رامي زهدي يكتب .. هل يصل مد (بريكس) المتنامي للقارة الإفريقية؟
“ماذا تعني (مجموعة بريكس) بالنسبة لإفريقيا.. وماذا تعني إفريقيا للمجموعة؟”
“الكتلة الإفريقية” تتشكل ويرجح لها تأثيراََ متصاعد في الإقتصاد والسياسية والأمن والسلم في العالم
الإقتصاد الإفريقي علي مدار مائة عام يعاني من الإستغلال ومن فرص تعاون هشة بين أفريقيا والعالم، تعطي الطرف الآخر من خيرات القارة الإفريقية ما يحتاجه ويزيد ، بينما تستنزف ثروات القارة الإفريقية ومقدرات الأجيال القادمة في أفريقيا مما يزيد من فقر وتعاسة وبؤس القارة الإفريقية .
جهود تنمية معطلة في أحيان، بطيئة معظم الوقت، واقتصاد مترنح لدول عديدة في القارة لأسباب مختلفة لكن من أهمها عن القارة وعلي مدار كل هذه العقود لم يحدث بها عملية اندماج لإقتصادها في الإقتصاد العالمي علي الإطلاق ، ولم تمثل القارة طرفاََ أصيلاََ في تقدم حركة الإقتصاد في العالم وبالتالي لم تحظي بنتائج إيجابية منصفة ولا مرضية، وبدلاََ من أن تكون القارة الأفريقية محور هام للإقتصاد في العالم، تحولت لأداة اقتصادية في يد قوي دولية كبري متنافسة علي ثروات القارة وساحة للحروب والصراعات وسوقاََ استهلاكياََ لمنتجات العالم ومختبر كبير لتجريب كل ما هو جديد من دواء أو علاج ومركز تدريب عسكري لتجريب الأسلحة الجديدة علي ضحايا حقيقيون دون الإلتفات لمصلحة الشعوب الإفريقية أو حتي البحث عن أرضية مشتركة لقدر منصف وعادل او حتي شبه منصف لمصالح مشتركة.
في وسط هذه الظروف، يظهر تجمع اقتصادي قوي بدأ خافتاََ وبعيداََ عن المنافسة ثم سرعان ما أصبح محور لتحركات القوي العالمية الكبري والمتنافسة الأن وفي السنوات القادمة، هو تجمع (بريكس) الذي تظهر فيه القارة بشكل مؤثر بوجود إحدي دول التأثير الكبري في القارة وهي دولة جنوب إفريقيا، مما يعني أن الفرصة واضحة لإنضمام دول أفريقية أخري من مجموعة الكبار في القارة وفي مقدمتها مصر ونيجيريا، وهما الدولتان صاحبتا الإقتصاد الأكبر والأقوي الي جوار جنوب أفريقيا في القارة الإفريقية، وأيضا الجزائر وتونس.
(مجموعة بريك) ثم (بريكس BRICS)
بريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتتينية BRICS المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول «بركس» في يوليو/ عام 2008، وسبق ذلك اجتماع في روسيا للدول الأربعة المؤسسة البرازيل، روسيا، الهند والصين قبل انضمام جنوب افريقيا، وكان هذا اللقاء الأول في جزيرة هوكايدو اليابانية حيث اجتمعت آنذاك قمة «الثماني الكبرى» ، وشارك في قمة «بركس» رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية، ثم انضمت دولة جنوب أفريقيا إلى المجموعة عام 2010، فأصبحت تسمى بريكس بدلاً من بريك سابقا، و تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40 % من سكان الأرض.
ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا – حسب مجموعة جولدمان ساكس البنكية العالمية، لكن الأمر في السنوات الأخيرة تحول الي احتمالات أكبر لتأسيس تكتل اقتصادي قوي وقطب سياسي واستراتيچي وعالمي قوي من دول البريك قبل ان تتحول الي البريكس ثم البريكس بلس، والأن يتدوال حديثا عن “المد البريكسي” وتوسيع نطاق المجموعة وضم عدة دول (بلغ عدد ملفات الدول المرشحة والمرجحة للإنضمام حتي الآن 15 دولة)، وبالتوازي دارسة فكرة استخدام عملات المجموعة في التدوال أو استحداث عالمية جديدة تحت مسمي (بيركسي) أو ماشابه لمواجهة سيطرة الدولار الأمريكي ولحسم الصراع الدولي الإقتصادي والمصرفي وعلي مستوي العملات والتدوال وبالتالي ينعكس اي حسم في هذا الإطار علي إطار الصراعات العسكرية والسياسية والإستراتيچية.
ينتظر خلال عقد القمة التالية للمجموعة والتي ستعقد خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس من هذا العام استعراض ومناقشة أجندة موضوعات متعددة تصب جميعها في إطار إعادة هيكلة الإقتصاد العالمي وبشكل سريع وحاسم دون تباطئ خاصة وأن الصراع العالمي أصبح في اقصي مراحله منذ عهد الحروب العالمية الأولي والثانية ومابينهما من تنافس قطبي ثنائي ومتعدد الاقطاب بين قوي العالم الكبري، وكان قد عقد في بداية شهر يونيو من العام الحالي اجتماع وزراء خارجية دول بريكس الخمس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) في مدينة كيب تاون بجنوب افريقيا، و إنضم إليهم خمسة عشر وزير خارجية ممثلين لبلاد في إفريقيا والجنوب العالمي و(أصدقاء بريكس).
وسعت هذه المداولات ضمن ما ستسعى إليه من أمور إلى تثبيت جدول أعمال قمة بريكس التالية في الربع الأخير من العام الحالي
“الدول المتقدمة والمهتمة بعضوية بريكس”
يتجاوز عدد الدول التي اهتمت بطلب العضوية او مناقشة ذلك منذ العام 2011 فيما بعد انضمام جنوب افريقيا رسميا، 20 دولة من قارات العالم المختلفة، كان من أبرزهم أو اقربهم للإنضمام فعليا الجزائر ، الأرجنتين، إيران ، أفغانستان، مصر، إندونيسيا، السعودية، سوريا، تونس،كازاخستان، نيكاراجوا، نيجيريا، السنغال، تايلاند، الإمارات العربية المتحدة، و بنجلاديش
في وقت تتعاظم فيه أهمية وتأثير بريكس يوما بعد يوم بعد أن أصبحت بريكس أهم صوت ناطق باسم الجنوب العالمي على الطاولة رفيعة المقام الخاصة بالقوى الكبرى في النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع قيام حرب أوكرانيا بتوسيع هذه الثنائية القطبية، سيتعين على بريكس أن تتحسس خطاها بثقة نحو التقدم في اطار اعادة هيكلة شكل ومضمون الإقتصاد العالمي.
“ماذا تمثل عضوية وتكتل بريكس للقارة الإفريقية، وماذا تثمل افريقيا بالنسبة لمجموعة بريكس”
إفريقيا قارة الثروات، بعدد دول أكثر من 55 دولة بإمكانيات وفرص وقدرات تعاون متابينة، وبالتالي انضمام عدة دول أفريقية كبري إلي مجموعة بريكس في هذا التوقيت يمثل دعما غير محدود لدول القارة كافة حتي التي لن تصبح عضوة في بريكس الآن وربما مستقبلا والي الأبد لن تحظي أبدا بإستيفاء الشروط والأحكام المطلوبة للإنضمام، الا ان وجود دول مثل جنوب افريقيا، مصر، نيجيريا والجزائر علي سبيل المثال لا الحصر يمثل فائدة عظيمة للقارة لأن كل دولة من هذه الدول علي حده تمثل مركز ثقل غير محدود داخل القارة، وتقريبا هي الدول الكبري في القارة في كل شئ إيجابي بالمقارنة ببقية دول القارة وتأثير اقتصاديات هذه الدول يتجاوز حدودها الي دول الجوار الأفريقية وربما يمتد للقارة بأكملها، كذلك ما قد يمكن توفيره من خلال عضوية البريكس من عملات للتدوال وأنظمة مصرفية أكثر مرونة يزيد من فرص القارة لمواجهة أزمات الأمن الغذائي والطاقي وتراجع جهود التنمية ويدعم وبشدة فرص تنامي التجارة البينية الإفريقية ودعم سلال الإمداد المحلية والعالمية التي تربط دول القارة بدول البريكس وغيرها من الدول، بالإضافة الي أن مجموعة بريكس كما هو مخطط أو كما يبدو سوف تكون محور قطبي هام من أقطاب العالم في السياسية والإقتصاد والآليات العسكرية وبالتالي يعزز ذلك من صعود الكتلة الإفريقية في العالم، وفي المقابل وجود أفريقيا بشكل فاعل لاول مرة في تجمع اقتصادي وچيوسياسي بهذا الوصف وهذا الحجم يضيف للقارة كما يضيف للتجمع ذاته، خاصة وأن دول التجمع تسعي لبناء كيان قوي لمعسكر عالمي جنوبي وشرقي من العالم ليواجه سيطرة المعسكر الغربي والولايات المتحدة الأمريكية، 55 دولة افريقية بوجود 5 او 6 دول منها بشكل رسمي داخل التجمع يعني الكثير للتجمع ولدوله المؤسسة، ويمثل فرصة لظهور القرار الإفريقي المؤثر في العالم والذي سيصبح أكثر قوة ودعماََ خلال السنوات القادمة وما تشهده من تحولات جذرية في النظام العالمي.
بعض المصادر:
www.timesonline.co.uk/tol/news/world/us_and_americas/article6514737.ece
نبذة عن مجموعة “بريكس” روسيا اليوم
“IMF World Economic Outlook (WEO) Update, January 2017: A Shifting Global Economic Landscape”.
“The World Factbook — Central Intelligence Agency”.
* رامي زهدي – الخبير في الشؤون الإفريقية
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.