منها أثيوبيا وتونس.. دول معرضة للتخلف عن سداد الديون العام المقبل
تتعرض الأسواق الناشئة لضغوط ناجمة عن ارتفاع الديون وتباطؤ النمو وارتفاع العوائد. انضمت سريلانكا بالفعل إلى صفوف لبنان وزامبيا، في ظل تخلف تاريخي عن السداد، لكن الذعر قد يكون مبالغاً فيه.
يوضح نموذج بلومبيرج أن المخاطر تتركز في الاقتصادات الصغيرة، ومن المرجح أن تظل معظم البلدان النامية الكبيرة محصنة، حتى لو اشتدت الضغوط على الأسواق الناشئة الجديدة.
لقد أنشأنا نموذجاً لتقدير مخاطر التخلف عن السداد في 41 دولة ناشئة على مدار الـ12 شهراً القادمة. كان هناك 11 دولة لديها احتمال التخلف عن سداد القروض بنسبة أعلى من 10% بما في ذلك الأرجنتين والإكوادور وإثيوبيا.
تشكّل الدول الأكثر انكشافاً نسبة صغيرة (3%) من الاقتصاد العالمي. دول كثيرة مثل باكستان وغانا، إما تسعى للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي، أو حصلت عليه بالفعل. وقد يساعد الحصول على الدعم من صندوق النقد الدولي في احتواء مخاطر انتقال عدوى التخلف عن السداد.
اقتصادات محصنة
الاقتصادات الأكبر مثل البرازيل والهند وإندونيسيا والمكسيك محصنة حتى لو اشتد الضغط على الدول الضعيفة. قد لا تكون تركيا محظوظة للغاية. هناك فارق كبير عن فترة الثمانينيات من القرن الماضي عندما تعرضت الأسواق الناشئة الكبيرة للمتاعب.
5 مكونات تزيد أزمة الديون
أولاً، ارتفع رصيد الاقتراض في الاقتصادات النامية مما يزيد قليلاً عن نصف الناتج المحلي الإجمالي السنوي في عام 2019، إلى ما يقرب من الثلثين هذا العام. أدى الوباء إلى زيادة الإنفاق العام وتراجع الضرائب في تلك الفترة.
ثانياً، أسعار الفائدة عالمياً آخذة في الارتفاع بسرعة غير مسبوقة منذ أربعة عقود. ومن شأن التشديد النقدي أن يجعل خدمة الديون المقومة بالعملة الأجنبية أكثر عبئاً.
ثالثاً، يؤدي ضعف أسعار الصرف في الأسواق الناشئة إلى زيادة تكلفة الدين الخارجي. وانخفضت قيمة معظم العملات بأرقام مضاعفة (أكثر من 10%) مقابل الدولار منذ نهاية عام 2020. ستشعر الحكومات التي تتلقى إيرادات بالعملة المحلية وخدمة الديون بالعملة الأجنبية بالضغوط.
رابعاً، كانت البنوك المركزية في الدول النامية ترفع أسعار الفائدة بقوة أكبر من الولايات المتحدة. وقد تعمل الخطوة على كبح التضخم ومنع المزيد من الضعف للعملة، لكنها تزيد من عبء الدين العام.
أخيراً وليس آخراً، تثير حالات التخلف عن السداد في بيلاروسيا وروسيا وسريلانكا التساؤل حول الدولة التي سيكون عليها الدور.
أظهرت نماذج بلومبيرج أن المكونات المذكورة أعلاه (الديون وأسعار الفائدة وأسعار الصرف) مع إشارات أخرى (ظروف السوق المالية، على سبيل المثال) لإنتاج تقدير لاحتمال التخلف عن سداد الديون السيادية خلال الأشهر الـ12 المقبلة لـ41 دولة.
دول معرضة للتخلف عن سداد الديون
النتائج؟ باستثناء تلك التي تخلفت عن السداد بالفعل، هناك 11 دولة أخرى لديها احتمال عدم السداد بنسبة 10% أو أعلى في العام المقبل. تشمل القائمة الأرجنتين والإكوادور وإثيوبيا وكينيا وباكستان وتونس. فهي تجمع بين العوامل الأساسية الضعيفة – معظمها لديه ديون تزيد عن 60% من الناتج المحلي الإجمالي – مع نقص الدعم من الأسواق المالية، حيث تتجاوز معظم العوائد على الديون الدولارية 20%.
من جهة أخرى، من غير المرجح أن تتخلف إندونيسيا والفلبين وفيتنام عن السداد، حيث إن رصيد ديونها أكثر تواضعاً، ويقل معظمه عن 45% من الناتج المحلي الإجمالي. وتسجل تلك الدول معدل نمو سريع نسبياً أكثر من 5% سنوياً. وتكافئ الأسواق المالية تلك الدول بأسعار فائدة منخفضة نسبياً.
من المؤكد أن تحليلنا لا يجمع جميع الدوافع نحو التخلف عن السداد. أحد العوامل المفقودة تتمثل في أمور السياسة، التي يمكن أن تضغط على البلدان لإعطاء الأولوية لاستيراد المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء على خدمة الديون. ويمكن للعوامل التنظيمية أيضاً أن تجبر البلدان القابلة للاستمرار من الناحية المالية على عدم السداد، كما كان الحال مع روسيا. لا تزال نماذجنا محاولة مفيدة لتحويل البيانات الاقتصادية والمالية إلى احتمالات التخلف عن السداد.
تتوافق نتائجنا بشكل عام مع البيانات الواردة من الأسواق المالية، ولكن هناك اختلافات ملحوظة. هناك دول أمريكا الجنوبية، مثل أوروغواي وبيرو، معرضة تاريخياً للأزمات السيادية التي تحدث في الدول المجاورة لها مثل الأرجنتين والإكوادور. وتؤدي هذه الروابط الاقتصادية إلى ارتفاع احتمالات التخلف عن السداد أكبر مما قد تفترض الأسواق المالية.
الاختلاف الآخر في مصر، حيث نرى أن هناك مخاطر نسبية أقل من تفعل الأسواق. ويتفق تحليلنا على المستوى القطري مع هذا التقييم، إذ من المرجح أن تعالج مصر مشاكلها من خلال إضعاف العملة أكثر من عدم سداد الديون.