الدكتور مجدي الشيمي يكتب : الدور المحوري لتحويلات العاملين بالخارج في الاقتصاد المصري
تحويلات العاملين المصريين بالخارج تمثل شريان حياة للاقتصاد المصري، حيث تساهم بشكل كبير في دعم الميزان المدفوعات، وتوفير العملة الصعبة، وتحفيز الطلب الكلي ،هذه التحويلات ليست مجرد أرقام، بل هي أموال تعود إلى الوطن لتدعم العائلات وتساهم في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تحرك عجلة الاقتصاد.
أهمية تحويلات العاملين بالخارج للاقتصاد المصري
• دعم الميزان المدفوعات: تساهم التحويلات في تقليص العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، مما يعزز استقرار الاقتصاد المصري.
• توفير العملة الصعبة: توفر التحويلات العملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع والخدمات، ودفع أقساط الديون الخارجية.
• تحفيز النمو الاقتصادي: تنعكس التحويلات على زيادة الطلب الكلي في الاقتصاد، مما يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي.
• دعم القطاع الخاص: تساهم التحويلات في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج.
• تحسين مستوى المعيشة: تستخدم الكثير من الأسر المصرية التحويلات في تلبية احتياجاتها الأساسية وتحسين مستوى معيشتها.
التطور التاريخي لتحويلات العاملين بالخارج:
شهدت تحويلات المصريين بالخارج نمواً ملحوظاً على مر السنين، مع بعض التقلبات المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية العالمية والأحداث السياسية، حيث، شهدت تطورا ملحوظا خلال الـ 5 سنوات الماضية، بحيث تمثل موردًا مهمًا للنقد الأجنبي في مصر، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم وتراجع حركة السياحة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع احجام التضخم.
يلاحظ ارتفاع تحويلات العاملين المصريين بالخارج بنسبة 1.6% خلال السنة المالية 2021/2022 لتسجل نحو 31.9 مليار دولار مقابل نحو 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020-2021، ويلاحظ أيضاً ارتفاع تحويلات العاملين المصريين بالخارج بنسبة 28.85% خلال السنة المالية 2024/2023 لتسجل نحو 20.8 مليار دولار مقابل نحو 14.8 مليار دولار خلال السنة المالية 2023-2022، ويمكن ارجاع ذلك إلي سياسة سعر صرف الجنيه المصري والقضاء على السوق الموازية اعتبارا من مارس الماضي، الأمر الذي أنهى عمليات التحويلات المالية بعيداً عن القنوات الرسمية.
العوامل المؤثرة على التحويلات:
• الأوضاع الاقتصادية في الدول المستقبلة: تؤثر الأوضاع الاقتصادية في الدول التي يعمل بها المصريون بشكل كبير على حجم التحويلات.
• السياسات الحكومية: تساهم السياسات الحكومية التي تشجع على تحويل الأموال إلى مصر في زيادة حجم التحويلات.
• تكلفة التحويل: تعتبر تكلفة تحويل الأموال عاملاً هاماً يؤثر على حجم التحويلات.
• توافر القنوات الآمنة للتحويل: تسهيل إجراءات التحويل وتوفير قنوات آمنة يساهم في زيادة حجم التحويلات.
أهمية التحويلات في القطاعات المختلفة:
• القطاع العقاري: تساهم التحويلات في تحفيز قطاع العقارات، حيث يستثمر الكثير من المصريين بالخارج أموالهم في شراء العقارات في مصر.
• القطاع الاستهلاكي: تساهم التحويلات في زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي.
• القطاع المصرفي: تساهم التحويلات في زيادة ودائع الأفراد في البنوك، مما يعزز من قدرة البنوك على تقديم القروض وتنمية الاقتصاد.
السياسات اللازمة لزيادة حجم تحويلات العاملين بالخارج في مصر
من المتوقع أن تستمر التحويلات في لعب دور حيوي في الاقتصاد المصري، خاصة مع التوقعات بزيادة أعداد المصريين العاملين بالخارج. ومع ذلك، فإن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التحويلات يتطلب اتخاذ إجراءات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
ولتعزيز حجم التحويلات المالية التي يرسلها المصريون العاملون بالخارج إلى بلادهم، يمكن اتخاذ مجموعة من السياسات المتكاملة التي تستهدف تسهيل عملية التحويل وزيادة الثقة في النظام المالي المصري.
1. تسهيل إجراءات التحويل:
• تعدد قنوات التحويل:
توفير خيارات متعددة وسهلة الاستخدام للتحويل مثل التطبيقات الذكية، وكروت الدفع المسبقة، والشراكات مع المؤسسات المالية الدولية.
• خفض التكاليف:
تخفيض الرسوم المفروضة على عمليات التحويل، سواء كانت رسومًا حكومية أو رسومًا مفروضة من قبل المؤسسات المالية.
• التسريع في معالجة التحويلات:
ضمان وصول الأموال إلى المستفيدين في أسرع وقت ممكن.
2. تحسين الخدمات المصرفية:
• توسيع شبكة الفروع:
زيادة عدد فروع البنوك في المناطق الريفية والمحافظات الأكثر اعتمادًا على التحويلات.
• تطوير الخدمات المصرفية الرقمية:
توفير خدمات مصرفية رقمية متكاملة تسمح بالتحويلات الفورية والدفع الإلكتروني.
• تقديم حوافز للعملاء:
تقديم حوافز للعملاء الذين يستخدمون الخدمات المصرفية الرقمية، مثل نقاط المكافآت أو الخصومات.
3. تعزيز الثقة في النظام المالي:
• مكافحة الفساد:
اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الفساد في القطاع المصرفي.
• الشفافية:
زيادة الشفافية في التعاملات المالية، وتوفير معلومات واضحة عن أسعار الصرف والرسوم.
• الحماية القانونية:
توفير الحماية القانونية للمحولات والمستفيدين.
4. الترويج للمنتجات الاستثمارية:
• تقديم منتجات استثمارية تناسب مختلف شرائح العملاء، مثل الصناديق الاستثمارية والسندات.
• توفير خدمات المشورة المالية للمغتربين لمساعدتهم على إدارة أموالهم.
5. التعاون الدولي:
• إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول التي يتركز فيها العمال المصريون لتسهيل عملية التحويل.
• المشاركة في المنظمات الدولية المعنية بالتحويلات المالية.
6. الحملات التوعوية:
• توعية المغتربين: وذلك من خلال تنظيم حملات توعية للمغتربين بأهمية تحويل أموالهم بشكل رسمي وآمن.
• توعية المستفيدين من التحويلات بأهمية استخدام الأموال في المشروعات الإنتاجية.
آفاق المستقبل لتحويلات العاملين بالخارج في مصر:
من المتوقع أن تستمر التحويلات في لعب دور حيوي في الاقتصاد المصري، خاصة مع التوقعات بزيادة أعداد المصريين العاملين بالخارج. ومع ذلك، فإن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التحويلات يتطلب اتخاذ إجراءات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ويجب أن تكون السياسات المالية لتحويلات العاملين بالخارج جزءًا من استراتيجية شاملة لتعزيز الاقتصاد المصري، وكذلك تقييم هذه السياسات بشكل دوري وتعديلها حسب الحاجة، وأيضاً الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال.
* الدكتور مجدي الشيمي .. متخصص في الشؤون الأفريقية ومؤسس مبادرة حدوتة أفريقية وأمين المعهد الفني الصناعي بالصحافة .
اقرأ المزيد
الدكتور محمود أحمد فراج يكتب .. الاستثمار في التعليم : حجر الزاوية في بناء الإنسان المصري