انتخابات فرنسا .. سيناريوهات مستقبل العلاقات الفرنسية الأفريقية
قبل أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية في فرنسا لانتخاب الأعضاء الجدد في ” الجمعية الوطنية ” وهي الانتخابات المقررة على دورتين في 30 يونيو و7 يوليو، والتي يتوقع أن تشهد منافسة ساخنة بين اليمين الفرنسي المنتشي بفوز كبير في انتخابات البرلمان الأوروبي ، ومعسكر الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون ، ورغم سيطرة القضايا الداخلية في فرنسا علي برامج المرشحين ، إلا أن ملف مستقبل العلاقات الفرنسية الأفريقية حاضرا بقوة في تلك الانتخابات .
” أفرو نيوز 24 ” يطرح التساؤلات بشأن تداعيات الانتخابات العامة في فرنسا علي العلاقات الفرنسية الأفريقية ..و مستقبل العلاقات الأفريقية الفرنسية حال تحقيق اليمين المتطرف الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة الفرنسية ؟
الضربات الموجعة
في البداية يؤكد الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن فشل في سياسات الرئيس الفرنسي ماكرون في أفريقيا والضربات الموجعة التي أصابت العلاقات الفرنسية الأفريقية ضمن منظومة الفشل الاقتصادي وموقف ماكرون من الحرب الروسية الأوكرانية والحالة الاقتصادية الصعبة في الداخل الفرنسي ، كل هذه الانتكاسات تسببت في فقدان ثقة المواطن الفرنسي في سياسات ماكرون ونظامه .
وأشار الدكتور محمد شريف جاكو إلي أن فرنسا تعرضت لانتقادات أوروبية لاذعة بسبب موقفها من التطورات الداخلية في تشاد ودورها في إنجمينا الذي ادي لاحقا الي طرد فرنسا من الدول الأفريقية الثلاث ” مالي والنيجر وبوركينا فاسو” .
وأكد الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن فشل سياسات ماكرون في تشاد والدول الأفريقية أعطي ثقة لليمين المتطرف وأن يقدم نفسة بديلا سياسيا للشعب الفرنسي والأوروبي أيضا .
الضوء الأخضر والكارت الرابح
واعتبر الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن فشل سياسات الرئيس الفرنسي ماكرون في أفريقيا منح اليمين المتطرف الضوء الأخضر والكارت الرابح ، مشيرا إلى أنه يضاف الي ذلك القطيعة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة كل ذلك أعطي فرصة ذهبية اليمين الفرنسي للعزف علي وتر فشل سياسات ماكرون في أفريقيا.
وذكر جاكو أن فشل نظام ماكرون في أفريقيا لم يتوقف عند الفشل السياسي فقط ، وانما تسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الفرنسي حيث خسرت فرنسا موارد طبيعية كانت تحصل عليها من أفريقيا بشكل شبه مجاني مثل اليورانيوم والذهب الذي تمتلك فيه فرنسا احتياطات تجعلها ثالث دولة في العالم لديها احتياطيات من الذهب رغم أنها لا تمتلك أية مناجم للذهب ، وقال ” بالتأكيد كانت تحصل عليه من أفريقيا” .
وأشار الدكتور محمد شريف جاكو إلي أن القطيعة بين فرنسا وأفريقيا خاصة الدول الفرانكفونية ” دول الساحل تحديدا ” كانت ورقة رابحة في يد اليمين المتطرف سواء علي مستوي البرلمان الأوروبي وربما يتم استغلالها في الانتخابات البرلمانية الفرنسية ، لافتا إلي أن هذه القطيعة تسببت في أزمة اقتصادية ورفع أسعار البترول والطاقة ، فباريس التي كانت تسمي عاصمة النور أصبحت فرنسا مضطرة لإطفاء الكهرباء بها لترشيد الاستهلاك نتيجة لفقدان مناجم كثيرة في أفريقيا من اليورانيوم .
سيناريوهات المستقبل
وفيما يتعلق بسيناريوهات العلاقات الفرنسية الأفريقية حصول اليمين الفرنسي علي الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة الفرنسية القادمة ، أوضح الدكتور محمد شريف جاكو أن هناك عدة رؤي أفريقية في هذا الشأن ، مشيرا إلي أن الرأي الأول يعتبر أن فرنسا دائما في خطابها الموجه نحو أفريقيا يستخدم لغة ناعمة دون أفعال .
واستطرد قائلا ” لكن الأفارقة اليوم يؤكدون أنهم لا يحتاجون لخطب رنانة وانما يجب أن يترافق معها افعالا وسياسات حقيقية تؤسس لشراكات متساوية مع افريقيا .
ونوه الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن كثير من الأفارقة يرون أن اليمين الفرنسي المتطرف يرفع شعار ” فرنسا أولا ” لذلك عن الأكثر تفهما للمصالح الفرنسية في افريقيا ، طالما أنهم لا يسعون لتحقيق تلك المصالح علي حساب الآخرين ، وأنهم يجب أن يتفهموا أن تحقيق تلك الأهداف لن يتحقق بدون اعطاء قدر كبير من حقوق الأفارقة .
وقال ” هذا التيار يري أن اليمين المتطرف عمليا بشكل أكبر من ماكرون وحزبة ومن قبله ساركوزي .
وقال ” لذلك كثير من الأفارقة يرون أن اليمين الفرنسي المتطرف يمكن التفاهم معه من أحل تحقيق المصالح المشتركة.
التعالي والشوفينية
والتيار الآخر من وجهة نظر الدكتور محمد شريف جاكو يري أن اليمين المتطرف تاريخيا فيه نسبة من التعالي والشوفينية وهذا نابعا من العهد الاستعماري في أفريقيا ، لذلك يصعب التفاهم معهم خاصة من جانب الجيل الأفريقي الجديد الذي يري في اليمين المتطرف إرثا من التاريخ الاستعماري ، منوها إلي أن مواقف اليمين من بعض القضايا خاصة الهجرة غير الشرعية والتضييق علي المهاجرين الأفارقة في فرنسا أدي الي موقف شعبي أفريقي ضد السياسات المستقبلية لليمين المتطرف خاصة في ظل تواجد كبير للجاليات الأفريقية في فرنسا .
وقال ” حال حدوث مضايقات لتلك الجاليات ستكون هناك بالضرورة ردود فعل سلبية سياسات ومواقف ضد الوجود الفرنسي في قارة أفريقيا
لا تأثير
واستبعد الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية أن تؤثر الانتخابات البرلمانية في فرنسا بشكل مباشر علي مستقبل العلاقات الأفريقية الفرنسية ، مشيرا في هذا الصدد الي أن ملف العلاقات الخارجية في فرنسا من اختصاص رئيس الدولة .
وقال تورشين ل ” أفرو نيوز 24 ” : ” في الوقت الراهن هذه الانتخابات تركز علي القضايا الداخلية في فرنسا خاصة قضايا التعليم والصحة والمعيشة ، إضافة إلي مسألة الحضور الأوروبي فيما يتعلق بدعم أوكرانيا ضد روسيا .
واضاف ” بأي حال من الأحوال لا أعتقد أن الانتخابات الفرنسية ستلقي بظلالها علي مستقبل العلاقات الفرنسية الأفريقية .. لكن في تقديري المحددات والتحركات الأفريقية التي تحدث هنا وهناك أكثر تأثيرا علي مستقبل العلاقات .
وتابع ” مازالت هناك دولا إفريقية ترفض التعاطي مع فرنسا كدول الساحل الإفريقي ” النيجر ومالي وبوركينا فاسو ” التي أسست تحالفا جديدا الذي ربما يستقطب بعض الدول كغينيا كوناكري .
أكثر تعقيدا
ويري الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية أن صعود اليمين المتطرف في فرنسا وحال تشكيله حكومة ذات أغلبية برلمانية , معناه بشكل أو بآخر سيجعل الكثير من السياسات الفرنسية خاصة تلك المتعلقة بالتعاون مع الدول الأفريقية ستكون أكثر تعقيداً ، الأمر الذي سيسهم بشكل مباشر في إعادة النظر في مستقبل العلاقات الفرنسية الأفريقية.
وقال الدكتور محمد تورشين ” الأمر المهم الآخر في تقديري أن هذه العلاقات إذا توترت ربما يدفع هذا الكثير من الدول الأفريقية لأن تقدم علي خطوات أكثر تشددا فيما يتعلق بإعادة النظر في العلاقات الفرنسية الأفريقية ، لاسيما أن هناك مسرح للتجاذب والصراعات بين الغرب ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا من جهة ، وفي الاتجاه الآخر روسيا والصين حاضرتان إضافة إلي بعض الدول الإقليمية الأخري .
وأعاد الدكتور محمد تورشين التأكيد علي أن المسألة معقدة وستعمد كثير من الدول إلي إعادة النظر في العلاقات الفرنسية الأفريقية إذا وصل اليمين المتطرف الي الاغلبية البرلمانية وشكل الحكومة الفرنسية القادمة ، مشيرا إلي أن سياسات اليمين المتطرف تتعارض مع كثير من التوجهات لدي الدول الأفريقية.
واستطرد قائلا ” لذا أعتقد أن صعود اليمين الفرنسي المتطرف سيسهم بشكل أو بآخر في تراجع الحضور الفرنسي في أفريقيا .
اقرأ المزيد
«لاستعادة نفوذها المفقود » .. هل تقليص فرنسا لعدد قواتها في وسط وغرب أفريقيا كافيا ؟
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.