الكاتب النيجري سليمان آل مختار يكتب : شهر رمضان في النيجر أجواء دينية وعادات اجتماعية

دولة النيجر إحدى دول غرب إفريقيا في منطقة الساحل والصحراء، ويحدها شرقًا: تشاد، وشمال شرق: ليبيا، وشمالا: الجزائر، وغربًا: مالي، وجنوب غرب: بوركينا فاسو، وجنوبًا: بنين ونيجيريا , وتبلغ مساحتها: 1,267,000 كم2. ويرجع اسم النيجر للنهر العظيم الذي يمر بالمنطقة الغربية من البلاد على مسافة: 550 كم.
يتكون الشعب النيجري من عدد من القبائل الرئيسة تتمثل في الهوسا، والسنغاي، و الزرما، والفلاته، والطوارق، والعرب، والتوبو، والكانوري، والغورمانتشي…
وينتمى ٩٩% من الشعب النيجري إلى الإسلام، ولا عجب في ذلك فإن الإسلام دخل في النيجر منذ القرن الأول الهجري؛ وذلك حين دخل الصحابي الجليل ” عقبة بن نافع ” رضي الله عنه بفتوحاته في جنوب قزان عام “46 هجرية ” إلى أن وصل منطقة ” “كوارا” في النيجر.
مكانة شهر رمضا لدى الشعب النيجري :
رغم مكانة شهر رمضان الشريفة في قلوب المسلمين، إلا أن لرمضان لدى الشعب النيجري مكانة خاصة تتميز بالتقدير والحب والشوق، وممتزجا بالعبادات والعادات الأصلية لشعوب النيجر.
فشهر رمضان لدى المسلم النيجري شهر عبادات وعادات وتنقية الروح والتأمل والأخوة، ويعتبر حلوله موسما لتصفية الخلافات الشخصية والضغائن النفسية، حيث يسعى كل واحد لمسامحة أخيه مما وقع بينهما من تشاجر أو شوء تفاهم؛ ليكون التعايش في الظل الرمضاني مبني على التآخي والمحبة.
وللمكانة التي يكتسبها رمضان لدى الشعب النيجري قررت الحكومة النيجرية تقليص أوقات الدوام في المؤسسات الحكومية وغيرها، وتقرير غداة ليلة القدر إجازة رسمية في الدولة، وقد أحسّ المجلس الانتقالي – الحاكم في البلاد – بمكانة التي يكتسبها رمضان لدى الشعب النيجري فجعل العشر الأواخر من رمضان إجازة رسمية لكافة المدارس النيجرية – ما عدا إجازة العيد المعهودة.
وهذا يعكس لنا مدى مكانة التي يكتسبها رمضان لدى الشعب النيجري.
وهذه المكانة التي يحتلها رمضان في النيجر لم تقتصر لدى المسلمين قفط، قفد تعدت إلى غيرهم من المسحيين؛ بسبب تأثُّرهم بالجوي الرمضاني، وفي مُقابلة – عبر واتساب – مع أحد القساوسة في العاصمة النيجري( نيامي) يقول القس ( لُورين): إن رمضان يكتسب مكانة لدى المجتمع المسيحي؛ وذلك بسبب تعايشهم للمسلمين في ظل دولة واحدة وتأثرهم بالجو الرمضاني في النيجر؛ ولأجل ذلك يحترمون مشاعر المسلمين في رمضان، حيث يتركون مباشرة ما يسيء إلى الصائم، كالأكل أمامه وكل ما يتضمن معنى عدم احترام صيامه، ولمكانة التي يتبوأها رمضان لدى المسحيين في النيجر يقومون بتهنئة المسلمين لدخول رمضان – وفي العيد أيضا – وإعطاء بعض الهدايا التي يتم تداولها – غالبا – في رمضان، كالسكر، والطعام وغير ذلك.
المسلم النيجري والاستعداد لقدوم رمضام
إن الاستعداد لاستقبال رمضا له أهمية بالغة لدى المسلم النيجري؛ لذا تجد كل فرد يهيىء نفسه لاستقبال هذا الشهر الكريم.
ويتمثل هذا الاستعداد في عنصرين أساسيين:
1 – الاستعداد المعنوي: ( الروحي والنفسي)
إن الاستعداد الروحي والنفسي لاستقبال شهر الصيام له أهمية بالغة لدى المسلم النيجري، حيث يبدأ ذلك قبل رمضان بحوالي 3 أشهر.
ويتمثل ذلك في النواحي الآتية:
أ- تدريب النفس على الصيام:
حيث يبدأ بالتدريب على الصيام للتقوية النفس على مباشرة صيام، ومنهم من يبدأ الصيام منذ شهر رجب – وخاصة الكبار السن؛ ولذلك يُسمون صيام رجب ب: AZUMIN TSOFAFI أي: صيام الكبار السن؛ لأن هم الأغلبية الساحقة في صيامه غالبا ما يصونه كله، وبعضهم يصومون رجب مع شعبان ثم يواصلون برمضان، منهم يبدأ من شهر شعبان ، منهم من يصوم جله، ومن يصوم أكثره، ومن يصوم بعضا منه، ومنهم من يقومون بتجويع أنفسهم، حيث يقللون في الأكل تدريبا على الصيام.
ب- تطهير النفس من أمراض القلبية:
كان المسلم النيجري يهتم بطهير نفسه من المعاصي والمآثم قبل قدوم رمضان؛ وذلك لتخفيف عبء الذنوب والخطايا.
منهم من بيدأ بتوديع ما اعتاده من المعاصي، كالدخين، وغيره؛ ولأجل ذلك تجد كثيرا ممن يتعاطى المخدرات يتركونه بتاتا خلال الفترة الرمضانية، ومنهم من يتسارع إلى رد المظالم إلى أصحابها تخفيفا على نفسه من الثقل، وهناك من يحبس نفسه عن حضور محافل الأغاني والرقص….وهلم جرا.
ج- تطهير النفس من الأمراض البدنية:
وبما أن بعض الناس يعانون من مشاكل صحية التي قد تحول بينهم وبين صيام رمضان، يقومون بالبحث عن العلاج – خاصة أصحاب الأمراض المزمنة – و أدوية أخرى تجنّبا لتفاجىء المرض خلال رمضان، ولأداء فريضة الصيام بدن عائق صحي.
2- الاستعداد المادي:
وبما أن المسلم النيجري كثير الاستهلاك – خاصة في المصاريف الأسرية – تجده يتهيأ لذلك قبل قدوم رمضان، ومن ذلك:
أ- ادخار ما يلزم تصريفه من الأموال في خدمة البيت والهديا ومساعدة الأقربين والجيران وذي الحاجة أو تكفل إفطار الصائمين في مسجد من المساجد، أو ناد من النوادي، واشتراء ملابس العيد للأهل ومن يلزمهم ذلك.
ب- اشتراء المواد الغذائية؛ لشؤون الأسرة خلال رمضان من إفطار، وسحور، والإنفاق في سبيل للقفراء والمساكين إلى غير ذلك.
ومن العادات التي يكمن اعتبارها مظهرا للاحتفاء باستقال رمضان لدى الشعب النيجري تنظيف المساجد وتجديد محتوياتها من دهان الحوائط والسجادات وتصليح ما فسد من أدوات المساجد ، وإعداد ساحة للمساجد وتهيئها لاستيعاب عدد كبير من المصلين،
كما يهتم شعب النيجر بتعجيل الزواج البنت إذا كانت مخطوبة؛
وذلك لأن زواج البِكر – غالبا -لا يُعقد في رمضان؛ لأنه يشتمل على حفلات و ولائم متنوعة، والتي لا يمكن إقامتها في رمضان؛ ولكون الأمهات يقصدون بتزويج بناتهم قي رمضان ليكون بداية خدمتهم لأزواجهم في هذا الشهر فتنال الأجر وبركة الشهر.
عبارات أهل النيجر في التهنئة بحلول رمضان :
هناك عادات لغوية وأمثال رمضانية لدى قبائل النيجر للتهنئة بدخول رمضان .
وبما أن دولة النيجر تتمع بقبائلها العريقة يوجد لديهم جمل وعبارات للتعبير أو التهنئة برمضان، حيث تجد أن لكل قبيلة ما تعبّر به في التهنئة برمضان حسب مصطلحات لغاتها.
وعبارات التهنئة برمضان لدى المسلم النيجري تتضمن معنى التهنئة والدعاء، ومن ذلك:
أ – قبائل هوسا : (BARKA DA CHIGA RAMADAN) ، أي: أهلا بدخول رمضان،
(ALLAH YA BAMU IKON AZUMTARCHI)
أي: أعاننا الله على الصيام والعمل
الصالح.
ب- قبائل زرما:
(BARKA DA MÊHAÜ KÂYO)
بمعنى: مبارك بدخول رمضان المبارك،
(MEHAÜ MA MABARÈ)
أي: رمضان كريم.
(IRKOY MATA ÌRÈ DA GÔYI HANÈ)
تقبل الله صيامنا وصالح الأعمال.
ج- قبائل الطوارق : (ALÂFIYATNL NAZÛM)
مرحبا برمضان، أو مبارك عليكم رمضان.
د- قبائل الفلان:
[ BARKA İ Yİ’İGO LEWRU BARKA I KODO , ALLH HULL’IN ]
[ BAHRAADU MA’ÌROU JAM]
وتعني العبارة الأولى: مبارك لرؤية الهلال.
والثانية تعني: نسأل الله أن يرينا انقضاءه سالمين.
ه- قبائل الكانوري :
[ BAR KIYI RODAWO ]
مبارك بإمساق الفم.
[ Bar acham bo ]
مبارك للصيام.
قبائل توبو :
[ OWWUURI OZUMNGA BARKARA DASU ALLAI AMMA GNNA WUDURASUNDA GALCHERI ALLAI BERKYAU JIGISSE ]
وتعني هذه الجمل: نحييكم شهر رمضان المبارك الذي حل علينا نسأل الله أن يرزقنا ببركاته، وأن يقضي حوائجنا وأن يبلغنا رمضان آخر.
ومن خلال هذه العبارات التهنئية لقبائل النيجر يتبن لنا مدى تقارب المعاني واشتمالها على معنى التهنئة والدعاء.
عادات وتقاليد خلال شهر رمضان في النيجر .
فالجو الرمضاني في النيجر ممتزج بالعبادات والعادات ويكتسب طابعا خاصا في البلد الذي يشكل المسلون فيه %٩٩.
وعندما تقترب غروب الشمس يكون شغل شاغل أهل النيجر رؤية الهلال، حيث يبدأ الناس في البحث عنه والسؤال عن رؤيته،
وعند ما يثبت رؤية الهلال يتم إعلان ذلك عن طريق مكتب الجمعية الإسلامية النيجرية، ثم بعد ذلك يقوم رئيس الوزراء باسم الحكومة لتقديم التهنئة للشعب والدعاء بأن يكون رمضان شهر خير وبركة للأمة النيجرية.
وأول ما يُبدأ به بعد ثبوت رؤية الهلال هو: الدعاء، وطلب المسامحة فيما حصل بين الناس من التباغض والخلافات، وبعد ذلك يتوجهون الناس نحو المسجد للصلاة، وقراءة القرآن، ثم يتصل ذلك بصلاة التراويح التي تهز كل أركان المدينة بمكبرات أصوات المساجد، في المدن الكبيرة، ويتصل بها قيام الليل الذي ينتهي بالشكل الجماعي قبل صلاة الصبح.
وبما أن الغالبية العظمى لمسملي النيجر أتباع المذهب المالكي كانت صلاة التراويح عشر ركعات ثم يتبعها ركعتي الشفع وركعة الوتر- هذا في أغلب الأماكن -، ومنهم من يختم القرآن في صلاة التراويح في النادر.
أما عن صلاة القيام – المعروفة بالتهجد – فهي تكون حسب نظام المساجد،؛ لأن بعض المساجد يلزمون أنفسهم بختم القرآن في صلاة القيام، فيكون بعضهم يصلون ثلاث عشر ركعات فما فوق، ويقرأون في كل ركعة نصف الحزب – غالبا – مما يعنى أن كل يوم يقرأون ستة أحزاب أو أكثر، ويختمون في ليلة تسعة وعشرين – غالبا.
ولقد جرت العادة في النيجر خلال الفترة الرمضانية يجافى النوم أعين النيجريين، وفي هذا لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة، والصغير والكبير؛ بل الجميع يتجه إلى المساجد: للصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتكون المساجد عامرة بالمصلين والقُرّاءِ، في الليل والنهار.
وتكون ليالي رمضان ليالي السهر والحركة الدائبة في المدن الكبيرة والمتوسطة، بل حتى القرى النائية الهادئة الوديعة في لباس الليل يكسر صمتها بمجالس التفسيرية الذي تبدأ مع بداية أول رمضان، وتتصل بليلة تسعة وعشرين – غالبا -.، ويعتبرون المجلس الختامي للمجالس التفسيرية بمثابة حفلة، حيث يتم الإعانات عن ذلك ويحضرها السلاطين والشخصيات الرسمية وغيرهم.
ومن العادات الجميلة لأهل النيجر؛ سيما مع بداية رمضان يتم تبادل الهدايا بين المعارف والأصدقاء، حيث يتم تقديم سكر المكعبات، أو المواد الغذائية أو حتى المال، وأصبح ذلك عادة متجذرة في الشعب النيجري، بل أصبح ذلك من العرف حتى في المؤسسات الحكومية، بداية من مكتب رئيس الدولة والوزارء، والمؤسسات الأهلية والأجنبية.
أما عن ليلة القدر فحدث ولا حرج فإن له شأن كبير جدا، بحيث يتضاعف فيه الأعمال، قرءاة القرآن، النواقل، وتكون العيون ساهرة إلى الصباح، وفيها يتوجه الرؤساء والشخصيات الرسمية والسلاطين إلى المساجد لإحيائه،
وفي العاصمة النيجرية( نيامي) يخرج كلٌّ من: رئيس الدولة والورزاء وكبار مسئولي الحكومة والبرلمانيين ورجال القضاء ورؤساء المحاكم إلى المسجد الكبير المعروف ” بمسجد القذافي” ؛ لإحياء ليلة القدر، بتلاوة القرآن الكريم، والتوجه إلى الله بالدعاء، ويعتبر غداء ليلة القدر إجازة رسمية في الدولة كما سبقت الإشارة.
ومن التقاليد المتعارف عليها لدى الشعب النيجري : مايقومون به الأولاد من التمثليات التقليدية ليالي رمضان والتي تسمى ب: ” TÂCHÊ” أو ” ASURÈ ASURÈ”، حيث يتنقلون الأولاد بين الطرقات والأزقة يقفون أمام البيوت يضربون الطبول يرقصون وينشدون بشكل مثير للدهشة،
حتى يخرج رب البيت ويعطيهم شيئا من المال أو السكر أو غير هذين، ثم ينتقلون إلى بيوت أخرى هكذا يفعلون في أكثر ليالي رمضان.
ومن العادات التي تميز شهر رمضان بها في النيجر إيقاظ الصائمين بالقرع على الطبول قبل وقت السحور والتي يقوم بها المسحراتي الذي يطلق عليه في النيجر ” YAN TÂCHÊ “. أو شيئا من هذا القبيل.
لكن هذه العادة الأخيرة قد أصبحت شبه معدومة في المدن إلا في القرى والبوادي؛ وذلك بسبب بقيام بعض المؤذنين بذلك بعد أدائهم لآذان الأول فيشروعون في إيقاظ الصائمين بقولهم : ( AMÔTSA KADA KUMAKARA) أي: استيقظوا لئلا تتأخروا، وفي بعض المساجد يُشغلون قرءاة القرآن عبر مكبرات الأصوات ليكون ذلك علامة لوقت السحور.
موائد الإفطار والسحور في النيجر:
وحين تأخذ الشمس في الغروب تتشوق النفوس إلى الإفطار وتتنوع موائد إفطار النيجريين، كلٌ بحسب فئته ومكانته في المجتمع، بحيث يكون الإفطار غالبا من الأطعمة الشعبية المصنوعة والخضروات والمشروبات وغيرها.
من المشروبات الغالبية في الإفطار لدى الشعب النيجري: “عصير ليمون” مخلوط بنعناع وزنجبيل والسكر الذي يطلق عليه ( ليمون هاري، أو ليمون ذاقي)، “والعجين” المصنوع من الدخن مخلوط باللبن والماء والسكر، والذي يطلق عليه ( فَرَوْفَرَوْ)، ” والمديد” المصنوع من الدخن وهذا الأخير غالبا تجده عند قبائل هوسا والكانوري، ويطلق عليه ( كُنُو)
وأما الشاي الأخضر أصبح من العادة لدى النيجريين طبخه عند الإفطار؛ سيما عند قبائل الطوارق.
والفواكه من البطيخ و أناناس والموز والليمون أصبح من الازم تقديمها في الإفطار وكذلك والماء المثلج.
ومن عادات أهل النيجر بعد الإفطار عدم تناول الأطعمة الثقيلة؛ لئلا يمنعهم من أداء صلاة التراويح؛ ولذا يفضلون تناول الطعام الخفيفة، وغالبا تكون من أوراق الشجر مثل: “كوبتو” وهي أوراق مورنغا، ولأهل النيجر طريقة خاصة في تجهيزه، وهذا طعام مشهور لدى الشعب النيجري؛ سيما قبائل زرما،
ومن الأطعمة المتناولة في الإفطار: ” أوراق الخس السلاطة ” ( SALADE)، و ” البطاطس المقلي، والسمك، واللحم المشوي والذي يسمونه: “brochette” بالفرنسية
و ” DAN WAKE”، وغيرها.
وهذه الأطعمة الإفطارية تجدها في المدن،
أما أهل القرى والبوادي تجد عندهم أطعمتهم العادية الخاصة الخالية من المواد الصناعية، مثل المديد والعجين والماء المبرد بطريقة تقليدية،
ومن العادات عند أهل البوادي – خاصة – لدى قبائل الطوارق يصنعون مشروبا مزيجا من التمر الهندي – والذي يطلق عليه( ساميا)، وقطع من البصل و قطع ما يسمى ” غوروبا” وإضافة بعض الأعشاب المتوفرة ويُخلط بهذه الأشياء ويشرب.
وهو مشروب مفيد لحر الشمس والمسالك البولية والمعدة، ويكثرون شربه خلال رمضان.
ومن العادات الجميلة لأهل النيجر: الإفطار الجماعي، حيث تجتمع الأسر على مائدة الإفطار، والبعض يجتمعون على أبواب بيوتهم بغية مشاركة المآر والغريب، وتلعب المساجد دورها في تنظيم الإفطار الجماعي قلما تجد مسجدا قي النيجر يخلو من موائد الإفطار،
وللمنظمات الخيرية دورها في الإفطار الجماعي، حيث تقوم العديد من المنظمات بتنظيم الإفطار الجماعي وتوزيع الطعام للأسرة المحتاجة – في القرى والبوادي -.
وأما في السحور:
فغالبا ما الطعام يكون فيه العصيدة مخلوط بالإدام ” الملوخية أو غيرها، ويتم طبخ الطعام في الليل وتسخنه في وقت السحور وأكله.
توديع رمضان لدى الشعب النيجري :
وحين يقترب رحيل رمضان يشتغلون أهل النيجر بالاستعداد بعيد الفطر من خلال شراء ملابسهم الفريدة للأطفال والرجال والسيدات، الملابس التي يطلق عليها ” شدّا بازين – غالبا – أو لايش”، أو غيرها من الملابس الموجودة في النيجر.
ومن عادات أهل النيجر أنهم يفضلون شراء ملابس العيد في منتصف شهر رمضان، لتسهيل وجود الخياطة في وقت مبكر؛ ولكي يتمكنوا من قضاء العشر الأواخر في طاعة الله، والاعتكاف.
وبدنو انتهاء رمضان يأخذون أهل النيجر في الاستعداد لشراء أطعمة أيام العيد، وغالبا تكون من لحوم الطيور الحبشية، أو الدجاج، أو اللحوم الحمراء، والأرز و اسباغيتي، والكسكس وغيرها من الأطعمة اللذيذة.
وباقتراب ليلة العيد يشرعون أهل النيجر في إخراج زكاة الفطر مأكّدين على فرضيتها، حيث تُخرج من الدخن أو الأرز أو الذرة الصفراء أو اسباغيتي أو الكسكس أو غيره من قوت أهل البلد، قلما يتخلّف أحد عن إخراجها وإن كان فقيرا، ومن الصعب تجد من يخرجها نقدا.
أما ليلة العيد في النيجر فإنه يأخذ شكلاً آخر، حيث تكون المدن والأسواق مزدحمة؛ جدا لإكمال شراء ما يلزم لأيام العيد، ولا ينقطع التنقل بين الشوارع والمحلات والأسواق إلى قبَيْل الصبح – غالبا – ، ويرافق ليلة العيد شئيا من الشعائر الدينية والتقليدية.
أما يوم العيد فهو يوم يسوده الفرح والسرور في جميع أنحاء النيجر، يوم للتزين والأكل والشرب وصلة الأرحام وطلب الغفران ودعاء الله أن يتقبل الصيام والأعمال،
و أول شيء يبدأون به صبيحة يوم العيد إيقاظ الأولاد وتجهيزهم للتوجه نحو المصلى،
وصلاة العيد في النيجر غالبا ما تكون في وقت متأخر الساعة ٩ صباحًا في المدن والقرى.
وبانتهاء الصلاة العيد يقومون بالمرور على الأهل والأقارب والجيران والمعارف والأصدقاء لتقديم التهنئة من خلال كلمة ” BARKA DA SALLA”، أي عيد مبارك أو ما شابه ذلك،
ويشرعون في توزيع وتهادي الأطعمة على العائلة والجيران وتناوله جماعيا على الطرقات والأبواب وداخل البيوت، ثم تبدأ عملية صلة الأرحام ( الزيارات ) بين بيوت الأقارب والأصدقاء وغيرهم.
ومن بين التقاليد المميزة لعيد الفطر في النيجر خروج السلاطين التقليدية على الخيول، كان لهذا الموكب السلطاني مكانته الخاصة، حيث ينتظرها الشعب النيجري المسلم وحتى غير المسلم؛ ويقفون على جنبات الطريق لمشاهدة تلك المواكب، والتي تضم جماعة من حواشيه، كما تضم أيضًا فرقة من الفنانين متوسطين حول السلاطين والأمراء، ويقومون بتسلية السلطان بكلماتهم الشعبية في طريقه إلى المصلى، ويضربون الطبول وينشدون بأنواع من التواشيح والمواويل الشعبية، وإطلاق البنادق التقليدية،
هكذا يتم مرافقة السلاطين التقليدية إلى المصلى ذهابا وإيابا.
ويتبع أيام العيد عادات وتقاليد شعبية متنوعة كسباق الخيول أمام بيوت السلاطين، ومهرجان الثقافات وغيرها من تقاليد المميزة لأهل النيجر.
ختاما:
إن مثل هذا الاحتفاء والمرافقة الممزوجة بالعبادات والعادات التي يعيشها هذا الشهر المبارك، لَدليل ساطع على المكانة الكبيرة التي يحظى بها شهر رمضان لدى الشعب النيجري، وهذه المكانة ليست وليدة السنوات الماضية، ولا علامة في تاريخ القرن، بل هي قديمة قدم الإسلام وتعاليمه في غرب أفريقيا بصفة عامة، وفي النيجر بصفة خاصة، وهذا يؤكد من زاوية أخرى من تمسك الشعب النيجري بعاداته وتقاليده الإسلامية السمحة النبيلة.
إقرأ المزيد :