« الجزائر بلد سيد ولا تحتاج إلي إملاءات » .. أول رد جزائري رسمي علي الاتهامات الأوروبية
” الجزائر بلد سيد ولا تحتاج إلي إملاءات ” هكذا كان أول رد جزائري رسمي علي الاتهامات الأوروبية للجزائر بفرض قيود منذ 2021 على صادرات الاتحاد الأوروبي واستثماراته على أراضيها ، حيث أكد وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري الطيب زيتوني أن الجزائر لم توقف الاستيراد, بل اعتمدت مبدأ ترشيد وارداتها بالموازاة مع التطور الذي يشهده الانتاج الوطني .
وقال الوزير الجزائري في حوار مع التلفزيون الجزائري العمومي على هامش افتتاح النسخة الـ55 لمعرض الجزائر الدولي التي تتواصل فعالياتها إلى 29 يونيو الجاري, بمشاركة نحو 700 عارض جزائري و أجنبي, ” إن الجزائر لم تغلق باب الاستيراد فما ننتجه لا نستورده.
وأضاف “أما المنتجات التي لا ننتجها نقوم باستيرادها والدليل أن وارداتنا تبلغ سنويا 45 مليار دولار منها أزيد من 22 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي”, مشددا على أن “الجزائر قامت بترشيد الاستيراد و لم تقم بغلق الاستيراد الذي يعد أمرا غير معقول”.
وفي إشارته الى الاكتفاء الذاتي الذي حققته الجزائر في القمح هذه السنة, أوضح أنه سيمكن البلاد من توفير 1,2 مليار دولار ما يعني تقليص فاتورة استيراد هذه المادة, وأن ذلك لا يمكن أن يوصف بأنه منع للاستيراد.
وتابع الوزير زيتوني بقوله ” أن ”الجزائر بلد سيد, وليس له مديونية خارجية ولا تحتاج الى املاءات ، لدينا شركاء نتعامل معهم سواء الدول التي لها لنا معها شراكات ثنائية أو الاتحاد الأوروبي أو الفضاءات الاقتصادية التي ننتمي إليها في القارة الافريقية أو الدول العربية”.
ولفت في ذات المنحى إلى تأكيد رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون, بأن الجزائر دولة تنتمي إلى العالم وليست في قرية معزولة وأن هناك إرادة شعبية و إرادة مؤسسات وطنية لتطوير الانتاج الوطني.
وأضاف الوزير أن سياسة ترشيد الاستيراد وحماية الانتاج المحلي ليست سياسة جزائرية بل يتم العمل بها عبر كافة دول العالم, على غرار أمريكا و الصين و الفضاءات الاقتصادية كالاتحاد الأوروبي.
اجراءات أوروبية بحق الجزائر
كانت المفوضية الأوروبية أعلنت في بيان أن “الاتحاد الأوروبي أطلق إجراء لتسوية الخلافات بحق الجزائر ، مشيره إلي أن الهدف هو بدء حوار بناء بهدف رفع القيود في عدة قطاعات من المنتجات الزراعية إلى السيارات”.
ونددت مفوضية الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص بـ”نظام لتراخيص الاستيراد توازي مفاعيله حظر استيراد، ومساعدات مشروطة باستخدام قطع مصنّعة محليّة لمصنعي السيارات، وفرض سقف للمشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة للمنتجات إلى الجزائر”.
وأكد البيان أنه “نظرا للجهود التي لم تفضي إلى حلّ وديّ للمسألة، اتخذ الاتحاد الأوروبي هذه المبادرة للحفاظ على حقوق الشركات والمصدرين الأوروبيين العاملين في الجزائر والمتضررين منها ، كما تضر التدابير الجزائرية بالمستهلكين الجزائريين بسبب حصر خيار المنتوجات المتاح من دون مسوّغ”.
ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية يعتبر الاتحاد الأوروبي أن القيود المفروضة تنتهك التزامات الجزائر بموجب اتفاقية الشراكة بين الطرفين.
وتم التوقيع على هذه الاتفاقية في العام 2002 ودخلت حيز التنفيذ في العام 2005.
وتضع الاتفاقية إطارا للتعاون في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة ،والإجراء الذي تم الإعلان عنه الجمعة منصوص عليه في الاتفاقية ، مشيره إلي أنه في حال عدم التوصل إلى حل، يحق للاتحاد الأوروبي أن يطلب إنشاء لجنة تحكيم ، وتضمن جميع الاتفاقيات التجارية للاتحاد الأوروبي آلية لتسوية النزاعات.
لا استثمارات أوروبية ولا نقل للتكنولوجيا
من جانبه أكد البروفيسور مراد كواشي الخبير الاقتصادي الجزائري والأستاذ الجامعي أن اتفاق الشراكة الذي تم توقيعه بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في العام ٢٠٠٢ ودخل حيز التنفيذ العام ٢٠٠٥ تم الاتفاق بموجبه علي أن تقدم الجزائر تسهيلات للواردات الأوروبية مقابل قيام الاتحاد الأوروبي بضخ استثمارات في قطاعات عديدة في الجزائر وايضا نقل التكنولوجيا ، واستطرد قائلا ” لكن رغم مرور ما يقرب من ال ٢٠ عاما من تطبيق هذا الاتفاق لم نجد لا استثمارات أوروبية ولا نقل للتكنولوجيا ، بل وجدنا العكس من ذلك الخزينة العمومية الجزائرية تخسر سنويا ملايين الدولارات نتيجة الإعفاءات الجمركية والضريبية التي تقدمها الجزائر للسلع الأوروبية.
وأشار الخبير الاقتصادي الجزائري في تصريحات ل ” أفرو نيوز 24 ” إلي أن السلطات في الجزائر باشرت منذ حوالي ٣ سنوات إجراءات هي في حقيقة الأمر لا تستهدف السلع الأوروبية في في حد ذاتها بل من أجل ترشيد عملية الاستيراد ، لافتا إلي أن الجزائر كانت تستورد ما هو ضروري وغير الضروري ، لكن بعد أزمة وباء كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية وما نتج عنهما من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية ، وضعت الجزائر العديد من الإجراءات لترشيد عملية الاستيراد.
وكشف البروفيسور مراد كواشي عن أن فاتورة الاستيراد في الجزائر انخفضت من 60 مليار دولار امريكي إلي ما يناهز ال 40 مليار دولار.
وقال الخبير الاقتصادي الجزائري ” اعتقد أن ما يقوم به الاتحاد الأوروبي مجرد أكاذيب فمن المفترض كما ذكرت سابقا أن اتفاق الشراكة كان مبنيا علي أساس التعاون المشترك وضخ استثمارات أوروبية في الجزائر ونقل التكنولوجيا ولكم لم يحدث شئ.
واضاف ” عل الجانب الأوروبي أن يراجع نفسه ، الجزائر اصبحب الآن في أريحية مالية وموقف تفاوضي قوي .
وأكد البروفيسور مراد كواشي أن العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وبعض الدول الأوروبية شهدت تراجعا ، مشيرا الي أن هذا التراجع لصالح الصين التي أصبحت أكبر شريك تجاري للجزائر.
وقال ” ولكن أعتقد أن الجزائر تربطها علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي ، فهي ثاني أكبر مورد للطاقة لدول الاتحاد بعد النرويج ، مضيفا ” بالتالي حان الوقت لإعادة النظر في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بالشكل الذي يخدم مصالح الطرفين وليس طرف واحد .
جدير بالذكر أن القيمة الإجمالية لصادرات الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر تراجعت بشكل مطّرد خلال السنوات الماضية فانخفضت من 22,3 مليار يورو في العام 2015 إلى 14,9 مليار يورو في العام 2023، بحسب الأرقام التي أعلنتها المفوضية الأوروبية.
اقرأ المزيد :