رواندا: المسلمون يحتلفون بعيد الأضحى المبارك
في رواندا، أحتفل المسلمون الراونديون يوم 16 يونيو المسلمين في جميع أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك، الذي تستمر الاحتفالات به لمدة ثلاثة أيام تبدأ بيوم وقفة عرفات التي يقف فيها الحجاج علي صعيد جبل عرفات بمكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية هو العيد الرئيسي و الأكثر أهمية في الإسلام مع عيد الفطر المبارك .
تجمع الآلاف من أعضاء الجالية المسلمة في رواندا، وفقًا لصحيفة نيوز تايمز في ملعب كيجالي بيليه لأداء صلاة الفجر قبل الاحتفال بعيد الأضحى مع عائلاتهم.
وحضر الصلاة رئيس أركان جيش قوة الدفاع الرواندية الجنرال مباركة موجانجا، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي المعين حديثا يوسف مورانجوا، ونائب رئيس البرلمان السابق الشيخ موسى فاسيل هاريريمانا، ومفتي رواندا السابق الشيخ سليم هيتيمانا.
وفي كلمته أمام آلاف المسلمين خلال صلاة صباح العيد، حث مفتي رواندا موسى سيندايجايا المسلمين على مواصلة العمل من أجل خير بلادهم وطلب منهم على وجه الخصوص الدعاء والمشاركة في الانتخابات المقبلة.
يذكر أن نسبة المسلمين من عموم المواطنين في رواندا تصل لنحو 15%، وفقًا لما صرح به الشيخ سالم هيتيمانا مفتي رواندا الاسبق لموقع قناة الجزيرة وان هناك من يقول إنها أقل ولا تتعدى 4% لكنها نسبة غير دقيقة.
وعن كيفية وصول الاسلام الي رواندا قال هناك روايتان، الأولى تقول إن الإسلام دخل إلى رواندا عام 1896 عن طريق عمال مساعدين استقدمهم المستعمرون الألمان عندما دخلوا عبر تنزانيا، واجتاحوا رواندا، كان معهم كوادر من تقنيين ومهندسين من المسلمين، والبعض يعتبر أن دخول هؤلاء هو أول دخول للإسلام إلى رواندا.
وتقول الرواية الثانية إن الإسلام دخل رواندا عام 1890 تقريبا عبر التجار العرب الذين كانوا يترددون على هذه المنطقة، وخاصة غربي تنزانيا، وكانوا يصلون لأقصى الكونغو في منطقة كاسونجو، وهؤلاء التجار كانت لديهم صلات واتصال مع الروانديين، وكانوا يبيعون الملابس والملح للروانديين ويزودونهم بالسلاح وفق البعض، ويشترون منهم العاج.
لكن كانت العلاقات طيبة بين الطرفين، وعندها بدأ الإسلام بالانتشار بين الروانديين، وبدؤوا في دخول الإسلام وبناء المساجد الصغيرة. والمحقق أن دخول الإسلام في ذاك الوقت سبق دخول المسيحية بنحو 10 سنوات. وغالبية التجار كانوا عربا من عُمان على الأكثر، وفي تنزانيا على سبيل المثال نجد عربا من أصول يمنية وعُمانية.
وعن وضع المسلمين في رواندا قال الشيخ سالم هيتيمانا أنه وضع أكثر من ممتاز، نجد احتضانا كاملا من الحكومة والمؤسسات، ولا نعاني من أي تمييز بحقنا، نحن مواطنون كغيرنا، ولا نلمس أي نوع من أنواع التضييق أو غير ذلك، ولوضع كلامي في سياق، لابد من تقديم فكرة عما كانت عليه الأمور قبل عام 1994.
أولا، النظرة إلى الروانديين المسلمين قبل ذلك التاريخ كانت تتسم بالتمييز الحاد، منذ الاستقلال عام 1962 حتى سنة 1994، عانى الروانديون المسلمون في تلك الحقبة من تهميش واضطهاد، لم يكن يُسمح لهم بأي نشاط تنموي أو اقتصادي أو ثقافي، كانوا محرومين من حرية العبادة، والبعض يلقي باللائمة في ذلك على فكرة أن المسلمين الأوائل في البلاد دخلوا مع المستعمرين.
ثم بدأت الأمور تزداد سوءا، مع عدم السماح للإسلام بالانتشار، إذ تم وضع غالبية المسلمين في مخيمات، تشبه مخيمات اللاجئين، رغم أنهم من أبناء البلاد.
ولتعميق التمييز ضدهم، كان يُطلق عليهم “سواحليين”، لأن المسلمين يتحدثون السواحلية، وهي لغة المسلمين الأوائل في رواندا، الذين أتوا من تنزانيا.
طُردوا من قراهم، ونُقلت غالبيتهم إلى تلك المخيمات التي بمجرد دخولها يسقط عن الفرد حق المواطنة، ولا يُسمح له بالدراسة أو تملك الأراضي. باختصار، يصبح الشخص غير موجود.
استمررنا في هذه الحياة المريرة حتى عام 1994، مع دخول جبهة تحرير رواندا إلى البلاد لإنهاء الإبادة الجماعية ضد أقلية التوتسي. منذ ذلك الوقت، تبدلت أمورنا جذريا. وجدنا انفتاحا من المستويات الرسمية، وبدأ دمج المسلمين في الوظائف والمناصب العليا، وإلحاقهم بالمدارس والجامعات.
وقبل عام 1994، كان عدد المسلمين الذين تمكنوا من دخول الجامعات لا يتجاوز 6 أشخاص على مستوى الدولة، أما من وصلوا إلى المرحلة الثانوية، فلم يتجاوز عددهم 35 شخصا.
ثم تغيرت الأمور، فالآن لدينا الآلاف من الروانديين المسلمين من خريجي الجامعات، ومثلهم من خريجي الدراسات العليا الحائزين درجة الأستاذية (الدكتوراه). وأكثر من ذلك، أول وزير داخلية بعد إنهاء الإبادة الجماعية كان مسلما، كان شيخي الذي تتلمذت على يده في مراحل دراسة العلوم الشرعية، عبد الكريم الهرري.
ثم بدأنا نلمس تغييرات على مستوى سريع وعالٍ، بحيث تجدون الآن المسلمين في وظائف رسمية حالهم كحال جميع المواطنين الروانديين. تخيل، حتى الزي الذي أرتديه (طاقية) لم يكن مسموحا به في حال تمكنا من دخول أي دائرة رسمية لإجراء أي معاملة.
ففي طفولتي -على سبيل المثال- رافقتُ والدي إلى دائرة حكومية مرة، وقبل دخلونا، نزع الطاقية ووضعها في جيبه، وعندما سألته عن السبب، أجابني بأنه ليس مسموحا لنا أن نرتديها.
وعن وضع المسلمين خلال الإبادة الجماعية ضد التوتسي قال كان دورهم الإسلام والمسلمين ينطلق وينبثق من تعاليم الدين والشريعة،وعندما كانت الحكومة تخطط وتنظم الإبادة الجماعية ضد التوتسي، دعت حتى المسلمين إلى الانضمام إلى المليشيات والمشاركة في عمليات القتل.
فتم الاجتماع حينها بمفتي البلاد الشيخ محمد موبيزا، لكن الموقف كان واضحا، أن الإسلام، ديننا الحنيف، لا يسمح لنا بتبني أفكار كهذه، لأن ديننا يفرض علينا احترام الإنسان وحرمة الحياة.
لذلك، دعا المفتي ممثلي المسلمين في جميع المحافظات وعقدوا اجتماعا عام 1992. وحذر جميع الأئمة من خطورة ما يتم تدبيره لبلادنا، وقال لهم إنه يتم التخطيط لفتنة ويجب أن نكون واعين وحذرين، وألا ننجر لها سواء بين أوساط المسلمين أو تجاه إخواننا المواطنين من قبائل وأديان أخرى.
وتمت صياغة رسالة بُعثت لرئاسة الجمهورية والحكومة، وتم تعميمها في رواندا، بأن المسلمين لن يقبلوا المشاركة في أي مجموعة مسلحة أو حزب أو أيديولوجيا تحرض على القتل بناء على الانتماء القبلي. وذكّرت الرسالة إخواننا في الوطن، من مسلمين وغيرهم، بأن لا أحد يختار الانتماء للقبيلة أو العائلة، بل هو تدبير من الله عز وجل.
وكانت الهيئة العليا للمسلمين حينها واضحة، وطلبوا من جميع الأئمة عدم الانتماء للأحزاب، لأنها تسير على طريق منافية للشريعة، وحذروا من أن من يريد التمسك بانتماء حزبي من الأئمة أو الشيوخ، فعليه أن يترك منصبه في منظومة المسلمين.
كما ذكرت الهيئة رئيس البلاد آنذاك بأن الشعب ينظر إليه على أنه أب له، وبأن عليه التصرف كذلك، ونصت الرسالة على أن الرئيس إذا اختار الالتزام بهذه الضوابط، فسيقف المسلمون في صفه، وإذا اختار مخالفة رؤية المجتمع المسلم للمواطنة، فسيواجهونه.
وعندما بدأت المذبحة، أظهر المسلمون درجة عالية من الوعي، واستمر الأئمة في توعية المسلمين بخطورة ما يجري التحضير له، فقرر المسلمون حماية الناس والمساجد. آنذاك كان الجميع مستهدفا على مستوى التفرقة القبلية، المسلم وغير المسلم.
طبعا كانت هناك حالات معدودة شاذة، لكن السواد الأعظم رفض القتل والإبادة والفظائع والمشاركة فيها. كما قام المسلمون بدور فاعل في الدفاع عن المضطهدين والملاحقين، لا سيما في المنطقة الشرقية
اقرأ المزيد:-
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.