السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : قراءة سريعة لقرار مجلس الأمن ٢٧٢٤ الخاص بوقف العدائيات
عادة تصدر مخرجات مجلس الأمن إما فى شكل تصريح يدلى به رئيس المجلس لوسائل الإعلام أو ببيان صحفى press release أو بيان رئاسي presidential statement أو قرار صادر عن المجلس security council resolution ، وما عدا تلك التى يصدرها المجلس فى شكل قرار فإن البيانات الصحفية أو الرئاسية لا تحمل قوة أو أثر بل تعكس توازنات أو خلافات بشأن قضايا رئيسية ولا تترتب عليها تبعات أو مترتبات ذات أثر.
وخلافا لما تصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة والتى تعتبر مقرراتها توصيات فإن القرارات الصادرة من قبل مجلس الأمن بالإجماع أو بأغلبية تسعة دول دون استخدام لحق النقض ملزمة قانونا بموجب المادة ٢٥ من ميثاق الامم المتحدة الا أن درجة الإلزام تتفاوت ، فالقرارات الصادرة بموجب الفصل السابع ملزمة ويمكن استخدام القوة لانفاذها والقرار الصادر بموجب الفصل السابع يتم عادة الاشارة إليه فى نص القرار فيتم التنويه فى الفقرات التمهيدية إلى ” واذ يتصرف وفقا للفصل السابع من الميثاق” وعادة تتم الاشارة أيضا إلى ان الوضع يهدد الامن والسلم الدوليين.
وقد تكون كل عناصر القرار تحت الفصل السابع أو فى جزئية منه كما فى القرارات الخاصة بعمليات حفظ السلام حيث تبيح قرارات مجلس الأمن لهذه القوات استخدام القوة لحماية نفسها ، بل أن التاريخ القريب يبين أن بريطانيا قد تدخلت عسكريا بقواتها لاجلاء رعاياها عن سيراليون كما حاربت مع قوات حفظ السلام للدفاع عن العاصمة فريتاون فى مواجهة هجوم الجبهة الثورية المتمردة عليها إبان الحرب الأهلية فى ذلك البلد.
واستخدامات الفصل السابع نفسها تتدرج فتبدأ بإجراءات سياسية واقتصادية ودبلوماسية وتصل قمتها في القيام بحصار وعمل عسكرى كبير ، وقد أوضحت التجربة انه نادرا ماتم استخدام الفصل السابع فى حده الأقصى.
إذا كانت قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونا حتى تلك الصادرة بدون الإشارة للفصل السابع بموجب الميثاق فإن غياب الإشارة لذلك تجعل عدم الالتزام بتنفيذه واردا كذلك من جهة اخرى ، والمجلس نفسه يعلم ذلك وإلا لكان قد أشار للفصل الإلزامي السابع الذى يتطلب توافق الدول عليه بما في ذلك دول الفيتو ويكون تنفيذه فرض عين من قبل الأطراف المعنية.
إذن فإن قرار مجلس الأمن بشأن” وقف العدائيات” خلال شهر رمضان المعظم لم ينطلق من محطة الفصل السابع بل اعتمد على مبدأ عام هو ” الزامية تنفيذ قرارات المجلس ” ، كما أن الاطار الزمنى محدد بشهر رمضان ، وتنتهى المناشدة بانتهاء الشهر الكريم مالم يقرر المجلس خلاف ذلك ، ومما يضعف قرار المجلس أيضا ان قراره حث على “وقف العدائيات cessation of hostilities ” وهى تختلف عن الدعوة” لوقف إطلاق النار ” التى تتطلب آليات تنفيذ ومراقبة implementation ،verification and monitoring mechanisms سيمضى شهر رمضان كله قبل الإتفاق على تفعيلها ميدانيا.
إذن فقرار مجلس الأمن اشبه بالمناشدة المتدثرة بقانونية المجلس وسلطته الأدبية ، وقد أوضحت الحكومة السودانية شروط تجاوبها مع هذه المناشدة.
يلا حظ أن بريطانيا هى التى تصدرت مشهد مشروع القرار و كانت بعض الدوائر ترى أن تقديمه بواسطة الولايات المتحدة ، أحد اقطاب منبر جدة ، ربما كان أفضل كرسالة سياسية رغم أن بريطانيا تعد نفسها ” حاملة قلم _penholder ” لقضايا السودان بمجلس الأمن كما يلاحظ أن المشروع طرح بعد موافقة السودان على مسارات الإغاثة بما فى ذلك من الطينة التشادية ومعلوم أن مسائل وقف إطلاق النار والاغاثة معنى بها منبر جدة وله فيها التزامات واضحة ، ورغم أن قضايا السودان قد شبعت من انغماس الأيادي الخارجية والتدويل إلا أن المشروع البريطانى عبر بالتدويل لمرحلة لافتة أخرى ، ولابد فى معرض الحديث عن كثرة انغماس الأيادى وما تبعث به من تشويش وتشكيك الإشارة لمؤتمر للمسائل الإنسانية تعتزم فرنسا عقده بعاصمتها دون التشاور مع السودان.
نرجو أن نشير إلى أن مجلس الأمن اعتمد في ذات الجلسة قرارا بالرقم ٢٧٢٥ بموجب الفصل السابع بالتمديد لمدة عام لفريق عمل الخبراء الخاص بحظر توريد السلاح لدارفور.
إقرأ المزيد :
السعودية ترحب بقرار مجلس الآمن بوقف القتال في السودان خلال شهر رمضان