محمود عبدالمنعم القيسوني يكتب : مائة عام علي اكتشاف جبل العوينات
في يوم ١٩ أبريل ١٩٢٣ تحرك الرحالة والمستكشف أحمد باشا حسنين من واحة الكفره بليبيا فى قافلة مكونة من ١٩ فرداً و ٢٧ جملاً الى الجنوب المجهول للعالم أجمع .
وفي فجر يوم ٢٣ ابريل ١٩٢٣ أكتشف جبال وواحة ” أركينو ” المجهولة بعد ١١٠ يوما من مغادرته للسلوم و أقام بها خمسة أيام ، و صباح يوم ٢٨ من نفس الشهر من عام ١٩٢٣ تحرك للجنوب و بعد نهار كامل و ليلة و مسافة أربعون كيلومتر، إكتشف جبل العوينات وبالتحديد يوم ٢٩ أبريل عام ١٩٢٣ أي منذ مائة عام هو جبل جرانيتى إرتفاعه ١٩٠٧متراً .
منحوتات غريبة
ومن بين ما سجله ودونه أحمد باشا حسنين عن هذا الجبل، أن به عيون مياه عذبة و رسومات و منحوتات غريبه منتشره على صخوره و داخل تجاويفه ترمز لكائنات مثل الزراف و الوعول و الماعز الجبليه و أشخاص يصطادون .
ومن ضمن ما شاهدة أيضا أفراد من قبيله ” التبو ” الرحل ( مائة وخمسون فرد تقريباً ) وشاهد مساكنهم المبنية بحجارة القطاع ، مثل إسلوب بناء النبطية بسيناء و كان لهم ملك يلقب ” بهرى ” و تناول طعامهم المفضل والملقب ب” الأبرا ” المكون من بذور الحنظل ( العلقم ) بعد إزالة مرارتها و المطحونه بالجراد المجفف و التمر مع الإشارة إلى أنه هناك ثلاثه قطاعات تلقب بالعوينات الأولى شرق العوينات الملاصقة لبئر ” طرفاوى ” على مسافة 300 كيلو متر جنوب واحة الداخله وهى التى تنفذ فيها حالياً مشروعات زراعية .
والقطاع الثانى هو جبل العوينات والجارى إعداده ليكون محمية تراث طبيعى عالمى و تاريخى بالتنسيق بين برنامج الأمم المتحده اليونيسكو و ليبيا و السودان و مصر و هى تبعد عن شرق العوينات مسافه 300 كيلو غرباً.
أما القطاع التالى: فهو واحة العوينات فى أقصى جنوب غرب ليبيا، وتعتبر مدخل لجبال الأكاكوس و هى محمية طبيعية رائعة الجمال تمتد الى داخل الحدود الجزائرية و تشمل تشكيلات مشابهة لما هو موجود بالصحراء البيضاء جنوب واحة البحرية لكنها تشكيلات سوداء بركانية، والمحمية غنية جداً بالفنون الصخرية و هناك محاولات من المنظمه الدولية اليونيسكو لإعلانها هى أيضاً محمية تراث طبيعى عالمى بين ليبيا و الجزائر .
صور الأقمار الصناعية
بالنظر لصور الأقمار الصناعية الحديثة يمكن تقسيم جبل العوينات الى ثلاثة قطاعات أكبرها بليبيا و هى التى بها الجبل الجرانيتى و قمة هذا الجبل دائرى قطره خمسة وعشرون كيلومتر و إرتفاعه حوالى إثنين كيلومتر و تخرج منه ثلاثة وديان هى كركور حامد – كركور إدريس – كركور إبراهيم وكلمه كركور تعنى وادى بلغة قبيلة التبو – و يوجد بها عدد إثنين آبار مياه عزبة على الجانب الليبى هى عين غزال و عين دوا.
اما الجزء الواقع بالسودان ( أقصى شمال غرب ) فيتشكل من الحجر الرملى و يخرج منه وادى واحد هو كركور مر و الذى يضم واحه خضراء يانعة بها عين مياه عزبة تلقب بعين البرنس و هى أيضاً من إكتشافات أحمد حسنين .
أخيراً القطاع الواقع بأقصى جنوب غرب الأراضى المصرية و هو الأصغر حجماً و مساحة و هو أيضاً يتشكل من الحجر الرملى و إرتفاعه حوالى ألف وثمانمائة متراً و يخرج منه واديين الأول هو كركور طلح والذى يمتد جنوباً الى داخل الأراضى السودانية و يسهل دخوله و إختراقه من الجانب المصرى بينما من الصعوبة البالغة دخوله من الأراضى السودانية نظراً لضيق مدخله و إرتفاعه ووعورة تضاريسه.
اما الوادى الثانى فيلقبه رجال سياحه الصحراء بالوادى الذى لا اسم له و هو الذى يخترق القطاع الشمالى من العوينات المصرية و ينتهى غرباً عند الحدود الليبية و هذا الوادى ثرى جداً برسومات إنسان العصر الحجرى و منحوتاته و لا وجود للمياه على الجانب المصرى.
٥٠٠٠ صورة
و قد تم طبع كتاب ألمانى مصور عام ١٩٣٣ يشمل حوالى خمسة آلاف صورة و رسم تسجيلى لمنحوتات و رسومات إنسان العصر الحجرى الموجوده بجبل العوينات معظمها للزراف والنعام والغزلان والكباش ورسومات لإنسان ذلك الوقت وهو يصطاد أو يرعي ماشيه و يلاحظ انه لا وجود قط لأى رسم أو نحت للجمل كما ان هناك رسومات غامضه غير مفهومه حتى الأن و للأسف كل أصول هذة الصور و الرسومات و الملفات و المذكرات و الوثائق دمرت بالكامل أثناء الحرب العالمية الثانية و أعيد كتباتها من ذاكره مؤلفها بعد إنتهاء الحرب .
كما قامت بعثة بلجيكية خلال الستينيات من القرن الماضى بقضاء سته شهور كاملة بقطاع العوينات المصرى و السودانى سجلوا خلالها كل الرسومات و المنحوتات وأطلقوا علي هضبة قمتها بيضاء مستديره ذات قطر ٣٥٠ متر إسم حسنين وذلك عام ١٩٦٨ واليوم توجد بالعوينات كائنات مهدده بالإنقراض مثل الكباش الجبلية و الغزلان و الثعالب و الزواحف بأنواعها .
عام ٢٠٠٧ تم أكتشاف مغارات على الجانب الليبى ثريه بالرسومات و المنحوتات لإنسان العصرالحجرى و قد أطلق الباحثين و العلماء على هذا الرسومات و المنحوتات لقب الفن الصخرى .
و حتي عام ٢٠١٣ كانت تفعل رحلات سياحية لهذا القطاع النائى خلال الفترة من أول أكتوبر حتى أخر شهر أبريل من كل عام حيث يكون المناخ مناسب .
و قد تم تفعيل قوافل علمية على الجانب المصرى تضم خبراء سياحه الصحراء و علماء آثار و علماء بيئة بهدف العمل على حماية كنوز هذا القطاع الطبيعية و التاريخية و ترسيم القطاعات مع وضع ضوابط و قيود مثل حظر دخول السيارات و المركبات فى القطاعات المتناثر على سطحها أدوات وأسلحه إنسان العصر الحجرى المصري .
وعقدت دورات تدريبية رفيعه المستوى لجميع تخصصات السياحة الصحراوية تحت إشراف وزاره السياحه و الإتحاد المصرى للغرف السياحية كما قامت هيئة تنشيط السياحة المصرية وجهاز شؤون البيئة بطبع مطويات فاخرة بعده لغات عن هذا القطاع شاملة آداب و قواعد السياحة الصحراوية .
* محمود عبدالمنعم القيسوني : مستشار وزير السياحه ووزيرة البيئه لشؤون السياحه البيئية من عام ٢٠٠٧ حتي ٢٠١٤والمشرف علي سياحة الصحراء من عام ١٩٩٧حتي عام ٢٠١٤
إقرأ أيضا :
كنوز مصر المجهولة
كنوز مصر المجهولة.. مع القيسوني .. الحلقة الثانية.
مصر.. حواس يعلن عرض فيلم كليوباترا بالتزامن مع عرض نتفليكس لفيلمها المثير للجدل
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.