تونس .. ” المهدية ” متحف مفتوح للصناعات التقليدية
تبدو ولاية المهدية التونسية وكأنها إحدى المتاحف والتى تضم العديد من المنتجات المصنوعة في ورش الصناعات التقليدية المنتشرة في كافة أنحاء الولاية والتي تحمل بين تفاصيلها لمسات تعكس الفترات التاريخية التي مرت بها الولاية سواء الفينيقية أو اليونانية أو الرومانية أو الفاطمية، ومن أهمها لوحات الفسيفساء والتماثيل الرومانية والمشغولات الفخارية والمنتجات المصنعة من ألواح الزيتون والمنتجات الجلدية، وهو ما يجذب أنظار السائحين من مختلف أنحاء العالم.
“فن الفسيفساء من أبرز الفنون الرومانية التي تشتهر بها ولاية المهدية منذ القدم”..بهذه الكلمات بدأت وداد محمد “أحدى العاملات في ورشة خاصة بالفسيفساء حوارها مع موفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس، مشيرة إلى أنها تعلمت تلك المهارة منذ 20 عاما وتقوم بتقطيع الأحجار الملونة باستخدام “قصافة” إلى مكعبات صغيرة و يتم لصقها بمادة خاصة على الألواح.
وأضافت أنه يتم اختيار صور متعددة إما من المورثات التراثية الخاصة بالمهدية أو الرومانية، ويتم كذلك اختيار أشكال من الطبيعة سواء نباتات أو ورود أو حيوانات، وبعد ذلك يتم إدخال الزجاج لتطوير الأشكال واستخدمها كالمرايات.
وأشارت إلى أنه يتم تصنيع 20 لوحة يوميا من الفسيفساء بأحجام و أشكال مختلفة فمنها الدائري والمربع والمستطيل والمفرغ ، موضحة أن السائحين هم الأكثر شراء للمنتجات خاصة في فصل الصيف و أيام المهرجانات مثل مهرجان أيام الجم الرومانية ، ومهرجان الموسيقى السيمفونية ، لافته إلى أن أسعار اللوحات في متناول الجميع ، وأنه يتم التصدير لأكثر من دولة من بينهم إيطاليا وفرنسا ومؤخرا الجزائر.
أما عن الصناعات التقليدية بألواح الزيتون، قال كمال بنور صاحب أحدى الورش التقليدية من الجم بولاية المهدية إن المنتجات المصنعة من ألواح الزيتون من الصناعات المميزة للولاية التي تقدم عليها الدول الأوروبية بكثرة، ومن أكثر الدول الأوروبية استيرادا لهذه المنتجات ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وأمريكا وبلجيكا ، مشيرا إلى أنه يتم تصدير من 20 حتى 40 ألف قطعة سنويا، معربا عن تطلعه للدخول إلى السوق المصري لكونه من أكبر الأسواق التجارية في أفريقيا.
وأضاف أنه من أشهر المنتجات والأكثر مبيعا في الخارج الأدوات المنزلية بداية من الملاعق و المهراز “الخاص بطحن البهارات” والأطباق الكبيرة وألواح تقطيع اللحوم و الخضراوات والشطرنج ، نظرا لأنها منتجات آمنة صحيا من الطراز الأول لصناعتها من أخشاب الزيتون.
وعن كيفية التصنيع ، أوضح أنه يتم الحصول على الألواح الخشبية في شكلها الأصلي و يتم تقطيعها ثم تجفيفها و يتم تركها لفترة طويلة مع دهنها ببعض المواد التي تحافظ على جودتها، ثم يتم تشكيلها من خلال استخدام الماكينات والأدوات المتخصصة ، للوصول إلى المنتج في صورته النهائية.
وفيما يخص صناعة التماثيل الرومانية والمشغولات الفخارية، قال عبد الهادي حمادي عامل في أحد المتاجر بالمهدية إنه يتم تصنيع هذه التماثيل بالورش الخاصة بهم والتي تتميز بأنها تحمل مظاهر الحضارة الرومانية، لافتا إلى أنه يتم الإقبال على شرائها طوال العام من قبل السائحين ، فضلا عن العرائس الخشبية.
وعن المنتجات الجلدية، قالت عفاف الطرابلسي صاحبة أحد المحال إن المهدية تتميز بصناعة المنتجات الجلدية الطبيعية ، والتي يتم إنتاجها من جلود الأبقار والأغنام والعلوش “الخراف”، موضحة أن أغلى المنتجات المصنع من جلد الأغنام ، مشيرة إلى قلة المبيعات خلال السنوات الماضية مع ظهور المنتجات المصنعة من الجلد الصناعي ، بالرغم من أن أسعارها متوسطة.
وتظل ولاية المهدية التونسية تتمتع بطابع خاص، حيث مرت بالعديد من الحقب التاريخية منذ تأسيسها في العصر الفاطمي سنة 308هـ /920 م واتخذها الخليفة الأول عبد الله المهدي الفاطمي عاصمة لموقعها الجغرافي المميز وسميت بهذا الأسم نسبة إليه ، كما أنها تطل على البحر من ثلاث جهات وهو ما جعل من المدينة حصنا منيعا للتصدي للغزوات الخارجية وجعلتها مركزا تجاريا هاما بالحوض المتوسط .
إقرأ المزيد :
تعرف علي قصة معبد « الغريبة » في تونس والأساطير والمزاعم اليهودية حوله