عام 1913م ما زال أمر التمثال مثيرا للجدل، وما إذا كان وجوده فى ألمانيا شرعيًا من عدمه، وكانت هناك العديد من المطالبات بهذا التمثال باءت كلها بالفشل، فما هى قصة هذا التمثال؟
تمثال نفرتيتى يعد أحد أشهر قطع فن النحت المصرى القديم، وهو تمثال نصفى من الحجر الجيرى الملكون، من أعمال الفنان المصرى تحتمس، وهو نحات الملك أخناتون.
وقد وصف بورشارت الاكتشاف فى مذكراته، قائلا: فجأة، أصبح بين أيدينا أفضل الأعمال الفنية المصرية الباقية، لا يمكن وصف ذلك بالكلمات، لا بد أت تراه”.
فى عام 1924م عثر فى أرشيف الشركة الشرقية الألمانية على وثيقة حول اجتماع دار فى 20 يناير 1913م، بين لودفيج بورشارت وبين مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر لمناقشة تقسيم الاكتشافات الثرية التى عثر عليها فى عام 1912م، بين ألمانيا ومصر،
ووفقا للأمين العام للشركة الشرقية الألمانية (صاحب الوثيقة، الذى كان حاضرًا الاجتماع)، فإن بورشارت كان عاقدًا العزم أن يكون التمثال للألمان. ويشتبه فى أن يكون بورشارت قد أخفى قيمة التمثال النصفى الحقيقية، بالرغم من إنكاره لذلك.
وحسب ما جاء فى كتاب “ملكات مصر” للدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار السابق أستاذ الآثار المصرية بجامعة عين شمس، أن تقسيم الاكتشافات كانت وفقًا لقانون الآثار ىنذاك “حصص متساوية” بين مصر وبعثة الحفر من خلال لجنة مشتركة يرأسها ممثل مصلحة الآثار عن الحكومة المصرية.
وكان بورشارت قد اعد القسمة فى صندوقين منفصلين وعرض على لوفيفير مفتش آثار مصر الوسطى كشفين بالقائمتين مرفق بهما صور الآثار، وكانت أحدهما تتضمن التمثال النصفى لنفرتيتى، والأخرى تبدأ بلوحة ملونة لإخناتون وأسرته وهو تصور الزوجين الملكيين أخناتون ونفرتيتى مع ثلاثة من أولاده،
وقد علم بورشارت أنها من الآثار المحببة لوفيفر، وأوضح له أن كل قائمة تتكامل ويفضل أن تحتفظ مل قائمة بمجموعتها، وبالتالى وقع اختيار لوفيفر على القائمة التى تحوى لوحة إخناتون وأسرته وآلت بعد ذلك إلى المتحف المصرى فى القاهرة.
ويوضح كتاب “ملكات مصر” أن بورشارت عرض على لوفيفر صورة ذات إضاءة سيئة لتمثال نفرتيتى، كما أخفى التمثال فى صندوق عند زيارة “جوستاف لوفيفر”، وكشفت الوثيقة عن أن بورشارت، ادعى أن التمثال مصنوع من الجبس، غير أنه مصنوع من الحجر الجيرى الجيد.
وبعد توقيع لوفيفر على القسمة تم اعتماد ذلك من مدير مصلحة الآثارآنذاك وهو جاستون ماسبيرو، وشحن بعدها مباشرة إلى برلين، ووصل التمثال إلى ألمانيا فى نفس العام 1913م، وقدمت إلى هنرى جيمس سيمون وهو فى الأصل تاجر خيول يهودى ثم عمل فى تجارة الآثار وكان الممول لحفائر بورشارت فى تل العمارنة، وغيره من القطع الأثرية التى عثر عليها فى حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.
ويوكد الدكتور ممدوح الدماطى أنه على الرغم من عرض بقية مجموعة تل العمارنة منذ عام 1913م، فى متحف برلين إلا أن تمثال نفرتيتى ظل فى طي الكتمان بناء على طلب بورشارت. وفى عام 1918م، ناقش المسئولون عن المتحف مسألة عرض التمثال للجمهور، ولكم مرة أخرى ظل التمثال دون عرض بناء على طلب بورشارت.
ثم وهب سيمون التمثال لمتحف برلين نهائيًا فى عام 1920، وأخيرًا فى عام 1923، كشف النقاب عن التمثال وعرض لأول مرة للجمهور بعد موافقة كتابية من بورشارت، وفى عام 1924 عرض على الجمهور كجزء من المتحف المصرى ببرلين.
نقل التمثال بعد ذلك بعد ذلك ليعرض فى متحف برلين الجديد حتى إغلاق المتحف فى عام 1939 بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية، عندئذ، أفرغت متاحف برلين ونقلت الآثار إلى ملاجئ امنة للحفاظ عليها.
وتم تخزينها فى البداية فى قبو البنط الحكومى البروسى بمنطقة جندرماركت ببرلين، ثم نقل إلى احد المواقع العسكرية الحصينة فى حديقة الحيوان فى برلين وذلك فى خريف عام 1941. وفى عام 1943 تعرض متحف برلين الجديد للقصف من قبل طائرات سلاح الجو الملكى البريطانى. وفى 6 مارس 1945 نقل التمثال إلى منجم ملح ألمانى فى ولاية تورنجن.
وفى 4 أبريل 1945 وبعد سقوط تورنجن فى سيطرة الجيش اللأمريكى عثر على التمثال، وأرسل إلى فرع الآثار والفنون الجميلة والأرشيف التابع للجيش، ثم نقل إلى البنك المركزى الألمانى فى فرانكفورت. وبعد ذلك، فى اغسطس من نفس العام، وشحن إلى نقطة التجمع الأمريكية فى فيسبادن، حيث تم عرضه للجمهور.
وفى يوم 12 مايو 1946م، نظم بمباردة من المزارعين معرض بمتحف الدولة بفيسبادن، للتحف الفنية التى أتت من برلين،
وكان من بينهم تمثال نفرتيتى. وذكرت دير شبيجل فى يناير عام 1947 أن زائرى المعرض زادوا عن اكثر من 200000 زائر، وفى عام 1948، سلمت كامل تحف برلين كوديعة فنية لحكومة ولاية هسن، وبذلك مكث التمثال عشر سنوات كاملة حتى عام 1956 فى فيسبادن.
ثم أعيد التمثال إلى برلين الغربية فى 22 يونيو 1956، حيث عرض فى متحف داليم، اصرت ألمانيا الشرقية فى عام 1946، على عودة تمثال نفرتيتى إلى جزيرة المتاحف فى برلين الشرقية، حيث كان التمثال معروضًا قبل الحرب، وفى أكتوبر عام 1967، نقل تمثال نفرتيتى ليعرض فى المتحف المصرى فى شارلوتنبورج، وبقى هناك حتى 28 فبراير عام 2005،
عندما عرض فى معرض خاص بقاعة كلتورفوروم برلين حتى 13 أغسطس 2005 عندما تم نقله إلى المتحف القديم، ثم عاد التمثال أخيرًا لمواقعه الأصلى بمتحف برلين الجديد، عند إعادة افتتاحه فى 16 أكتوبر 2009، وبلغت قيمة التأمين على تمثال الملكة نفرتيتى 390 مليون دولار أمريكى، أى ما يقدر بـ 300 مليون يورو.
أصبح التمثال النصفى لنفرتيتى رمزًا ثقافيًا لبرلين وكذلك لمصر القديمة، كما أثار جدلاً عنيفًا بين مصر وألمانيا بسبب مطالبة مصر بإعادة القطع الأثرية المهربة.
اقرأ ايضا:- كيم كارديشيان اعادت الكاهن “نجم عنخ ” الي مصر