أخبار عاجلةاخبار افريقياشمال افريقيافن وثقافة

ليبيا .. ” اللغة الأمازيغية ” إلي العلن بعد عقود من المنع في عهد القذافي

” زوارة ليبيا –  أ ف ب ” : في فصل دراسي في مدينة زوارة الليبية الساحلية، يتردّد تلميذ قبل أن يكتب، بتشجيع من معلّمته، بضعة احرف من اللغة الأمازيغية على السبورة… في مشهد لم يكن من الممكن تصوره قبل اثني عشر عامًا , فخلال عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كان الأمازيغيون مضطهدين، ولغتهم محظورة.

وتقول المعلّمة أسيرم الشواشي التي ارتدت ثوبا طويلا أسود مع حجاب رمادي فاتح اللون، في زوارة الواقعة على مسافة 120 كلم غرب العاصمة الليبية، “يحبّ الأطفال هذه المادة لأنهم يجدون هويتهم وثقافتهم مكتوبة في الكتب”.

وتضيف الشواشي التي تدرّس اللغة الأمازيغية، بابتسامة، بينما يمرّ تلاميذ آخرون من الصف الخامس الابتدائي أمام السبورة “لا يتعلق الأمر بالحروف الأبجدية والكلمات فقط، بل الدرس عبارة عن مجموعة ثقافية (…)، أحاول تمرير الروح الأمازيغية الشاملة للتلاميذ”.

في زوّارة القريبة من الحدود التونسية، يرفرف العلم الأمازيغي في أماكن عدة، ويجاهر أفراد هذه الأقلية بلغتهم، كما حصل في مناطق أخرى عديدة في ليبيا منذ مقتل القذافي بعد الانتفاضة الشعبية العارمة ضده.

خلال أربعة عقود من حكمه، كان الأمازيغ يتكلمون لغتهم في المنزل أو في الشارع، ولكن بشكل سري، ودائمًا بعيدًا عن آذان الشرطة أو المؤسسات الحكومية أو الإعلام.

بالنسبة للقذافي، كانت ليبيا عربية حصراً. ومع ذلك، فإن ما يقرب من 10 في المئة من الليبيين هم من الأمازيغ الذين يعتبرون من السكان الأصليين، كما هي الحال في عدد من دول شمال إفريقيا. وكان الأمازيغ موجودين في المنطقة حتى قبل وقت طويل من الحملات اليونانية والرومانية، ثم العربية في القرن السابع.

“حقّ طبيعي”

وبدأت السلطات الليبية في بذل محاولات لإرضاء المجتمع الأمازيغي، بتوفير كتب مدرسية بلغتهم الأصلية، دون جعلها لغة رسمية بعد.

وترى أسيرم الشواشي التي نالت السنة الماضية أول إجازة جامعية من قسم اللغة الأمازيغية في كلية الآداب في زوارة المستحدث قبل نحو ثمانية أعوام، بأن تعلّم الأمازيغية “حقّ طبيعي”.

وتضيف المدرّسة التي استقدمت كتبا للغة الأمازيغية من المغرب، “المولودون في زمن الثورة، لا يعرفون كلهم أن اللغة كانت ممنوعة (…). بالنسبة لهم، الأمازيغية حقّ طبيعي، مستحيل أن يأتي شخص ويقول لهم أنها ممنوعة”.

وتعبّر عن سرورها “بالتقدّم الهائل الذي أحرز بالفعل في غضون عشر سنوات فقط”. وتتابع “نحن أنفسنا مندهشون”.في زوارة، نُظمّت الدورات الأولى لتعليم الأمازيغية في عام 2012، مع “بدايات صعبة”، بسبب نقص المعلمين المدربين وعدم اليقين حول البرنامج الدراسي، وفق ما تقول مديرة المدرسة سندس ساكي،.

وتقول ساكي “كانت لدينا تساؤلات: ماذا سنفعل؟ (…). نتكلّم اللغة في المنزل، صحيح، لكن دراسة الحروف والكتابة، هذا جديد علينا”.

وكان ملحاً إقناع أولياء التلامذة الذين عبّروا عن قلقهم من العبء الزائد الذي يمكن أن يرتبه تعلّم الأمازيغية على أطفالهم، لا سيما أن اللغتين العربية والإنكليزية من أولويات الدراسة.

وتقول ساكي التي زينت مكتبها بالعملين الليبي والأمازيغي، “كانوا يعتبرون أن ثلاث لغات كثيرة جدا على التلاميذ، لكن هؤلاء جاؤوا بأدمغة متفتحة على التعلم”.

“الى الأمام”

بعد انتهاء الدروس، تتوجه الشواشي إلى الاستوديو الصغير في إذاعة “كاساس أف أم”، أول محطة إذاعية محلية باللغة الأمازيغية تبث منذ العام 2012 من زوارة. وتمّ أخيرا إطلاق محطة وطنية ناطقة باللغة الامازيغية من العاصمة طرابلس.

ونناقش أسيرم الشواشي التي تطوّعت لتقديم برنامج إذاعي في “كاساس أف أم”، مع مدير البرامج إسماعيل أبو ديب، الحلقات التالية من برنامجها المخصص للأدب الأمازيغي.

ويرى إسماعيل أبو ديب بدوره أن سكان زوارة من الأمازيغ، ومن حقهم التحدّث بلغتهم الأم , ويوضح أبو ديب المتخصّص في الهندسة المدنية، مرتدياً نظارته الطبية، “المحتوى الناطق بالأمازيغية يلبّي تطلعات مواطنينا، كونها اللغة الأقرب لهم، ومن حقّهم التحدث بها عبر وسائل الإعلام”.

ويتابع “واجبنا أن نحترم لغتنا ونعتزّ بهويتنا (…)، العالم كله يعيش في بيئات متنوعة ومختلفة ومنسجمة، ونحن كليبيين، من حقنا العيش في هذا الانسجام”.

اللغة الأمازيغية

جدير بالذكر أن الأمازيغية (أو تمازيغت) وفقا لموقع ” المعرفة ” هي إحدى اللغات الأفريقية الحية, ويتحدث بها الأمازيغ في شمال أفريقيا , و الأمازيغية وفق المصطلحات الميتافيزيقية هي لغة حامية كالمصرية القديمة وغيرها من اللغات الحامية.

ويذهب الباحث اللساني الدكتور محمد المدلاوي في مقال له حول مبادئ المقارنة اللغوية السامية الحامية منشور في العدد الأول من مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة-المملكة المغربية، إلى إمكان اعتبار الأمازيغية متفرعة مباشرة من اللغات السامية، وأن بالإمكان الوصول إلى إعادة بناء اللغة السامية الأم انطلاقا من المقارنة بين اللغة العربية القديمة واللغة الأمازيغية، وقدم لذلك أمثلة عديدة، ومنهجية علمية دقيقة للتوصل إلى إعادة بناء الإرث المشترك بين اللغتين.

غير أن بعض الباحثين كأحمد بوكوس يرون أن الأمازيغية ليست حامية ولا سامية وأنما لغة مستقلة بذاتها , ويرى كارل برسه أن الأمازيغية لغة متأثرة باللغات الأفروآسيوية أي الحامو-سامية وأن الكلمات المشتركة بين الأفروآسيوية هي ثلاثمائة كلمة, وهذا يعني أنه ليس هناك من علاقة جذرية بين هاتين المجموعتين.

وإذا كان الخلاف قائما حول العلاقة اللغوية بين العربية والأمازيغية، فإن التفاعل اللغوي بين العربية والأمازيغية يتضح بجلاء بعد الفتح الإسلامي, فبعض الأمازيغ تعربوا، وبعض العرب تمزغوا, أما الأمازيغ غير المعربين فيستعملون كلمات عربية خصوصا في مجال الدين والعبادات إضافة إلى كلمات لاتينية في مجال التجارة والعمل. كما أن تأثير الأمازيغية في اللهجات العربية المغاربية واضح بجلاء صوتا وصرفا وتركيبا ودلالة، وذلك نتيجة قرون طويلة من التفاعل بين اللغتين على ألسنة الساكنة المحلية عربية كانت أو أمازيغية.

اللهجات الأمازيغية

يتفرع عن الأمازيغية ما يقارب 11 لهجة غير أن هذه اللهجات تتحد في القاعدة اللغوية المشتركة بينها ويمكن للناطق بأحد اللهجات الأمازيغية أن يتعلم اللهجة الأخرى في أيام إذا كان يتقن لهجته الأم .

تأثير الأمازيغية على اللهجات المغاربية

وتجدر الإشارة إلى أن لهجات الشمال الأفريقي أو اللهجات العربية المغاربية متأثرة بشكل كبير باللغة الأمازيغية, ويظهر ذالك في الأسماء والكلمات الأمازيغية التي تستعمل في اللهجات العربية المغاربية, بل حتى أن الطبيعة المورفولوجية للهجة المغاربية أصبحت ذات طابع أمازيغي فتكونت بذلك كلمات بعيدة عن طبيعة اللغة العربية فنجد كلمات يتتابع فيها حرفي السكون, وأخرى قد أصبح فيها الحرف القمري حرفا شمسيا.

وتولدت في اللهجات المغاربية أشكال لصوائت قصيرة لا علاقة لها بالعربية, وأهم لهجاتها: الشلحية القبائلية المزابية التارقية الشاوية الشنوية (في الجزائر) .

إقرأ المزيد :

تقرير أممي : ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ليبيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »