أخبار عاجلةدراسات إفريقيةغرب افريقيا

لاكوراوا جماعة تهديد جديد للمشهد الأمني في نيجيريا

تظلّ  لاكوراوا الإرهابية في منطقة الشمال الشرقي في نيجيريا الإقليم الرئيسي للحركات الإرهابية التي تقوم بها جماعات إرهابية مسلحة مثل بوكو حرام وتنظيم داعش. وقد تطورت هذه الجماعات الإرهابية في هياكلها واستراتيجياتها، بالرغم من الحملات العسكرية المتعددة، ما يشكّل تهديدات مستمرة للاستقرار الإقليمي.

وهذا يقرّر ما للتحديات الأمنية التي تواجهها نيجيريا من التعقيد والطبيعة المتعددة الأبعاد، والتي تؤثر على جميع مناطق البلاد، مع العلم بأن العنف المسلح لا ينتشر في كل مكان في جميع أنحاء نيجيريا، بل يتركز في حدود جغرافية محددة.

أما بخصوص جماعة لاكوراوا، فقد ذكرت وسائل إعلام محلية أن ظهورها للمرة الأولى في شمال غرب نيجيريا يعود إلى عام 2018، عندما بدأت المجموعة في مساعدة السكان المحليين على محاربة العصابات المسلحة المعروفة باسم قطاع الطرق. لكن العلاقة سرعان ما توترت عندما بدأ السكان يتهمون مجموعة لاكوراوا بسرقة مواشيهم والسعي لفرض الشريعة الإسلامية الصارمة عليهم. فانسحبت المجموعة إلى المناطق الحدودية في النيجر ومالي لكنها قامت ببعض التوغلات في نيجيريا. وقد قال المتحدث باسم الدفاع النيجيري إدوارد بوبا، بأن الجماعة لم تعتبر في البداية تهديدا، مؤكدا بأن جماعة لاكوراوا قامت بتعزيز وجودها في نيجيريا بعد الانقلاب العسكري في النيجر في يوليو 2023، والذي أدى إلى وقف الدوريات العسكرية المشتركة على طول حدود البلدين.

وفي ديسمير 2023، أعادت مجموعة لاكوارا جمع صفوفها، بعد أن تم طردها في عام 2020 من قبل الأجهزة الأمنية المشتركة في البلاد. وكشفت عدة مصادر بأنه تمت دعوة هذه المجموعة من قبل القادة المحليين في منطقتي جودو وتانجازا في ولاية سوكوتو في عام 2017 للتصدي لتهديدات قطاع الطرق المتزايدة في ولاية زامفارا، ثم اندلعت أخبار في عام 2018 مفادها أن المجموعة كانت جماعة إرهابية تتخفى في هيئة رعاة.

و توسعت أنشطتهم منذ إعادة جمع صفوفهم في عام 2024. وقد أقاموا معسكرات في 10 مناطق حكومية محلية في ولايتي سوكوتو وبوتشي قبل أن تصبح عملياتهم مكشوفة للجمهور. يعد الشمال الغربي حاليًا المنطقة الأكثر رعبًا في نيجيريا، حيث توجد أربع ولايات في المنطقة من بين الولايات الخمس الأولى التي شهدت أكبر عدد من حوادث الاختطاف بين يوليو 2023 ويونيو 2024. وظهرت زامفارا وكاتسينا وكادونا في المراكز الثلاثة الأولى، وجاءت سوكوتو في المركز الخامس.

ما وراء تهديد لاكوراوا

داعش في أفريقيا لاكوراوا جماعة تهديد جديد للمشهد الأمني في نيجيريا

إن مجموعة لاكوراوا لم يكن ظهورها جديدا تماما، إذ ينبع إطارها الأيديولوجي والتنفيذي من جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان المعروفة بــــ  (JAMBS)، وهي شبكة إرهابية – مقرها مالي – تشتهر بمذاهبها المتطرفة. وقد كشف تغلغلهم في نيجيريا، وخاصة عبر ولايتي سوكوتو وكيبي، عن استراتيجية استغلال المظالم المحلية، والاستفادة من الجوع، وملء فجوات الحكم من خلال تشكيل النظام المتطرف. ومنذ ظهورها، كانت تعلن مسؤوليتها عن أعمال إرهابية مختلفة مثل الهجوم المسلح على السجن، ونصب كمين للجنود النيجيريين، وسلسلة من عمليات اختطاف المغتربين الأجانب.

وبحسب ما أثبته المراقبون الذين يتواصلون بالهاوسا والفولفدا والعربية، تتراوح أعمار أعضاء المجموعة تتراوح بين 18 و50 عامًا. وروى بعض الضحايا أن هذه المجموعة تقوم بترويع القرى ونشر الخوف والرعب فيها من خلال فرض وجمع الضرائب على المواشي، بحيث يأتون لحساب عدد الماشية في الأسر وحساب الضرائب الواجب دفعها، على أساس النسبة المئوية المأخوذة من الماشية. وتتحرك هذه المجموعة المتجولة، التي يعتقد الخبراء أنها مهتمة بنقل معقلها الخاصة، من مجتمع إلى مجتمع آخر على دراجات نارية، ما يصعّب تحديد موقعهم الدقيق على رجال الأمن. وتم الكشف عن أن المجموعة تضم ما بين 1500 إلى 1800 متابع، غير أن مراقبين آخرين قاموا بإنكار هذا العدد، معتقدين أن عدد أعضائها لا يزال أقل من 500. وتشير التقارير إلى أن المجموعة كانت تستدرج السكان المحليين بالمال والمدخلات الزراعية وآلات الضخ. وكما هو الحال مع استراتيجية تجنيد الإرهابيين التي تتبعها بوكو حرام، انضم العديد من الأشخاص إلى مجموعة لوكاراوا بسبب الفقر والجوع. وإن سكان القرى المتضررة خائفون جدا من الإبلاغ عن أعضاء جماعة لوكاراوا بسبب التهديدات الموجهة إليهم، حيث تهدف حملة التجنيد الحالية للمجموعة إلى زيادة أعدادهم.

على سبيل المثال، ما الذي يجعل منطقتي تانجازا وجودو موقعًا سهلاً للجماعة؟ تُظهر بيانات مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد في نيجيريا لعام 2022 أن منطقتي تانجازا و جودو من بين أفقر المناطق في سوكوتو، حيث تبلغ معدلات الفقر المدقع  92.5%  و 57.5% على التوالي. وهي أيضًا أقل المناطق تطورًا من الناحية التعليمية، حيث تبلغ الزيادة السنوية في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس حوالي 58%. وتستغل مجموعة لاكوراوا هذه الظروف لتعزيز تجنيدها، مستفيدة من ارتفاع معدلات البطالة، والفقر، وانخفاض التحصيل التعليمي، ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية. وتؤدي حدود نيجيريا التي يسهل اختراقها إلى زيادة الأمور تعقيدا، حيث تخلق مساحات كبيرة من المساحات غير الخاضعة للرقابة والتي توفر أرضا خصبة لمختلف الجماعات الإجرامية.

وقال محللون أمنيون لوكالة رويترز للأنباء أنه بإمكان أي تمرد آخر أن يزيد من زعزعة استقرار المنطقة ويدفع الجيش المنهك بالفعل إلى معركة طويلة الأمد. وأشار جيمس بارنيت، وهو باحث في معهد هدسون والذي أجرى عملاً ميدانياً في الشمال الغربي، إلى أن “حقيقة كون أعضاء لاكوراوا ينخرطون في الوعظ ويفرضون مراسيم قاسية على المجتمعات المحلية، يشير إلى أنهم طموحون، ومن المحتمل أن يفكروا في صورة كبيرة حول توسيع نطاق نفوذهم الإقليمي في نهاية المطاف”.

نحو التغلب على تهديد لوكاراوا في نيجيريا

download لاكوراوا جماعة تهديد جديد للمشهد الأمني في نيجيريا

ومما لا شك فيه أن الحكومة النيجيرية تدرك حجم التهديدات الأمنية التي تواجهها، والعثرات الواضحة التي تحول دونها، وكانت قد طلبت المساعدة للتغلب على تلك التهديدات. وإن صعود مجموعة لاكوراوا يسبب في تسليط الضوء على التحديات الأمنية التي تواجهها نيجيريا على الساحة العالمية. وباعتبارها أكبر اقتصاد في أفريقيا، فإن استقرارها أمنيّا يشكل أهمية بالغة للمنطقة. وإن لدى المجتمع الدولي، وخاصة منظمات مثل الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، مصلحة خاصة في دعم جهود نيجيريا في مكافحة الإرهاب، وكذلك تشير العمليات المشتركة الجارية مع تشاد والنيجر إلى خطوة إيجابية نحو التعاون الإقليمي. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود سيعتمد على الإرادة السياسية المستدامة، والتمويل الكافي، والتنسيق الفعال بين جميع أصحاب المصلحة.

وإن عودة الانقلابات العسكرية في منطقة غرب أفريقيا في الآونة الأخيرة يزيد من تعقيد المشهد الأمني، حيث يخلق عدم الاستقرار السياسي فراغا تسارع الجماعات المتطرفة في المنطقة إلى استغلاله. وإن الحاجة إلى إطار أمني إقليمي شامل لم تكن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وتقدم مبادرات مثل القوة المشتركة التي أنشأها مجموعة دول الساحل الخمس (G5 Sahel) والقوة المشتركة المتعددة الجنسيات (MNJTF) دروسا قيمة في بذل الجهود الأمنية التعاونية. ويجب على نيجيريا الاستفادة من هذه المنصات لتعزيز قدراتها التشغيلية ومنع المرور العابر لتهديد لاكوراوا عبر الحدود. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لمزيد من وكالات الاستخبارات والأمن التي يجب أن تنشر عملاء في مهمات سرية للعيش بين عناصر هذه المجموعة والتعرف عليها والعمل على قمعها قبل أن تصبح أنشطتهم أكثر انتشارًا. وكذلك يجب على قادة المجتمع والزعماء السياسيين أن يعملوا نحو  تخفيف حدة الفقر وحرمان الجماعة الإرهابية من فرصة تجنيد المزيد من السكان المحليين.

وينبغي للحكومة أن تتخذ إجراءات سريعة لاقتلاع هذه المجموعة قبل أن يترسخوا في ولايات أخرى مثل سوكوتو وكيبي وباوتشي. ويجب على الأجهزة الأمنية أيضًا أن تتخذ خطوات حاسمة لمنعها من إقامة شراكات مع قطاع الطرق والإرهابيين الآخرين في المنطقة الشمالية من نيجيريا. وكذلك يجب على البنية الأمنية في نيجيريا أن تتخذ خطوات حاسمة لقطع لوكاراوا عن الشراكة مع المنظمات الإرهابية الأخرى مثل بوكو حرام، وتنظيم داعش، وجماعة نصرة الإسلام، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي تنشط في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل. وذلك لضمان ألا يشكلوا تهديدًا أمنيًا أكبر للبلاد والمنطقة. وتظل إمكانية اختراق حدود نيجيريا بسهولة تشكل مشكلة كبرى، وبالتالي يتعين على الحكومة الفيدرالية أن تضمن مراقبة هذه الحدود بشكل جيد ونشر التكنولوجيا لمراقبة الأنشطة الحدودية لصدّ تهديدات خطيرة للأمن القومي للبلاد من خلال تعزيز تسلل المجرمين والأسلحة الصغيرة إلى البلاد عبر المجتمعات الحدودية. فإن تأمين حدود البلاد سيعزز هدف عميل الأمن في طرد المنظمات الإرهابية والإجرامية وتدمير طرق النقل والإمداد الخاصة بها. وأخيرا، فإن النهج التطلعي الذي يدمج التقدم التكنولوجي، والمشاركة المجتمعية، والقدرات الاستخباراتية المعززة سيكون حاسما في معالجة البيئة الأمنية المعقدة في المستقبل، نقلًا عن “الأفارقة للدراسات والاستشارات”.

إقرأ ايضا:-

الصومال .. الجيش ينفذ عملية عسكرية ضد مسلحين في هيران جنوب وسط البلاد

نيجيريا .. مقتل 20 مواطنا علي يد جماعة بوكو حرام

تشاد.. “بوكو حرام” تقتل 10 جنود بالقرب من الحدود مع نيجيريا

بوركينا فاسو.. المئات من إرهابيي ”  بوكو حرام ” يفرون من مخابئهم شمال شرق نيجيريا متجهين إلى النيجر 

مصر تدين الهجوم الذي استهدف القصر الرئاسي في تشاد

إطلاق نار قرب القصر الرئاسي في نجامينا .. ماذا يحدث في تشاد ؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »