اخبار افريقيا

« نيويورك تايمز » محذرة : إذا سقطت « الفاشر » لن يكون هناك الكثير من الوقت لوقف المذبحة

رسمت صحيفة ” نيويورك تايمز” في تقرير لها صورة قاتمة للكارثة التي تنتظر مدينة الفاشر أكبر المدن في إقليم دارفور ” غرب السودان” ، وهي المنطقة التي كانت مرادفة للإبادة الجماعية، وهي الآن على شفا كارثة أخرى.

وذكرت نيويورك تايمز في تقريرها إنه باستخدام نفس تكتيكات الأرض المحروقة التي روعت العالم قبل عقدين من الزمن، أحرق المقاتلون المنتمون لقوات الدعم السريع آلاف المنازل وأجبروا عشرات الآلاف على الفرار، وتُظهر صور الأقمار الصناعية عدة حرائق نشطة مشتعلة في مبان مختلفة في أحد الأحياء.

حرب أهلية تمزق السودان

وقالت نيويورك تايمز ” هناك حرب أهلية تمزق السودان، أحد أكبر دول أفريقيا ، وقد قُتل عشرات الآلاف، وتفرق الملايين، وتلوح في الأفق مجاعة هائلة، مما أدى إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

واضافت ” وأصبحت مدينة الفاشر، التي يسكنها 1.8 مليون نسمة، الآن في مركز الإنذار العالمي ، حيث يحذر المسؤولون من أنه إذا سقطت لن يكون هناك الكثير من الوقت لوقف المذبحة.

وأشارت نيويورك تايمز في تقريرها إلي أن المقاتلين الذين يقاتلون الجيش السوداني يحاصرون المدينة للسيطرة عليها ، قالت ” يُعرف المقاتلون المتقدمون باسم قوات الدعم السريع – خلفاء ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة التي ذبحت القبائل العرقية الأفريقية في دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، وفي الأسبوع الماضي، طالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بـ”وقف الحصار” على المدينة.

الهجوم يتكثف

 وأكدت نيويورك تايمز أن فحص صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو الواردة من الفاشر يوضح شيئًا واحدًا: الهجوم يتكثف ، مضيفه ” غالبًا ما يصور المقاتلون الذين يقاتلون الجيش السوداني أنفسهم وهم يحتفلون بينما تحترق الأحياء أثناء تقدمهم إلى وسط المدينة.

 وذكرت أنه مع اقتراب مقاتلي الدعم السريع، أحرقت أكثر من 40 قرية بالقرب من الفاشر منذ بداية أبريل ، حيث تم تدمير بعضها عمدا وربما اشتعلت النيران في قري أخري خلال اشتباكات مع القوات الحكومية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية الأوسع انتشاراً إلي تعرض أكثر من 20 ألف مبنى للتلف أو التدمير منذ أن هاجمت قوات الدعم السريع، شرق المدينة للاستيلاء عليها .

 ولفتت نيويورك تايمز الي أنه لم يصل إلى الفاشر سوى قدر ضئيل من الإغاثة الإنسانية – حوالي 22 شاحنة لمدينة يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة – في الأشهر الثلاثة الماضية. 

 وقالت ” وحتى قبل هذه المعركة، كان نحو 500 ألف شخص يعيشون في مخيمات النزوح داخل المدينة وما حولها، وبعضها منذ عقود ، والآن تهدد المجاعة ويغرق المخيمان في الشمال في القتال. 

طفل يموت من الجوع كل ساعتين

 وكشفت الصحيفة عن أنه في مخيم زمزم جنوب المدينة، يموت طفل من الجوع كل ساعتين، حسبما قالت منظمة أطباء بلا حدود 

و قامت صحيفة التايمز بتحليل مقاطع فيديو وصور الأقمار الصناعية للفاشر، إلى جانب تحليل الصور من مختبر ييل للأبحاث الإنسانية ومشروع شاهد السودان في مركز مرونة المعلومات، وهي منظمة غير ربحية توثق جرائم الحرب المحتملة ، وتظهر الأدلة أن آلاف المنازل قد دمرت بشكل منهجي، وأن عشرات الآلاف من الأشخاص اضطروا إلى الفرار.  

وقالت ” وتُظهر مقاطع الفيديو المعاملة المهينة للأسرى ووجود قائد كبير في قوات الدعم السريع تم استهدافه مؤخرًا بالعقوبات الأمريكية لدوره في الفظائع ضد المدنيين ، مشيره إلي أنه في 8 يونيو ، أُجبر مستشفى كبير تديره منظمة أطباء بلا حدود على الإغلاق بعد أن اقتحمت قوات الدعم السريع المجمع، وأطلقوا النار من أسلحتهم ونهبوا المعدات، بما في ذلك سيارة إسعاف.  

أصوات الحيوانات

 وقالت نيويورك تايمز ” وتظهر مقاطع الفيديو المنشورة في الأسابيع الأخيرة أن قوات الدعم السريع يقومون بجمع الأشخاص واستجوابهم. وقد تعرض بعضهم للجلد وأجبروا على إصدار أصوات الحيوانات ، مضيفة ” ويظهر مقطع آخرهم وهم يجعلون الرجال الراكعين يصدرون أصوات الحيوانات.

 واوضحت نيويورك تايمز أنه مع انتشار العنف، يقول عمال الإغاثة إن المدنيين يفرون غرباً وإلى أجزاء أخرى من دارفور، وقد سار أولئك المتجهون شرقاً لمسافة تصل إلى 180 ميلاً بحثاً عن الأمان، وغالباً في درجات حرارة تصل إلى أكثر من 120 درجة فهرنهايت ، ويقول عدد متزايد من النساء إنهن تعرضن للاعتداء الجنسي أثناء الرحلة.

وقال طبيب يعمل في منظمة كير الإنسانية في شرق دارفور إن مشاهدة الوافدين أمر “يفطر القلب حقاً”.   

 “حافة” المذبحة

 ويقول الخبراء إن حصار الفاشر يحمل أصداء مقلقة لتكتيكات قوات الدعم السريع في أماكن أخرى من دارفور، حيث كانت الهجمات مصحوبة بمذابح عرقية ، ففي الخريف الماضي، عندما استولى المقاتلون على مدينة الجنينة، بالقرب من حدود السودان مع تشاد، قُتل ما يصل إلى 15 ألف شخص في غضون أيام، حسبما وجد محققو الأمم المتحدة ، والآن يخشى سكان الفاشر تكرار ذلك حيث تظهر صور الأقمار الصناعية هذه الدمار الذي لحق بمدينة الجنينة بعد هجوم قوات الدعم السريع على المدينة في أكتوبر ، ودمرت أحياء بأكملها، على غرار الدمار الذي حدث في أجزاء من جنوب وشرق الفاشر في الأشهر الأخيرة.

وأكدت نيويورك تايمز أن معظم الضحايا في الجنينة ينحدرون من مجموعات عرقية أفريقية كانت مستهدفة منذ فترة طويلة من قبل قوات الدعم السريع التي يهيمن عليها العرب ، مشيره إلي أن التوترات العرقية الطويلة الأمد هي السبب وراء أعمال العنف في دارفور لعقود من الزمن ، كما نفذت قوات الجنجويد التي يهيمن عليها العرب حملة إبادة جماعية ضد الأفارقة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن قوات الدعم السريع تستهدفهم الآن، مع تحذيرات دولية من احتمال حدوث إبادة جماعية مرة أخرى.

الفاشر علي شفا مذبحة

 ولفتت نيويورك تايمز أنه في إبريل الماضي حذرت ليندا توماس جرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، من أن الفاشر “على شفا مذبحة واسعة النطاق”.

 وأكدت نيويورك تايمز أن الفاشر ليست مجرد مدينة تحت الحصار ، فهي أيضًا مركز لمساعدات الإغاثة في منطقة تتجه نحو المجاعة ، مشيره إلي أن  الأمم المتحدة تقول إن 1.7 مليون شخص يعانون من المجاعة في دارفور بالفعل. والآن، تمتد عواقب الحرب إلى جميع أنحاء المنطقة، التي تعادل مساحة إسبانيا.

 ونوهت إلي أن  عمال الإغاثة يؤكدون أن الغذاء والدواء ينفدان في شرق دارفور، حيث فر عشرات الآلاف من القتال، بسبب قطع طريق الإمدادات عبر الفاشر،  وفي وسط دارفور، تضاعفت أسعار بعض المواد الغذائية بعد أن لم يعد التجار التجاريون قادرين على العمل، وفقاً لمنظمة الإغاثة الإسلامية، وهي منظمة إغاثة تعمل هناك.

 وقالت نيويورك تايمز ” وتتفاقم الأزمة بسبب النقص الحاد في الأموال، وأصدرت الأمم المتحدة نداء عاجلا لجمع 2.7 مليار دولار ، وقد حصلت على أقل من خمس ذلك.

 ونوهت الصحيفة الي أن العديد من قادة الدعم السريع متهمين بارتكاب جرائم ، مشيره إلي انضمام قادة الدعم السريع الذين قادوا العمليات العسكرية في أماكن أخرى من السودان إلى القتال في الفاشر، لافته إلي أنه وفقًا لمقاطع الفيديو التي تم التحقق منها بواسطة التايمز ومشروع السودان الشاهد ،ظهر بعض القادة ومن بينهم علي يعقوب جبريل، قائد ولاية وسط دارفور، الذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات في مايو لدوره في الجرائم التي تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين ، وقُتل في 14 يونيو ، وفقا للجيش السوداني.

وأكدت نيويورك تايمز ظهور علي يعقوب جبريل (يسار) والزير سالم (يمين)، أحد القيادات البارزة الأخرى في قوات الدعم السريع ، في مقطعي فيديو من الفاشر تم نشرهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

 وأعتبرت نيويورك تايمز أن حضور قيادات بارزة في الدعم السريع يدل على أهمية الفاشر بالنسبة لقوات الدعم السريع.  

وقال ماثيو جيليت، المحاضر البارز في جامعة إسيكس والذي عمل سابقًا في المحاكم الجنائية الدولية، إن ذلك قد يؤكد أيضًا مسؤوليتهم عن الفظائع التي ارتكبت .

 وأضاف “يمكن أن تصبح مقاطع الفيديو الواردة من الفاشر دليلاً حاسماً في المحاكمات المستقبلية على الجرائم المرتكبة في دارفور”.

 

اقرأ المزيد 

السودان : الجيش يتصدي لهجوم الدعم السريع علي الفاشر .. و « أطباء بلا حدود » تكشف عن حصيلة القتلى في المدينة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »