آسيا العتروس تكتب .. عدي تميم .. لم يكن مشهدا هيليوديا وان خيل أنه كذلك
عدي تميم اسم فلسطيني سيتذكره الاسرائيليون جيدا و لا يمكن حتما للجيش الاسرائيلي ان يلغيه من المشهد لسبب بسيط وهو ان ظروف و ملابسات استشهاد هذا الشاب والتي تابعها كل العالم ستؤكد أنه بدل عدي تميم سيكون هناك بعد تلك العملية عشرة و ربما مائة عدي أو اكثر من ذلك ليس لان جيل عدي تميم يرفضون الحياة و يعشقون الموت و يريدون ازالة الاسرائيليين من الوجود و لكن و هنا وجب استحضار الحقيقة التي بات الكثيرون يتهربون من الاعتراف بها في العالم الحر و هي أن ذلك هو قدر الشعوب التي تتطلع للحرية و السيادة و كسر قيود الاحتلال المسلط عليها و هذا ما لا يريد الكيان الاسرائيلي و حلفاؤه الاعتراف به أو قبوله .
ولذلك فان المنطق و الواقع يفترض أن يظهر و لوبعد حين عدي تميم اخر يرسم فصلا نضاليا جديدا من معركة طويلة لا يمكن لاقوى جيوش العالم وأعتاها استئصالها من المشهد و هذا امر مستحيل ويستوجب قبل الوصول الى هذا الهدف القضاء لا سمح الله على كل فلسطيني على وجه الارض لان بقاء فلسطيني واحد يعني استمرار المعركة النضالية .
عدي تميم شاب يستشهد ويسقط على الارض وهو يطلق اخر رصاصة لديه على جنود الاحتلال الاسرائيلي الذين باغتهم ..مشهد قد يبدو هوليودي ولكنه مشهد واقعي بتوقيع شاب فلسطيني كان يدعى عدي تميمي و بات يعرف بفدائي شعفاط و معالي ادوميم ..الفيديو الذي وثق للعملية استمر لبضع ثوان سرعان ما تحولت الى وصمة عار تلاحق الجيش الاسرائيلي الذي يصر على انه جيش نظامي وانه الاكثر التزاما باخلاقيات الجيش ..و لعل من تابع اطوار عملية معالي ادوميم او حاول فهم تطوراتها قد ادرك بسرعة ان ادارة فايسبوك بالمرصاد و انها ستمنع نشرها في الحين .
و مع ذلك و برغم كل محاولات التعتيم و مصادرة الفيديو الذي صور اخر معركة يخوضها الفدائي الفلسطيني عدي تميم فقد اضاف ملحمة جديدة في سجل الملاحم الفلسطينية المنسية و فرض اسمه كفدائي فلسطيني فشل جنود الاحتلال و هم المدججين باعتى انواع السلاح في قراءة و فهم قوة ارادة و صمود هذا الشاب الذي طاردته الاستخبارات الاسرائيلية اكثر من عشرة ايام و فشلت في كشف مخبئه منذ تنفيذه عملية شعفاط التي استهدفت مجندة اسرائيلية ..كان كل ما توصل اليه جنود الاحتلال الاسرائيلي ان شابا حليق الشعر اصلع وراء تنفيذ العملية الاولى التي ستعرف بعملية شعفاط.. فكان المطلوب اذن ملاحقة شاب اصلع في المخيم .
و لان عقلية الاحتلال فشلت على مدى عقود في فهم تركيبة و خصوصية و عقلية الشعب الفلسطيني الذي يرفض الانكسار و الاستسلام فانها المؤسسة العسكرية لم تتوقع أن يقدم كل شباب المخيم على حلق رؤوسهم في محاولة منهم لحماية الفدائي المجهول .
و ربما كان الشباب الفلسطينيين يدركون أن هذه الحركة التضامنية لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية و ان سلطات الاحتلال يمكن ان تتوصل في كل حين الى مخبئه بالنظر الى عدد الكاميرات التي نصبها الاحتلال في كل مكان و الى عدد الحواجز و اعين المستعربين والعملاء الذين يعتمد عليهم و لكنهم كانوا يدركون بالتاكيد انهم بهذه الحركة يمنحون بطلهم اياما اضافية في الحياة و لكن ربما لا احد توقع ان يقود و هو المطارد عملية ثانية و يرتقي و هو يقاتل حتى اخر رصاصة معه .
اسم فرض نفسه على المشهد الاعلامي بما في ذلك المواقع الاجتماعية التي رصدت فيديو استشهاده برصاص قوات الاحتلال و هو ينفذ عملية فدائية على ابواب مستوطنة معالي ادوميم و هي الثانية خلال عشرة ايام ..اغلب المحللين الاسرائيليين اعتبروا ان عملية اول امس فشل ذريع للاستخبارات الاسرائيلية التي فشلت في ملاحقة الشاب و كشف موقعه برغم كل ما يتوفر لديها من اساليب تقنية و لوجستية .. عملية اول امس اججت المشهد الفلسطيني الذي يقترب من انتفاضة جديدة بعد اندلاع المواجهات من بيت لحم الى نابلس المحاصرة والقدس ..و هي انتفاضة قد تختلف عن سابقاتها مع انسياق الاحتلال وراء سياسة القتل و الاغتيالات اليومية التي لا تفرق بين الاطفال او الشباب او النساء او الشيوخ .
عرين الاسود مجموعة نابلس الفدائية اصبحت تؤرق الاحتلال الذي يعجز عن كبح جماح هذا الشباب الفلسطيني المقبل على الموت بقدر اقباله على الحياة بعد ان سدت في وجهه المنافذ و سقطت اخر اوراق المجتمع الدولي و معه خطاب النفاق و الرياء الذي بات عملة لا رصيد لها في بورصة العدالة الدولية العرجاء ..الاكيد ان جيش الاحتلال قرأ جيدا تفاصيل ملحمة عدي تميم طائر الفينيق الفلسطيني العائد ..لكن ذلك لا يعني انه مستعد لفهم ابعاد هذه الملحمة المستعصية على كل عقلية احتلالية استيطانية متغطرسة
• نقلا عن جريدة الصباح التونسية
إقرأ أيضا :
آسيا العتروس تكتب .. المكالمة التي لن تنهي الحرب في أوكرانيا