أخبار عاجلةاخبار افريقياوسط افريقيا

بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

قبل انتهاء مدة ولايته الرئاسية بأسابيع قليلة قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة تاريخية إلي أنجولا في الفترة من 2 إلى 4 ديسمبر 2024 والتي تعد أول زيارة رسمية لرئيس أمريكي أثناء فترة ولايته إلى قارة إفريقيا منذ زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق  باراك أوباما لكلا من كينيا ” أرض أجدادة ” وإثيوبيا في أواخر شهور حكمة , حيث غابت الزيارات الأمريكية الرئاسية لدول القارة الإفريقية طوال مدة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في ولايتة الرئاسية الأولي ” 20 يناير 2017 – 20 يناير 2021 ” , وعلي مدي حوالي 4 سنوات لم يقم الرئيس الأمريكي بايدن بزيارة للقارة الإفريقية .

وتطرح زيارة بايدن لأنجولا التساؤل حول مغزي تلك الزيارة خاصة وأنها تأتي في  وقت يشهد فيه تغيّرًا في القيادة الأمريكية، حيث تستعد الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتولي السلطة في 20 يناير المقبل 2025 , كما تطرح التساؤل حول لماذا أنجولا , وهو ما فسرته الكثير من التقارير الإعلامية بأن  أنجولا تعد بلدًا استراتيجيًا يمتلك أكبر فائض تجاري بالدولار الأمريكي في القارة الإفريقية.

وسبق أن أعلنت الإدارة الأمريكية أن الرئيس بايدن سيقوم بزيارة أنجولا في أكتوبر الماضي , إلا أن الزيارة تأجلت بسبب تداعيات إعصار ” ميلتون ” الذي ضرب ولاية فلوريدا .

تبني علي قمة الولايات المتحدة – أفريقيا

Gd N7UTWMAAW8xV scaled بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

وفي تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط ذكرت فيه أن زيارة بايدن لأنجولا تبني على قمة الولايات المتحدة وإفريقيا التي عقدت في ديسمبر 2022، وعلى زيارة الرئيس الأنجولي جواو لورينسو إلى واشنطن في نوفمبر 2023.

ورغم أن اختيار أنجولا كوجهة قد تلدو غير معتادة نظرًا للعلاقات التجارية المتواضعة بين البلدين، إلا أنها تحظى بأهمية استراتيجية، ففي عام 2023، كان الشريك التجاري الأول لأنجولا هو الصين التي استوردت ما يزيد عن 18 مليار دولار من السلع الأنجولية، معظمها من النفط الخام، وفقًا لمركز التجارة الدولية، في المقابل سجلت الولايات المتحدة عجزًا تجاريًا بقيمة 610 ملايين دولار مع أنغولا في نفس العام.

مواجهة النفوذ الصيني

GeDu4x0WEAANy5T scaled بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

وعند الإعلان الأول عن الزيارة اعتبرها البعض محاولة من إدارة بايدن لمواجهة النفوذ الصيني في إفريقيا، لا سيما خلال عام انتخابي ساخن لادارته، لكن مع التغيرات السياسية، حيث قرر بايدن عدم الترشح للانتخابات، وخسرت نائبته كامالا هاريس السباق الرئاسي أمام دونالد ترامب من غير المتوقع أن تسفر الزيارة عن اتفاقيات تجارية طويلة الأمد.

من الناحية الاقتصادية، تتمتع أنجولا بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة بفضل قربها من زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهما دولتان غنيتان باحتياطيات النحاس الضرورية للاقتصاد الأخضر العالمي، وقد وقّعت الولايات المتحدة بالفعل اتفاقيات مع هاتين الدولتين لدعم قطاع التعدين فيهما.

كما تعزز أنجولا دورها المهم في القارة الإفريقية من خلال مشروع ممر “لوبيتو” وهو مشروع بنية تحتية رئيسي يربط حزام النحاس في زامبيا والكونغو الديمقراطية بميناء لوبيتو في أنجولا وحصل المشروع على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار من مؤسسات تمويل التنمية الإفريقية، إلى جانب شركاء أوروبيين وأمريكيين ويهدف إلى تسهيل تصدير المعادن، وتعزيز سلاسل القيمة الزراعية، وربط وسط إفريقيا بالأسواق الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا.

ويحظى مشروع “لوبيتو” بدعم كبير من جانب الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، ومن غير المرجح أن تعطل إدارة ترامب القادمة الالتزامات المالية الأمريكية تجاهه، بالإضافة إلى ذلك، تعد أنجولا الاقتصاد الإفريقي الأول من حيث الفائض التجاري، حيث حققت فائضًا بقيمة 25.7 مليار دولار في عام 2023، متجاوزة الجزائر التي سجلت 17.2 مليار دولار، كما تلعب أنجولا دورًا دبلوماسيًا مهمًا في جهود تحقيق الاستقرار في العلاقات بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، وهما شريكان أساسيان للولايات المتحدة في إفريقيا.

مليار دولار لمساعدة اللاجئين والنازحينGd N8t1XYAAJwR9 scaled بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

 

وخلال فعاليات الزيارة أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن تقديم مليار دولار لمساعدة اللاجئين والنازحين جراء الجفاف أو النزاعات في دول إفريقيا جنوب الصحراء،.

وذكرت صحيفة “20 مينوت” الإخبارية الفرنسية /الأربعاء/ أن هذه التصريحات جاءت خلال زيارة الرئيس بايدن لأنجولا والتي تركزت على مشروع كبير للبنية التحتية يهدف إلى “تأكيد طموحات واشنطن ضد بكين في القارة” بحسب الصحيفة.

وأضافت “20 مينوت” أن رئيس أنجولا “جواو لورنسو” استقبل بايدن وذلك قبل أسابيع قليلة من تسليم السلطة إلى خليفته “دونالد ترامب” في البيت الأبيض.

وخلال زيارة لمتحف العبودية الوطني في لواندا، أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة “تدعم إفريقيا بالكامل” وذلك قبل الإعلان عن هذه المساعدات الجديدة التي تزيد قيمتها عن مليار دولار موزعة على 31 دولة ومخصصة “للأفارقة الذين نزحوا بسبب موجات الجفاف التاريخية”.

ووصف الرئيس بايدن تجارة الرقيق بأنها “الخطيئة الأصلية” التي “طاردت” الولايات المتحدة. وفي القرن التاسع عشر، قامت أنجولا بتوريد أعداد كبيرة من العبيد إلى الأمريكتين في تجارة الرقيق.

وتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال اجتماعه مع نظيره الأنجولي في العاصمة لواندا، باستمرار التعاون بين واشنطن وافريقيا  , مشيرا في تصريحات له – حسبما نقلت قناة (الحرة) الأمريكية – إلى أن الولايات المتحدة لديها التزام كامل تجاه إفريقيا ، مؤكدا على أهمية التفاعل بين الجانبين بناءً على شروط إفريقيا.

ممر لوبيتو

Gd N8QsWAAAAZp8 scaled بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

وخلال فعاليات الزيارة توجه الرئيس الأمريكي بايدن إلى مدينة /لوبيتو/ الساحلية الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوب العاصمة لواندا للقاء زعماء الدول المعنية بهذا “الممر” الشهير المخصص لنقل المواد الخام الاستراتيجية مثل النحاس والكوبالت إلى المدينة الساحلية.

ويعد “ممر لوبيتو” مشروعًا ضخمًا للسكك الحديدية التي تربط زامبيا والكونغو وأنغولا، وهو استثمار “ضخم وطموح للغاية”، يرمز لرئاسة بايدن في إفريقيا.

و قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض “جون كيربي” إن المشروع “ثورة حقيقية لالتزام الولايات المتحدة في إفريقيا”, معربًا عن أمله في “أن يفهم الفريق المستقبلي كيف سيسهم ذلك في تعزيز الأمن والازدهار والاستقرار الاقتصادي للقارة”.

وتم تصميم “ممر لوبيتو”، الذي يدعمه أيضا الاتحاد الأوروبي، ليكون بمثابة عرض للطموحات الأمريكية في إفريقيا، والتي تم إهمالها في السنوات الأخيرة من قبل القوة العالمية الرائدة، بينما تستثمر الصين بكثافة هناك.

تاريخ العبودية

Gd5WieqXAAEPYm1 بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا

وألقت صحيفة /واشنطن بوست/ الأمريكية الضوء على الجولة الرئاسية الأولى والوحيدة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن في أفريقيا التي ندد خلالها بتاريخ العبودية وحث على تشجيع الاستثمار الأمريكي في القارة.

وذكرت الصحيفة، في تقرير لها أن بايدن استغل رحلته الرئاسية الوحيدة إلى أفريقيا للإشارة بالتاريخ المأساوي لتجارة العبيد، وحث الولايات المتحدة وأفريقيا على توسيع العلاقة المبنية على الاستثمار والمساواة دون إغفال الماضي الذي غالبا ما اتصف بالقسوة والاستعباد.

غير أن الصحيفة رأت أن أهم ظهور للرئيس الأمريكي كان خطابه العاطفي في المتحف الوطني للعبودية في أنجولا، حيث روى “القسوة التي لا يمكن تصورها” لتجارة العبيد والتاريخ الوحشي للعبودية في أمريكا. كما تحدث عن الحرب الأهلية الأمريكية، والنضال ضد الفصل العنصري و”الحسابات التي لم تنته بعد للظلم العنصري في بلدي اليوم”.

وقالت واشنطن بوست”  إن التعليقات العاطفية شكلت الخلفية لتأكيد بايدن أهمية الاستثمار في أفريقيا، وهو الأمر الذي أصبح ملحا مجددا مع تحول المعادن مثل النحاس والكوبالت إلى عنصر أساسي في الاقتصاد عالي التقنية وتورط أمريكا بشكل متزايد في معركة اقتصادية وجيوسياسية مع الصين.

ومع ذلك، لم تكن أفريقيا على رأس أولويات بايدن، إذ طغت على سياسته الخارجية الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وسيتعين على بايدن قريبا التنحي جانبا لصالح الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي شكك في التحالفات والصفقات التجارية الأمريكية طويلة الأمد، مما دفع البعض إلى القلق من أن الدعم الأمريكي لممر لوبيتو الاقتصادي في أنجولا والمشاريع الأخرى قد يتقلص ​​عندما يتولى ترامب منصبه، بحسب الصحيفة.

وأشارت الواشنطن بوست إلى وجود مزاعم من مساعدي بايدن أنه كان مؤيدا قويا لأفريقيا، فقد حث على التمثيل الأفريقي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعقد قمة زعماء أفارقة في واشنطن في عام 2022، واستضاف عشاء دولة للرئيس الكيني ويليام روتو وأشرف على مليارات الدولارات من المساعدات للقارة.

وقد أعلن بايدن خلال زيارته الحالية لنجولا عن أكثر من مليار دولار من المساعدات الأمريكية للأفارقة النازحين بسبب الجفاف وانعدام الأمن الغذائي.

ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن الصين، التي بنت أو مولت العديد من المشاريع في أفريقيا من خلال مبادرة الحزام والطريق، حظيت بأسبقية كبيرة.

وقالت الصحيفة إن أنجولا، على سبيل المثال، هي أكبر متلق للقروض الصينية في أفريقيا، إذ قدمت بكين أكثر من 42 مليار دولار في التزامات القروض للدولة الافريقية على مدار السنوات العشرين الماضية. وتدين لواندا للدائنين الصينيين بنحو 40 في المائة من ديونها الخارجية، ومعظمها مضمون باحتياطيات النفط في أنجولا، مما يجعل أنجولا عرضة بشكل كبير لتقلبات أسعار النفط.

كما زادت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من تدفق مساعداتها الأمنية إلى أنجولا حيث أنفقت ما يقرب من 17 مليون دولار منذ عام 2020 على التدريب وغير ذلك من المساعدات للجيش الأنجولي.

وفي حين أن هذه هي أول رحلة لبايدن إلى أفريقيا، فقد زارت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس القارة في مارس 2023، وتوقفت في غانا وتنزانيا وزامبيا.

كما افتخر بايدن بطريقته الخاصة بعلاقته مع مجتمعات السود، وغالبا ما يشير إلى أنه شغل منصب نائب الرئيس لأول رئيس أسود، وأنه اختار هاريس كأول امرأة ملونة لمنصب نائب الرئيس.

أن تأتي متأخرا

download 2 1 بايدن في أنجولا .. زيارة في الوقت الضائع لإفريقيا
الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين

وفي رده علي سؤال حول ما إذا كانت زيارة بايدن لأنجولا متأخرة , يؤكد الصحفي والخبير في الشؤون الإفريقية محمد تورشين لـ” أفرو نيوز 24  ” أن الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي في نهاية ولايته الرئاسية إلى أنجولا تأتي بشكل أو بآخر في إطار المحاولة التي تسعي الولايات المتحدة الامريكية لتعويض غيابها عن المشهد الافريكي , لا سيما أن الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا ظلت غائبة لفترات طويلة في في ظل وجود منافسين آخرين إقليميين ودوليين اقوياء وفي ظل وجود الصين التي حاضرة اقتصاديا .

وقال الدكتور محمد تورشين ” إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى بشكل أو بآخر في نهاية حقبة أيضا للتوصل إل تفاهمات مع بعض الدول الافريقية وعلى رأسهم أنجولا , حيث تعد لواندا مهمة جدا في اطار المشروع الامريكي الكبير المرتبط باستخراج المعادن النفيسة في الكونجو فبالتالي من هنا تأتي أهمية أنجولا.

وأشار الصحفي والخبير في الشؤون الإفريقي إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية تصنف أنجولا من الديمقراطيات الراسخة في القارة الإفريقية بالرغم من أن هنالك بعض التحديات التي تواجهها ومن هنا وهناك في ظل التقارير الأممية التي تتحدث عن تراجع أوضاع حقوق الإنسان في أنجولا.

 وقال الدكتور محمد تورشين ” بلا شك هذه الزيارة جاءت متأخرة شيئا ما لكن اعتقد بأن ان تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي , مضيفا :” وأعتقد أنها جاءت أيضا في ظل إهمال في الفترة الأولى لرئاسة الرئيس السابق الرئيس دونالد ترامب.

 وتوقع تورشين أنه في عهد ترامب سيكون هنالك إهمال أو تجاهل بشكل أو بآخر للمصالح الأمريكية للقارة الإفريقية , مما يفتح المجال واسعا أمام القوى الأخرى سواء كان القوة الاقتصادية الأكبر الصين أو القوة العسكرية الأكبر روسيا وفي ‘طار ذلك هنالك عدد من القوى الإقليمية كتركيا وكإيران وفضلا عن ذلك بعض الدول الخليجية.

وشدد الدكتور محمد تورشين علي أن زيارة الرئيس الأمريكي بايدن لأنجولا تأتي في إطار محاولة انا اقول حثيثة أو جادة لكن في إطار محاولة خجولة لارسال رسائل لبعض القوى بإن الولايات المتحدة الأمريكية حاضرة في المعترك الأفريقي.

 

إقرأ المزيد :

أنجولا : بدء زيارة جو بايدن عقب العفو عن أبنه في انتهاكات بافريقيا

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »