رامي زهدي يكتب : قراءة تحليلية لجولة وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي في تشاد والجابون
«استراتيجية الثبات والتأثير للتحرك المصري في إفريقيا»
تمثل جولة وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج المصري ، الدكتور بدر عبد العاطي، في كل من تشاد والجابون خطوة استراتيجية مهمة ضمن جهود مصر لتعزيز تواجدها داخل القارة الإفريقية. حيث تعكس هذه الجولة رؤية متكاملة تربط بين السياسة والاقتصاد والأمن ومواجهة التحديات، وتستهدف تعزيز التعاون الثنائي مع دول إفريقية ذات أهمية جيوستراتيجية واقتصادية، مع التركيز على دمج القطاع الخاص المصري في تحقيق أهداف التنمية المشتركة، في إطار تبني اقتصاد أفريقي متماسك وقوي الأركان مبني علي إطارات من مساحات المصالح المشتركة والشراكات القوية.
“الدواعي والأسباب المرجحة للجولة”
في مقدمة هذه الأسباب ، تعزيز الحضور المصري الإيجابي في إفريقيا، حيث تسعى مصر إلى تعميق تواجدها في القارة الإفريقية لمواجهة التحديات الجيوسياسية، والتنافس مع قوى دولية وإقليمية على النفوذ الإيجابي ومواجهة السياسات غير الشريفة التي تسعي بها بعض القوي الدولية للسيطرة علي مقدرات وثروات القارة والتحكم وتوجيه إرادتها السياسية،. حيث تمثل تشاد والجابون دولتين محوريتين على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهي دول ذات تأثير في القارة الإفريقية وداخل الدائرة المصرية الإفريقية المباشرة الدقيقة والتي هي جزء من توجه شامل للإدارة المصرية تجاه جميع دول القارة الإفريقية دون أستثناء،
كذلك من أهداف الجولة دعم المصالح الاقتصادية المشتركة و تعظيم العلاقات المصرية الإقتصادية مع هذه الدولة ذات الإقتصاديات الناشئة القوية نسبيا في محيط القارة، لذلك يمثل اصطحاب رجال الأعمال وممثلي الشركات المصرية في الجولة رسالة واضحة حول التوجه المصري لربط السياسة بالاقتصاد، مما يعزز فرص الاستثمار والتجارة مع الدولتين، ودعم تحرك القطاعات الخاصة نحو الإستثمار والعمل والتجارة البينية في كل دول القارة.
ومن أهداف الجولة التنسيق وتبادل الرؤي في اطار مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المشتركة، ففي تشاد، تسعى مصر إلى تعزيز التعاون الأمني ومواجهة الإرهاب والتطرف في منطقة الساحل، بينما في الجابون، تركز الجهود على دعم الاستقرار وتعزيز الشراكات الاقتصادية المستدامة.
“الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للجولة”
(الأهمية الاستراتيجية) تشاد: تُعد بوابة رئيسية لمنطقة الساحل والصحراء، التي تواجه تهديدات مستمرة من الجماعات الإرهابية، التعاون مع تشاد يعزز أمن مصر القومي، خاصة في ظل تحديات أمنية عابرة للحدود.
الجابون: موقعها الجغرافي على ساحل الأطلسي يجعلها نقطة ارتكاز لوجيستي للتجارة، وتُعد شريكاً هاماً في تعزيز الحضور المصري بغرب إفريقيا .
(الأهمية الاقتصادية) تشتمل علي فتح أسواق جديدة للمنتجات والخدمات المصرية في الدولتين، وجذب استثمارات من تشاد والجابون إلى السوق المصري.، وكذلك تعزيز التعاون في قطاعات الزراعة، التعدين، الطاقة والبنية التحتية.
“البعد السياسي والأمني والاستراتيجي للعلاقات مع تشاد والجابون”
مع تشاد،الأمن ومكافحة الإرهاب: حيث تعد تشاد حليفاً هاماً في الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وكذلك تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين بما ينعكس إيجابياً على أمن المنطقة.
كما تدعم مصر استقرار تشاد باعتباره عنصراً محورياً لاستقرار منطقة الساحل بأكملها، وكذلك تعد تشاد إحدى دول حوض بحيرة تشاد، وهو عنصر ذو أهمية استراتيجية لمصر خاصة اقتصاديا وامنيا في هذه المنطقة.
مع الجابون، الاقتصاد والطاقة: الجابون غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والأخشاب والمعادن وهي مواد خام تهم مصر خاصة مع تنامي القدرات التصنيعية المصرية واندماج الاقتصاد المصري بالاقتصاد العالمي علي مستويات الاستثمار والتجارة البينية. وهناك ايضا فرص كبيرة للتعاون في تطوير الصناعات الاستخراجية والطاقة المتجددة.
علي مستوي السياسة الدولية، تعد الجابون شريك هام في المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، ويمكن تعزيز التنسيق في القضايا الدولية، وشريك هام في جنوب غرب القارة.
“فرص التعاون بين مصر وتشاد والجابون”
– الزراعة والتنمية الريفية
استغلال الخبرات المصرية في تطوير المشاريع الزراعية وزيادة الإنتاجية.
تصدير المعدات الزراعية المصرية لدعم التنمية الريفية.
– البنية التحتية والنقل
تطوير مشروعات الربط البري والبحري لتسهيل التجارة.
المشاركة في مشاريع بناء الطرق والجسور.
– التعليم والتدريب
تقديم منح دراسية للطلاب من تشاد والجابون.
إرسال خبراء مصريين لتطوير القدرات المحلية في المجالات الفنية.
– الطاقة
التعاون في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية.
مشاركة الشركات المصرية في استكشاف وإنتاج النفط في الجابون.
“أبرز النجاحات السابقة للعلاقات المصرية مع تشاد والجابون”
تشاد
إنشاء مشروعات صحية وتعليمية بدعم مصري مباشر.
تقديم مساعدات إنسانية في أوقات الأزمات.
التعاون العسكري في مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة.
الجابون
تنفيذ مشاريع تنموية في مجالات البنية التحتية والطاقة.
توقيع اتفاقيات اقتصادية عززت التبادل التجاري بين البلدين.
دعم مصر للجابون في المحافل الدولية.
“قراءة في تحركات الوزير بدر عبد العاطي منذ توليه المنصب”
منذ توليه حقيبة الخارجية المصرية ، أظهر الوزير بدر عبد العاطي ديناميكية ملحوظة في تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية، من خلال:
– زيادة عدد الجولات الإفريقية.
– توسيع مشاركة القطاع الخاص في العلاقات الثنائية.
– التركيز على الملفات الاقتصادية والتنموية بجانب الملفات السياسية.
– بناء جسور دبلوماسية مع دول الساحل وغرب إفريقيا لمواجهة التحديات المشتركة.
“التحديات التي تواجه العلاقات المصرية مع تشاد والجابون”
– الأمن الإقليمي: استمرار تهديد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
– المنافسة الدولية: النفوذ المتزايد لدول مثل الصين وروسيا في إفريقيا.
– التحديات الاقتصادية: ضعف البنية التحتية في بعض المناطق قد يعيق تنفيذ المشاريع المشتركة.
– التمويل: الحاجة إلى موارد مالية كبيرة لتنفيذ المشروعات الكبرى.
“مستقبل العلاقات المصرية مع تشاد والجابون”
يمكن وصف جولة وزير الخارجية المصري بأنها بداية لمرحلة جديدة في العلاقات مع الدولتين. من المتوقع أن تسهم هذه التحركات في تحقيق:
تعزيز الشراكات الاقتصادية طويلة الأجل.
تنسيق أفضل في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.
تعزيز دور مصر كقوة إقليمية فاعلة في القارة الإفريقية.
أخيرا، تأتي هذه الجولة في وقت حساس يمر به العالم، حيث تتزايد أهمية التعاون الإقليمي والدولي. ومن خلال هذا التحرك المدروس، تثبت مصر التزامها بدورها القيادي في القارة الإفريقية، وتعزز مكانتها كشريك موثوق به في تحقيق التنمية والاستقرار.
اقرأ المزيد
القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول العام الميلادى الجديد 2025
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.